الخميس 2017/02/23

آخر تحديث: 08:07 (بيروت)

خلود ياسين لـ"المدن": وحده الجسد هو البطل

الخميس 2017/02/23
increase حجم الخط decrease

مساء الجمعة المقبل، سيستقبل "مسرح المدينة" عرض "أبطال" للراقصة والكوريغراف خلود ياسين (24، 25، 26 شباط). ويدور العرض حول العلاقة بين الجسد والصورة والسلطة، إذ تعمد ياسين، ومن خلال حركتها، إلى إبرازها، وجعلها مرئية، متكئةً على تأدية لحظات معينة من السير الجسدية لمجموع من الشخوص، من صدام حسين إلى محمد علي كلاي، مروراً ببيونسيه والليدي غاغا.

عن "أبطالـ"ها، عملها، ورقصها، هنا، مقابلة لـ"المدن" مع ياسين.


- متى بدأتِ العمل على "أبطال"؟

*بدأت العمل على هذا العرض منذ عامين، لكن، بطريقة متقطعة، إذ اختلف عن أعمالي السابقة، التي كنت أشرع فيها بالتعاون المباشر مع أخي الموسيقي خالد، وذلك، من خلال إهتمامنا المشترك في العلاقة بين الحركة والإيقاع، وفي صلتهما بالوقت أيضاً. في عرضي الجديد، طريقة العمل مختلفة، بحيث انطلقت من مراجع صورية وفيديوية وفيلمية، تدور في أغلبها حول السلطة وشخوصها، واستبدلت الإرتجال، الذي لطالما اعتمدته، بإعادة إنتاج المشاهد وايماءاتها الجسدية التي أختارها منها، قبل أن أدرجها في سياق آخر، بمعنى إقدامي على تطويعها لصالحي.


- وخالد...

*في العادة، يكون خالد منخرطاً في الحركة عبر الموسيقى، لكن، هذه المرة، كنت أرسل إليه الصور والفيديوات والمشاهد بمعزل عن تفاعلي الرقصي معها، بالتالي، عمد إلى تأليفه الموسيقي، أو الصوتي عموماً، على حدة، فالمقاطع التي اقترحها للعرض هي عناصر مستقلة عنه، لا تتصل مباشرةً بالحركة بقدر ما ترافقها، أو بالأحرى تجاورها.


- تكلمتِ عن مراجع، فما هي؟

* تنوعت المراجع بين السياسة والفن الشعبي والرياضة، ففي الأولى، هناك لحظة إعدام الدكتاتورين صدام حسين ومعمر القذافي، فضلاً عن هتلر وموسيليني، وفي الثاني، هناك مايكل جاكسون وبيونسيه وليدي غاغا، أما، في الثالثة، فهناك استناد إلى فيلم ليني ريفنستال، Olympia، عن الألعاب الأوليمبية في زمن النازية الألمانية (1936)، بالإضافة إلى حركات الرياضيين على أنواعهم، من لاعبي كرة قدم والعدائين وغيرهم، وهذا، عدا عن إهتمام خاص بالملاكم الأسطورة محمد علي كلاي.


- هل انتبهتِ في رقصك إلى لحظات معينة في السير الجسدية لهؤلاء الشخوص؟

*اعتنيت في رقصي بمجموع من حركاتهم المتعلقة بلحظة صعودهم، أو ذروتهم، وبلحظة انهيارهم، أو سقوطهم، وطبعاً، بين هذين الحدين، لم أغض النظر عن طرقهم في تأدية أبدانهم بوصفها صورة السلطة أو قالبها، فقد كان همي هو ملاحقة أجسادهم على طول حضورها على مسرح القوة، وسبل تمثيلها لهذه القوة قبل أن تفقدها. علماً، أن العرض هو بمثابة سلسلة متواصلة من الصعود والإنهيار، سلسلة لا تتوقف.


- كيف تنظرين إلى لحظة إنهيار الجسد وسلطته؟

* عندما ينهار الجسد، تسقط السلطة التي يمثلها، ولا يعود بمقدوره أن يركب صورته من جديد، وهذا على إرتباط بالتساؤل الذي أطرحه عبر حركتي في "أبطال"، بحيث أنني أسعى إلى تأدية الجسد في أثناء ابتلاع الصورة له، وفي أثناء استحواذه على مكانتها، وفي أثناء انفكاكها عنه، وحلوله هزيلاً بدونها. إحدى الطرق، التي وجدتها تعبر عن هذا المسار، من الطلوع إلى الهبوط، هي الذهاب من العمودية إلى الأفقية، فالقذافي على سبيل المثال، وفي حين كان يلقى حتفه أرضاً، كان لا يزال يحرك يده عالياً بشكل يوحي بأنه يحاول إمساك سلطته وصورتها من جديد، وهذا، مع أنها كانت، وأسوة به، تحتضر، وتلفظ أنفاسها الأخيرة.


- هل صنع عرضك قصة حركية كاملة للجسد في علاقته مع السلطة والصورة؟

*اخترت لحظات حركية وإيمائية، ورتبتها وراء بعضها البعض، أكثر مما صنعت قصة جسدية تامة، وأعتقد أن الأساس في التأدية هو كيفية التحول من لحظة إلى أخرى، فمثلاً، أقع على حركة أحد الرياضيين وأوصلها بحركة أحد الدكتاتوريين، وذلك، أولاً، لكي أحافظ على اشتغال الجسد، وثانياً، لأبين تطوره من وقت ابتلاع الصورة له، وتحكمها به، إلى وقت انكفائها عنه، فما أريد قوله أن الجسد، في نهاية مطافه، هو البطل الوحيد، الذي يدفع ثمن سيطرة السلطة عليه، وتمثيله لها، وخسارته لقوتها.

- في هذا المجال، وبعيداً عن "أبطال"، أو ربما، قريباً منه، ما علاقتك بجسدك كراقصة، لا سيما أنك، وقبل أن تستنزفي طاقته في فنك، تستنزفيها في مشاغلك اليومية؟

* قبل أن يكون جسدي وسيلة فني، هو وسيلة عيشي، ولذلك، أهجس دائماً في إبعاد الخطر عنه، مثلما أواظب على تمرينه طبعاً، أكان عبر الرقص في الاستديو، أو من خلال ممارسة الرياضة. لكن، ما أجده قاسياً في علاقتي به هو تحملي لحدوده، بحيث أنني، وفي بدايات رقصي، كان سؤالي: "ماذا بإمكان جسدي أن يفعل"، ورحت اكتشف حدوده، التي لا يمكنني أن أتخطاها، أو أميل عنها، وإلا سيعرضه ذلك للكسر والأذية، ولاحقاً، صرت أعي أن هذه الحدود هي التي تكفل متانته، وأن التبرم منها لا معنى له. الرقص يعني أن تكون صادقاً مع جسدك، فلا تستولي عليه، ولا يستولي عليك، أن تعفيه من المشقة، وفي الوقت نفسه، تدربه على إطاقتها.


- ما رأيكِ بالمشهد الكوريغرافي اليوم في مدينتنا؟

* هذا المشهد في تحرك وتبدل دائم، وذلك، على عكس ما كانت حاله قبل عشرة سنوات، حيث كان الرقص يعني فرقة كركلا وبعض المبادرات الفردية، التي ترتبط بالرقص الحديث. اليوم، صار هناك عدد من الراقصين المختلفين، وهناك تواصل بينهم، مثلاً، من جهتي، وبين وقت وآخر، أجتمع بأليكس بوليكيفتش ودانيا حمود، ونتحادث في شؤون فننا وإشكالياته. هذا ما كنا نفتقر إليه من قبل، وهذا، ما يضمن تطورنا.

 

 

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها