الأحد 2017/01/01

آخر تحديث: 14:07 (بيروت)

تفاصيل لا أفهمها جيدًا

الأحد 2017/01/01
تفاصيل لا أفهمها جيدًا
انتهت صلاة الجنازة، وذهبت أفكر في رجل الأمن الذي يتساهل مع المارة
increase حجم الخط decrease
 
1
بينما فاتها قطار الزواج، قررت السيدة المُسنة تحقيق حلم ارتداء فستان الزفاف. سارت به في شوارع الإسكندرية وحدها وسط دهشة المارة، قبل أن "ينكشها" أحدهم متعاطفًا معها، فيقرر القيام بدور "العريس".

تواطأ مارة على إكمال حلم السيدة. مبادرة إنسانية غير معتادة. أوصلوها مع العريس المُتعاطف إلى قاعة زفاف كانت اتفقت مع إدارتها لتُكمل تمثيليتها الخاصة. بعد قليل سينتهى الأمر، وتنتشر الصور في "فايسبوك". الحكاية ليست عادية، لكنها مفهومة.

في اليوم التالي لانتشار الصور، سينُشر خبر في بعض مواقع إخبارية:
"عقب تداول قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي وارتدائها فستان زفاف وحجز قاعة أفراح وعمل حفل زفاف تمثيلي مع شاب تعاطف مع حالتها، ألقت قوات أمن الإسكندرية، القبض على مسنة في العقد السابع من عمرها وتنوي إيداعها مصحة نفسية للعلاج".

أقارب السيدة قالوا إنها تعاني حالة نفسية فعلًا، بينما رفضت الشرطة الإفراج عنها إلا بعد تعهُّد أهلها بعدم تكرار ما حدث.

قضيت ساعات أفكر، محاولًا معرفة أضرار ما حدث. قالت الشرطة: "إن أهالي حي محطة الرمل تعاطفوا معها ونظَّموا مظاهرة تضامنًا معها". نعم، التظاهر ممنوع، ولو من باب التمثيل إرضاء لسيدة عجوز حلمت بفستان الزفاف!

2
عند مدخل الكنيسة التي سنودع فيها التشكيلي المصري جميل شفيق، توقفت لإخراج ما معي من معادن ووضعه جانبًا كي أمر عبر البوابة الإلكترونية، التي هي نفسها بوابة كشف المتفجرات. ابتسم رجل الأمن وتطوع مشيرًا لي أن أعبر من خارج البوابة: "اتفضل يا فندم". نظرت له ببلاهة. لم أكن أتصور أن هذا يمكن حدوثه، بعدما دخل أحدهم بطريقة مشابهة إلى الكاتدرائية المرقسية في قلب القاهرة، وفجّر نفسه في عشرات المسيحيين الذين راحوا ضحية رغبته في دخول الجنة.

وقفت في صلاة الجنازة أُفكر. القاعة الممتلئة بالأقباط والفنانات والفنانين، هي قاعة مثيرة لشهية أي من هؤلاء الطامحين في دخول الفردوس الأعلى من وسع.

مر نعش جميل شفيق محمولًا. كان ذهب بعد شهور من رحيل أقرب أصدقائه علاء الديب. سقط وسط الرسومات والألوان وأجواء الفن التشكيلي التي عاش في القلب منها فوق الـ50 سنة. كان ضيف ملتقى الأقصر السنوي الدولي للتصوير، غير أنه لم يكمل الملتقى حتى آخره، وأشاع الحزن بين شوارع وتفاصيل الحياة الثقافية المصرية. حزن اعتادته المقاهي والبارات وأماكن تجمع الأصدقاء، منذ سنوات قريبة، حيث لا يمر عام إلا ويأخذ معه شيئًا كبيرًا من الفنانين الكبار، كأنها صفحة كبيرة تُطوى.

انتهت صلاة الجنازة، وذهبت أفكر في رجل الأمن الذي يتساهل مع المارة، وتذكرت الفيديو الذي تسلل إلى صفحات التواصل قبل يومين، عندما استضاف عمرو أديب أحد رجال البحث الجنائي، ومعه رأس انتحاري الكاتدرائية، بعد ما تم تجميعها من أسفل آثار التفجير. بينما رأيت هذه المسألة مدهشة، رأى الجميع أنه عادي: "شكرًا عمرو لأنك رددت على من يشككون في قصة الرئيس". لم أفهم.

3
تيران وصنافير مصرية، يقول أصدقائي في فايسبوك. لكن الحكومة المصرية أقرت أخيرًا أنها سعودية، محيلة الامر إلى مجلس النواب، غير معتنية بتفاصيل كثيرة داخل أروقة المحاكم. تفاصيل لا أفهمها جيدًا. لكنني أعرف أن بعض الشبان ذهبوا وراء القضبان، كان أشهرهم المحامي الحقوقي مالك عدلي، على خلفية المعركة.

في البداية قال السيسي ما يعني إن أمه طلبت من ذات يوم: "متاخدش حاجة مش بتاعتك".
وفي البداية، أيضًا، قال ماركيز، على لسان بندثيون أم الجنرال في "خريف البطريرك": لو كنت أعلم أن ابني سيصير رئيسًا للجمهورية لأرسلته إلى المدارس.

4
إسلام البحيري: "أنا آخر سجين رأي، وخروجي بعفو رئاسي لا يعني إلا انتصار الرئيس لحرية الرأي والتعبير"!

إسلام الذي دفع به الأزهر إلى ساحة المحكمة، قال هذا بينما عدد غير معروف من سجناء الرأي والصحافة قابعين داخل السجون، وبينما اقتحم الأمن نقابة الصحفيين، وبينما واجه النقيب نفسه حُكمًا قضائيًا لأسباب في ظاهرها فتح مقر النقابة أمام مطلوبين، وفي باطنها، ليست بعيدة عن رغبة السلطة في كسر نفس الجميع.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها