الأحد 2017/11/19

آخر تحديث: 09:42 (بيروت)

كمال جنبلاط... قصة طابع

الأحد 2017/11/19
كمال جنبلاط... قصة طابع
increase حجم الخط decrease
ما أعرفه عن الصديق علي عبد الأمير عجام أنه شاعر واعلامي.. الجديد انه بعث لي عبر المسنجر صورة طابع مع استفسار عن الرسام الذي وضع رسما توضيحيا لبنت صغيرة تعزف، احتل كل مساحة الطابع، فقلت له فورا: منصور البكري!

وهنا حدثته عن ملصق اعلاني عن الزعيم اللبناني كمال جنبلاط، كنت صممته وانا طالب في معهد الفنون وصدر كطابع، لم احتفظ بنسخة منه، كما اني لم أعثر على صورة له، وفجأة ظهرت صورته امامي، وكتب: اتقصد هذا؟
- نعم انه هو الف شكر!
هل جديد عجام جمع الطوابع، وربما تأليف كتاب عنها!

في ذلك العام، كانت قاعة النحت في معهد الفنون الجميلة- بغداد. الأيدي مغموسة في الطين، والطلبة منهكون في عمل (بورتريه) نحتي.
يدلف رافع الناصري ويسر في اذن الاستاذ المشرف بعض الكلمات، ثم يلتفت إلينا: غدا نبدأ في عمل الملصقات، والطلبة الذين وقع الاختيار على تصاميمهم يهيئون انفسهم وسكيتشاتهم. معلوم، وانت يا علي سمعت أنك ترسم الكاريكاتير حبذا لو تدخل هذا الأسلوب في تصاميمك للملصق، ثم متى سترسمني؟

رافع الناصري الفنان المعروف، ورئيس قسم الغرافيك في المعهد، يطلب مني ذلك ارتبكت وتلعثمت، ولا أدري كيف خرجت الكلمات من فمي... عفوا استاذ لو احصل على صورة شخصية لكم... و...

-لا.. لا.. اجلس امامك وترسمني، هذا تحدٍ.. ها..ها (لاحظ ارتباكي المتعاظم) لا عليك لنؤجل الموضوع الى وقت اخر.

اخترت لملصقي حادث اغتيال الزعيم اللبناني كمال جنبلاط موضوعاً، وفضلت أن انقل صورة جنبلاط من صورة فوتوغرافية اشتهر بها، من دون اضافة جرعة كاريكاتيرية احتراما للرجل، مع اضافة أثر طلق ناري، وقطرة دم مسالة حول الأثر على صدغه، واحتلت الصورة ثلثي التصميم، في حين احتل رسم كاريكاتيري لثلاثة قرود وضع احدهم، وعلى رأسه شماغ وعقال عربي يديه على عينيه في دلالة على انه لا يرى.

القرد الثاني اعتمر قبعة برز في مقدمتها شعار دولة اسرائيل وضع يديه على اذنيه، ليقول إنه لا يسمع، اما القرد الثالث الذي وضع قبعة العم سام على رأسه، فأغلق فمه بيديه في إشارة الى أنه لن يتفوه بشيء!

اعجب الناصري بمخطط الملصق، ونزل معي الى ساحة المعهد الواسعة، حيث بدأ بقية الطلبة في تنفيذ تصاميمهم على لوحات بقياسات تقارب المترين طولا، وأعطى توجيهاته بتخصيص احداها لي، وأشار لي بأن أبدأ العمل فوراً.

كنت اشتغل على اكمال رسم توضيحي لقصة للاطفال في مبنى مجلة "مجلتي"، عندما دخل أحد الاداريين في معهد الفنون الجميلة مرسم المجلة برفقة مدير ادارة المجلة، وزعق: انت هنا والدنيا مقلوبة عليك!

وفي الطريق حدثني الموظف عن افتتاح معرض الملصق، وزيارة مفاجئة قام بها عضو القيادة القومية لحزب البعث الحاكم للمعهد، واعجابه الشديد بملصقي، وطلبه مقابلتي.

وفي المعهد التقيت الناصري، وعميد المعهد اللذين نقلا بدورهما اعجاب الرافعي بالملصق، واقتراحه بنقله بعد انتهاء المعرض الى لبنان، ولن أنس توصية الناصري بأن أطلب من الرافعي عند مقابلته ارسالي في بعثة دراسية الى خارج العراق، وهو ما لم استطع ان افعله، كما لم اطلب شيئا آخر عندما استقبلني الرجل بحفاوة ظهيرة اليوم نفسه، وسلمني، وهو يشيد بموهبتي مظروفاً اذكر ان محتواه كان خمسين دينارا.

الجانب الاعلامي والمعنوي في اهتمام الرافعي بالملصق كان أكبر، فالصحف التي نقلت خبر زيارة الرافعي، كتبت عن تكريم الرافعي واعجابه بملصقي، وعن نقله الى لبنان.

ولم تمض سوى ايام حتى تلقيت عرضاً من مؤسسة البريد العراقية لاصدار الملصق كطابع، وهو ما حصل لاحقاً.

(*)مدونة كتبها الفنان العراقي علي المندلاوي في صفحته الفايسبوكية
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها