الثلاثاء 2017/04/25

آخر تحديث: 14:40 (بيروت)

ماكرون وبريجيت... "لوليتا الصبي"

الثلاثاء 2017/04/25
ماكرون وبريجيت... "لوليتا الصبي"
ماذا لو كان ماكرون أستاذاً وأحب تلميذته ابنة الـ15 عاماً؟
increase حجم الخط decrease
بالغت الصحف ووسائل الاعلام في الحديث عن علاقة المرشح للرئاسة الفرنسية ايمانويل ماكرون، وزوجته بريجيت، التي تكبره بربع قرن، وكانت معلمته في المدرسة وانفصلت عن زوجها لتتزوجه... لا نريد العودة الى تفاصيل القصة التي باتت معروفة ومستنفدة ومحط انظار وسائل الاعلام، ومن سلبياتها أنها غطت على مشروع ماكرون السياسي، ودوره في اختراق نمطية الاحزاب التقليدية الفرنسية (اليمين واليسار)، وشغلت الرأي العام أكثر من أفكاره وطموحاته. لكن ما يمكن قوله أن هذه القصة، وإن وصفها البعض بأنها غير مألوفة، فهي في الواقع ليست سوى جزء من قصص "غريبة" لكنها نافلة في النسيج الفرنسي، خصوصاً في الأوساط السياسية وقصر الايليزية والطامحين الى كرسي قصر الايليزيه، اذ تكاد تكون قصص العشق والحب عند الرؤساء الفرنسيين جزءًا من طقوسهم المعتادة التي يتقبلها المجتمع الفرنسي ويعدها جزءًا من عاداته...

ويمكننا القول أن أخبار "العشق السياسي" الفرنسي، ربما توازي أخبار الجواري في القصور العثمانية وأيام هارون الرشيد، إذ لكل جارية قصتها المثيرة وأشعارها ومسارها ودراميتها، وفي فرنسا لكل رئيس قصصه الغرامية "الغريبة"... يعرف كثيرون قصة حب نابليون وجوزفين، هو قدم لها كل ما يستطيع ليسكن قلبها، لكنه فشل، وهي فضّلت ضابطاً متواضعاً على امبراطوريته. ففي العام 1798 ودع نابليون جوزفين وذهب في حملة على مصر، وكانت جوزفين تحب البذخ والثراء... باختصار، تلقى نابليون خطاباً من اخيه جوزيف يفيد بأن جوزفين وقعت في حب شاب وسيم وتنفق أمواله، وكانت صدمةً تلقاها نابليون في غزوته.. ضحك بسخرية وقال: لقد تحطمت سعادتي! سلطانه لم ينفعه في المحافظة على عشيقته، لقد هزم في الحب، وخانته العشيقة...

ولكل رئيس فرنسي قصصه، بعضها يشغل الرأي العام، وبعضها الآخر يمر مرور الكرام. وبالتأكيد تبدو أسرار القلوب السياسية الفرنسية على صدر صفحات الصحف وفي الكتب، كأنها مادة دسمة للتسلية وتزجية الوقت وحتى التوظيف السياسي. فحين نذكر جاك شيراك، لا بدّ أن نتذكر أن الفرنسيين كانوا يطلقون عليه "الدونجوان الفرنسي"، وقد اشتهر بعلاقته مع النجمة الإيطالية  كلوديا كاردينالي. وكاد يفترق عن زوجته بيرناديت لكي يتزوج من الصحافية التي تعمل في صحيفة "لوفيغارو". فرنسوا هولاند الهزيل، له قصصه، وقبله جيسكار ديستان... وثمة قصص كانت أكثر حضوراً من غيرها، وأبرزها غراميات  نيكولا ساركوزي الذي تزوج وطلّق وأحب، وذات يوم اشتهى زوجة صديقه ومقدم البرامج جاك مارتان، ووقع في غرامها. وظلت علاقتهما سرية إلى أن فُضحت في العام 1986 ما أدى إلى طلاقه من زوجته الأولى، والزواج من زوجة صديقه سيسيليا. وبعد 11 عاماً من الزواج، وفوزه في الانتخابات الرئاسية في 18 أكتوبر 2007، أعلن قصر الإيليزيه انفصالهما. فلم تقع الزوجة في غواية أن تكون السيدة الأولى، وفضّلت الحرية على الكرسي. أما ساركوزي "النسونجي" لم يبق طويلاً بلا امرأة، اختار امرأة لديها ما يشبه الجموح في علاقتها بالرجال ووسائل الاعلام، وهي عارضة الأزياء والمطربة إيطالية الأصل كارلا بروني، وتزوجها العام 2008... بروني امرأة في علاقات متشابكة، اعتزلت مهنة عرض الأزياء في بداية ثلاثيناتها لتعود إلى عالم الأضواء والشهرة بحلّة جديدة. فقدّمت نفسها مغنية بوب وحققت بعض النجاح. خلال مسيرتها المهنية، واعدت مجموعة من الرجال الأغنياء والمرموقين، مثل الثري دونالد ترامب (الرئيس الأميركي راهناً) ونجم السينما كيفين كوستنر ومغني الروك البريطاني إريك كلابتون.

كانت بروني تعيش مع الناشر الفرنسي جون بول إنثوفن. لكنها ما لبثت أن وقعت في غرام ابنه، الفيلسوف رافايل إنثوفن الذي يصغرها بعشر سنوات، فتزوجا، بعدما طلّق زوجته، جوستين ليفي، ابنة الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي. لكن ليفي انتقمت العام 2004 عندما كتبت رواية عنوانها Nothing Important (لا شيء مهماً) استندت إلى قصة سرقة زوجها. غير أن بروني لم تكترث لذلك كله، لأنها كانت تحتفل بنجاحها الخاص.. فمنذ أن دخل ساركوزي قصر الإيليزيه، باتت أحداثه تشبه القصص الدرامية: حب، وجمال، وإثارة. كل هذه العناصر جعلت الرئيس وزوجته مادة صحافية غنية، إلى أن غادرا وخفت بريقهما....

على أن العلاقة الأشهر والأكثر درامية وتشويقا في الايليزيه، تبقى بين فرانسوا ميتران وعشيقاته. ولم يقتصر حب ميتران على خيانة زوجته مع عشيقة واحدة، بل تعدى ذلك إلى عاشقات كثيرات برزن في السر والعلن، لكنه حاول على الدوام إخفاء علاقات شملت أسماء معروفة أمثال: النجمة داليدا، والصحافية السويدية كريستينا فورسن وغيرهما. وسبق للشاعر والروائي شاكر نوري، أن تناول علاقة الرؤساء الفرنسيين بالعشق بشكل مفصل في مجلة "الفيصل"، ووصف بإسهاب مشهدية الدارما الحقيقية في لحظة وداع ميتران، فقد كانت دموع الوداع مشتركة بين امرأتين غريمتين، الزوجة والعشيقة، جمعتهما جنازة الرئيس، فكانت الصدمة التي أصابت الفرنسيين لا للعلاقة بل لإخفاء هذه العلاقة. كانت زوجته دانييل، معروفة في أروقة قصر الإيليزيه، وآن بينجو، عشيقته التي عاشت في الظل. وبينجو لم تتمكن من الإفصاح عن حبها للرئيس، رغم أنها أنجبت منه مازارين التي فضحت هذه العلاقة عندما كبرت، فكانت الابنة غير الشرعية، وسرعان ما سجلها على اسمه، وتبين أن ميتران بعث أكثر من 1200 رسالة حب إلى آن بينجو على مدى 33 عامًا.  

وعلى هذا، لا عجب في أن يكون ماكرون عاشقاً لمعلمته، أو لامرأة بعمر والدته. هي لعبة الحب التي تكسر جدران التقاليد، طالما أن ركيزتها الشغف...

أحسب أنه مهما كان شكل الحب في النسيج الفرنسي (السياسي)، فهو متوقع ومألوف، لكن السؤال الذي قد يراودنا هو: ماذا لو بدّلنا في الأعمار بين ماكرون وزوجته؟ بمعنى ماذا لو كان ماكرون استاذاً وأحب تلميذته ابنة الـ15 عاماً، أي القاصر، وهو يكبرها بربع قرن... ماذا كانت ستقول الجمعيات النسوية والحقوقية؟! 

بشكل آخر، قصة ماكرون مع بريجيت، تستحضر رواية "لوليتا"، لكن بطلها هذه المرة... صبي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها