الجمعة 2017/10/20

آخر تحديث: 12:22 (بيروت)

أحمد سعداوي عن الحلم الكردي

الجمعة 2017/10/20
أحمد سعداوي عن الحلم الكردي
increase حجم الخط decrease
(*) الحلم الكردي منذ قرن هو إقامة الدولة الكردية.
أي شخص يحاول تجاهل هذه الحقيقة سيحرم نفسه من رؤية وفهم المشهد الكردي بشكل جيّد.
الاعتزاز القومي والمشاعر القومية كانت دائماً هي المحرّك للروح الكردية.
حتى أني، شخصياً، كنت أتضايق منها، باعتبار تجربتي السيئة كمواطن تحت سلطة دولة بخطاب قومي استبدادي.

***

لم يستقر الكرد العراقيون أبداً ولم يهنأوا طوال تاريخهم، إلا بعد 2003، وإن بشكل نسبي، قياساً بتاريخهم المليء بالآلام والمحن.
كانت الرؤية العامة لدى النخبة الكردية التي وازنت بين حلم الدولة والمشاعر القومية، وضرورات السياق التاريخي الخاص؛ هو اختيار النظام الفيدرالي داخل دولة العراق. كان هذا اختياراً كردياً على ضوئه بني النظام السياسي العراقي الجديد ما بعد 2003.
وكما جرى بناء هذا النظام بالتوافق، في أروقة المعارضة العراقية ما قبل اسقاط صدام، فان المنطق يفترض أن الخروج من هذا النظام، يجب أن يكون بالتوافق مع الدولة التي أنت شريك فيها.

***

بتجاهل هذه الحقيقة فإن اعلانك الاستقلال يعني تدمير النظام السياسي العراقي بكامله، وليس مجرد خيار شخصي تتحمل وحدك تبعاته.

***

حلم الدولة لم تعطله الفيدرالية، والمشاعر القومية لم تذب في "المشاعر الوطنية العراقية" لأننا قبل كل شيء فشلنا على مدى 14 عاماً في خلق هذه الوطنية.

***

المشاعر القومية الخاصة وحلم الاستقلال هو في قلب وروح كل كردي، وكان الاستثمار السياسي لهذه المشاعر لدى بعض النخب الكردية حكيماً، من خلال الافتراض أن هذا الحلم باقٍ في الأفق، ولكن الظروف لم تنضج لتحقيقه على الأرض، وما وجود الكرد داخل العملية السياسية العراقية إلا من أجل مراكمة الأسباب والظروف والعوامل التي تسهل الاقتراب من حلم الدولة في أفق 20 أو 30 سنة من بدء العملية السياسية [2003] على الاقل حسب تصريح تلفزيوني للراحل جلال الطالباني.

***

من الضروري الانتباه الى هذه النقطة جيداً؛ الكردي يعمل داخل إطار الدولة العراقية بطاقة معنوية قادمة من تعلقه العاطفي بحلم دولته الكردية المستقبلية، التي، واقعاً، قد لا تتحقق أبداً، ولكن بقاء الحلم يسهل استمراء النظام الفيدرالي والعمل ضمنه.
اليوم ماذا حصل؟
لقد أحرقت نخبة الديمقراطي الكردستاني وحلفاء البرزاني هذا الحلم بحركة متعجلة لا مبرر لها وضد كل القراءات المنطقية التي كانت تتنبأ بالانتكاسة لاحقاً.
لقد سجّل البارزاني نفسه في التاريخ باعتباره أقام أستفتاء على الانفصال والاستقلال الكردي، ولكن على حساب الحلم نفسه.

***

كانت الفيدرالية هي طريق طويل، [وربما طويل جداً والى ما لا نهاية!] باتجاه حلم الدولة الكردية.
ولكن هذا الحلم تعرض اليوم الى طعنة عميقة. ينظر الكردي المعبأ بمشاعره القومية وحلم الدولة، باحباط ويأس، ويرى أن هذا الحلم صار بعيد المنال أكثر من ذي قبل.
إحباط الحلم القومي للكردي لن يجعله وطنياً عراقياً في اليوم التالي!


(*) مدوّنة كتبها الروائي العراقي أحمد سعداوي في صفحته الفايسبوكية
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها