الثلاثاء 2017/11/21

آخر تحديث: 12:44 (بيروت)

سيرك هاشم تايه

الثلاثاء 2017/11/21
سيرك هاشم تايه
increase حجم الخط decrease
تتيح زيارة معرض هاشم تايه ( ١٩ نوفمبر) فرصة التمعن عن قرب في المنمنمات الكاريكاتورية التي دأب الفنان على نشرها على صفحته في الفيسبوك.

يمكنك الآن أن تتساءل بحرية: من أين أتت كائنات لوحات هاشم تايه وتخطيطاته؟ هذه التشويهات المتعمدة للكائن الإنساني؟

أيكفي القول إنها قدمت من لاوعي اللحظة العراقية الراهنة، من غير التدليل على أن هذه اللحظة ممثَّلة بسيرك يجري خلف الأبواب المغلقة؟ أم إنها هي نفسها تشويهات لشخصيات هذا السيرك مرة بعد مرة بلا انقطاع أو شعور بالحياء واللياقة الاجتماعية، تعويض رمزي لقهر لا يُعوَّض بأي اعتبار؟

أجل، المسوخ والأقزام والمهرجون الشهوانيون هم "نحن" وقد نزعنا أردية الواقع اليومي، اردية المنزل والقاعات الفارهة والمكتبات وما أشبه من حقيقتنا الزائفة، واندمجنا بأدوار السيرك المقام في مكان ضيق، وكأننا كائنات أخرى غيرنا.

وما مدى قبول هذا التوكيل الفني الذي تبرع به فنان من طينتنا؟ أهو قبول مطلق ومشاركة أم إنه اتفاق بعرض محدود ضمت لوحاتِهِ قاعةُ بيتٍ تراثي من بيوت العهد العثماني؟

اندمجت/ اندمجنا في جو البيت القديم، وضاعت فرصة عزل حقيقتنا الراهنة عن تمثيلات التاريخ الذي هيأ لنا هذا السيرك المقبوس من أعماق شعور السكان الارستقراطيين الذين نزلوا البيت منذ مئات السنين ثم غادروه طوعا او قسرا. نحن، أبناء اللحظة الحاضرة الاعتيادية، ننسب حقيقتنا إلى الخيال الفنتازي او السوريالي الغريب وننسى صلابة الواقع المحيط، الذي بعث بأيقوناته مزججةً ومصغرةً في بضعة سنتيمترات كي تلعب أدوارَ تاريخهِ المنسيّ المشوهِ المديد حتى القيامةِ/ السيرك.

مزق صغيرة من دفتر او كراسة رسم ترتصف في قاعة البيت التراثي.. كائنات تقاوم مسخها وشوهها/شهوتها. خطوط وكتابات وايقونات بدائية. هي مادة هذا السيرك الذي يمثل نظرتنا إلى دواخلنا المستورة بعناية أخلاقية وتأويلات ثقافية ولياقة اجتماعية رفيعة.

المعرض/ السيرك فضيحتُنا لا أقل ولا اكثر. وكلما صغرَ حجمُ هذا التمثيل الفاضح (مثل عضو ذكريّ ضئيل ومضحك في تخطيط سريع) تضخمَ شعورنا بالأهمية التي تتيحها قاعة عرض نادرة في وقتنا الثقافي القاحل. 

السيرك مفتوح لمدة أسبوع في قاعة جمعية الفنانين التشكيليين بالبصرة، في بيت هو واحد من سلسلة بيوت (نظران) الخشبية القديمة. فرصة نادرة فعلا لاختيار زاوية نظر خاصة بك.


(*) مدونة كتبها القاص العراقي محمد خضير في صفحته الفايسبوكية
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها