الإثنين 2016/07/25

آخر تحديث: 14:01 (بيروت)

كارينا الحلو لـ"المدن": للآثار "صدى صامت".. علينا الإصغاء إليه

الإثنين 2016/07/25
increase حجم الخط decrease
من 17 أيلول حتى 17 تشرين الأول، ستنتقل جمعية STUDIOCUR/ART، وبالتعاون مع الأونيسكو ومتحف سرسق وغيرهما، إلى بعلبك، وتحديداً إلى المتحف الأركيولوجي في المدينة، حيث ستفتتح فعاليات معرضها(وهو من تنظيم كارينا الحلو وديان زكار أبيلا)، الذي أعطته اسم "الصدى الصامت". فخلاله، وعلى طول شهر من الوقت، ستعمد الجمعية إلى مد الصلات بين الآثار من ناحية، والفن المعاصر من ناحية أخرى، مهمومة ً بالتلاقي والمشتركات بينهما. ففي ذلك الحيّز، الذي يجاور قلعة بعلبك، ويذوي تحت وطأتها، سيجتمع عدد من الفنانين على تقديم أعمالهم، التي لا تنفصل عن المبحث الأركيولوجي، ولا عن انشغالاته. ومن هؤلاء، زياد عنتر، وثيو ميرسييه، وباولا يعقوب، وسوزان هيلر، ومروان رشماوي، ودانيا داكيك، وAi wei wei، وكل منهم، سيقدم عمله الخاص بوسائله ووسائطه التجهيزية والبصرية والصوتية. 
عن المعرض وشؤونه، هنا، مقابلة لـ"المدن" مع مديرة STUDIOCUR/ART، كارينا الحلو.

- لماذا اخترتم مدينة بعلبك لتكون مجال معرضكم؟ 
* انطلقنا من بغية اننا لا نريد ان نحصر عملنا في بيروت، كما انطلقنا من اهتمامنا البحثي بالآثار، وفي الوقت عينه، قابلنا بلدية بعلبك، وكانت مستعدة للتعاون معنا، بحيث اننا نفتش عن موقع أثري ملائم لمشروعنا. اذاً، حصل تقاطع بين اهتمامنا وإرادة البلدية، بالتالي، قررنا الدخول الى متحف المدينة، وفتحه امام اعمالنا. فلهذا الرجاء قيمة مجهولة، اذ يحوي آثاراً من كل منطقة البقاع الشمالي، مثلما انه، وهذا ما نشدد عليه، مساحة معرفية. قررنا العمل فيه، وليس في القلعة، لان البروز في ازائها مستحيل، نتيجة ضخامتها، وحظوتها.

- واخترتم الاعمال الفنية المعروضة على هذا الأساس، اي علاقتها بالآثار؟
* نعم، كما اننا اخترناها في سياق ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تدمير لآثارها، فلكي نشعر بقيمة حطامنا، علينا ان نفهمه ونتعرف عليه، وذلك، من خلال الفن المعاصر، الذي بمقدوره أن يتناوله من سياقاته المتنوعة.

- لكن، أليست هناك مخاطرة في ربط المعرض بالمتحف؟
* لا اعتقد، لكنه تشجيع على الثقافة المتحفية، التي تزال حتى اليوم غائبة عن الناس، فللآثار صدى في حاضرنا، علينا اكتشافه، والإصغاء إليه.

- إلى ماذا تردين هذا الغياب؟
* إلى عدم وجود برمجة متحفية فعلية، بالاضافة الى إبعاد الثقافة الأركيولوجية عن الثقافة العامة، عدا عن الاكتفاء بطرح المتاحف كأنها أماكن للزيارة السنوية فقط، وليست مجالا للعروض والمحاضرات. ثمة تصورات نمطية عن المتاحف، باعتبارها قديمة، وتحوي أشياء لا طائل منها.

- ما هي الاعمال التي سيتضمنها المهرجان؟
* يدور المعرض حول "مفاهيم-مفاتيح" عدة: أولها، الإيكونوكلازم، أو تحطيم الأيقونات والتماثيل، وثانيها السياحة، وثالثها علم المتاحف، ورابعها الماضي المندثر، وخامسها الهوية الوطنية، وسادسها التعارض بين المحلي والمتعولم. وبالإنطلاق من هذه المفاهيم، سيطرح المعرض إستفهاماته عن علم الأركيولوجيا وراهنها، مثلما سيقارب اللغات الميتة كآثار أيضاً، بالفضل عن نظره إلى المباني النافلة، أو غير المنجزة، التي لا تُصنف آثارية، لكنها سرعان ما تأخذ معنى آثاري، وهذا ما يعمد إلى بيانه عمل مروان رشماوي. وفي المطاف اياه، ستفتح باولا يعقوب ملف التنقيب الاركيولوجي في تسعينات القرن المنصرم في بيروت، مثلما سيبيّن عمل ثيو ميرسيي العلاقة بين الاثار والطقوس. أما، آي وي وي، فيبني عمله حول الدمار، وكيفية استخلاص نظرة إلى العالم منه،  فيطلب من الزائرين الجلوس، والتحدث، كأنه يريد منهم البحث في مستقبل جامع لهم، مستقبل قريب من "الأغورا" Agora، أو بالأحرى يجري تشييده عبرها. وإذا أردت هنا أن ألخص الشأن العام للمشروع فأقول إنه يفكر في عالمٍ، إختلافنا فيه، لا ينفي عيشنا، ولا القيام بلغاتنا وحضاراتنا الخاصة، داخله. طبعاً، لبعلبك هنا رمزية تاريخية...

- لكن، ألا يتعلق هذا بخطاب سائد حول الحوار الحضاري، و"الأغورا" العالمية، وفي نتيجته، قد يأخذ الكلام عن المعرض منحى تبشيرياً نوعاً ما..
* لا أعتقد ذلك، في حين أنه لا يزال الكثير من الناس ممنوعة عن الكلام، فالأغورا هنا متعلقة بكيفية التكلم عن حضارتنا وبلغتنا.

- غير أن هذا يبقى خطاباً من الخطابات التي تكاد تحتل كل شيء، حتى الفن، في حين أن الأخير منوط بمواجهتها، لأنها تفاقم الأزمة، ولا تحلها.
* من الممكن القول أن المشكلة تتعلق بغياب ثقافة "الأغورا" في المؤسسات المجتمعية والتعليمية، فلا يمكنك أن تتكلم بلا أن يكون لديك شيء لتتكلم عنه، لذلك، لا بدّ من العمل، وصرف الجهد في هذا السبيل، علّه يؤدي إلى نتيجة، ولو كانت ضئيلة، كأن يتأثر أحد زائري المتحف، ويذهب نحو البحث أكثر في الشأن الأركيولوجي، لا سيما أن هذا الشأن طارئ ومهم.

- نتيجة التدمير الذي يحصل...
* ونتيجة الردم أيضاً، فكم عدد المواقع الأثرية التي رُدمت في لبنان، وشيدت الأبنية فوقها؟!

- صحيح، وليس هناك اهتمام كافٍ بهذه المشكلة...
* لا وجود لتمويل...

- وهي مشكلة تمويل فقط؟
* ومشكلة أبحاث وجهود مبذولة في إطارها أيضاً...

- أعود إلى بعلبك، هل سيحث "الصدى الصامت" الناس على زيارتها؟
* أتمنى ذلك، ولهذا السبب، ستتخلل المعرض محاضرات ونقاشات عدة في المتحف، مثلما ستجري دعوة طلاب المدارس إلى زيارته. فهذه المدينة، التي تتعرض للكثير من التنميط، أو التي تُختزل بقلعتها وطعامها، هي جديرة بالزيارة، والعمل الفني فيها، أسوة بباقي المدن والمناطق. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها