الإثنين 2017/01/16

آخر تحديث: 13:35 (بيروت)

كنت وحيدة تماما لا أملك إلا حكايتي(*)

الإثنين 2017/01/16
كنت وحيدة تماما لا أملك إلا حكايتي(*)
increase حجم الخط decrease
قبل عامين ونصف خرجت من طرابلس. كنت اركض لاهثة حتى أصل أرضا صلبة اقف عليها.. واتوازن قليلا، قبل ان استعد للعدو مسافات أطول. خرجت ولم التفت الى الوراء ابدا، قررت أن لا يغافلني شعور الندم، حتى وانا اسمع اسم ليبيا في تونس وتدمع عيني لا أدري لماذا.. لم يكن حنينا ولا شوقا، كنت ابكي خذلانا وخيبة.

وقبل عامين مثل هذا اليوم وصلت هولندا، كانت قفزة إلى المجهول، وسماع نداء داخلي ومن حولي أن لا عودة وقتها بكيت كثيراً، كنت ممسوسة بخوف مما ينتظرني، تحررت من نصفه بفضل اصدقاء لن اذكر اسماءهم الآن ولكن كل من دعم قراري في تلك الليلة حتى بكلمة أو اتصال لن انساه، كنت وحيدة تماما لا أملك إلا حكايتي..

أول كلمة وصلتني من صديق يطمأنني على أن ابني سيكون تحت رعايته (تهني عليه) .. مسحت نصف الخوف ثم حديثا مع صديقة في المانيا وصلتني بصديق رائع في هولندا وكان اتصالا هاتفيا وكان يتحدث بهدوء وكلما زاد شرحه لي عن البلاد وعما قررت يزيح جبالا من الهموم والغيوم وتتوضح الرؤية اكثر للطريق..

عامان الآن استطيع ان أكرر ما كتبته ذات صباح طرابلسي "نلجأ إلى العزلة لأنها وحدها، تحملنا في رحلة غوص واكتشاف لذواتنا، أما نعود محملين بجوهرة الحقيقة، أو بالاسئلة الحارقة، في كلتا الحالتين، يفرض سخاء المعرفة تقديم كل ما تم اصطياده للآخر"..

اختيار المنفى ليس فعلا سيئا نعاقب أنفسنا عليه ليل نهار، ونتحدث عن الغربة المفترضة تلك التي قرأنا عنها في بداية القرن العشرين، اليوم لا ارى الغربة الا في القلوب التي فقدت القدرة على الحب وفي الروح التي لم تعد تقبل الآخر، الغربة هي ألة الحرب التى تشتغل ليل نهار، لا توجد غربة حقيقية وأنت في الشمال تملك كل وسائل الاتصال صوت وصورة، أما رائحة وعناق من نحب هي ما نفتقد، وحتى أكون أكثر واقعية، حينما كنت في طرابلس تمر شهور قبل أن يجمعني لقاء بأخواتي بسبب السفر والانشغالات هذا لا يعني اني لا اشتاقهم ولكن يمكنني الاطمئنان عليهم كل لحظة ..

هنا .. أجد نفسي حققت شروط الاندماج بالانتماء أولا الى عالم يشبهني من الخارج، حيث انت غير مطالب أنت تكون نسخة عنهم يكفي ان تقبل تعلم اللغة وتقبل بدفع ما يترتب عليك من التزمات وتطبيق القانون ثم عيش حياتك.

ما كتبته اليوم عن حياتي هنا وقرار اخذته وأنا امضي الى الامام واحدث المرأة الاخرى التي في داخلي واقول لها: يكفي خطوات الى الوراء... الحنين والشوق والندم والبكائيات دجل أخرق لا اصدقه فكيف يصدقه الاخرون.. لنمضي قدماً غداً يوم آخر...

(*) مدونة كتبها الروائية الليبية المقيمة في هولندا رزان نعيم المغربي على صفحتها الفايسبوك
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها