الثلاثاء 2016/06/28

آخر تحديث: 13:29 (بيروت)

أشباح سيد درويش.. مهرجون في "المترو"

الثلاثاء 2016/06/28
increase حجم الخط decrease
يتكئ كباريه "مترو المدينة"، منذ انطلاقه على التراث الغنائي العربي. يظهر هذا واضحاً في عروض المسرح الغنائي التي يقدمها أسبوعيا، من "هشك بشك شو" الذي يعتمد على الأغاني المصرية من النصف الأول من القرن العشرين، الى "كلاكيت" أغاني محمد عبد الوهاب و"متروفون" أغاني وداد، وصولا اليوم الى "مسرح سيد دروش" الذي يستعيد الأغاني المسرحية التي قدمها مؤسس الغناء العربي "الحداثي" في أواخر العقد الثاني من القرن العشرين.

تؤدي الأغاني بشكل أساسي المغنية المصرية مريم صالح، التي تستكمل تعاونها مع مدير "المترو" هشام جابر و"مترو المدينة" في هذ العمل. لا يطمح "مسرح سيد درويش" لتشكيل مسرحية جديدة من الأغاني التي أخرجت من سياقها المسرحي الأساسي. ولا يتعدى الموضوع سوى التخلي "عن وظيفة اللحن الأساسي في خدمة مزاج معين ووضعه في سياق جديد أو لعبة جديدة أقرب الى مسرح العرايس"، بحسب ما يقول جابر في حديث لـ"المدن".

لا تبدو بنية عروض هشام جابر المسرحية الغنائية واضحة بشكل دائم، فهي كما يظهر ما زالت في طور أقرب الى التجريب ومراكمة التجارب، لتشكيل قاعدة يقوم البناء عليها مستقبلا. تبقى العروض إذاً أقرب الى الحفلات "الممسرحة" مع خلفية تتغير بحسب الموضوع او المزاج الذي يحاول جابر إيصاله للجمهور. ينطبق هذا على عرض الأربعاء 29 حزيران، والذي يظهر كأنه استحضار "أرواح" سيد درويش، ويستخدم تأثيرات فنية كرتونية تعطي انطباعا "شبحيا" على العمل.

تؤدي مريم صالح دور مهرج حزين، يحاول تقديم ترفيه للجمهور، مع فرقة من مهرجين آخرين. تشير صالح للتشابه بين شخصية المهرج الحزين وشخصية سيد درويش "بالنسبة إليّ، سيد درويش والشيخ إمام من أكثر الذين أراهم شبيهين بالمهرجين وحين يتركان خشبة المسرح نرى وجههما الثاني، الكئيب"... ويبدو واضحا أن خيار جابر انتقاء ثيمة "المهرج الحزين"، لا يبتعد عن شخصية صالح نفسها، فهي عملت كمهرج مع والدها لفترة طويلة في مصر في عمر مبكر، ولا يلزمها الكثير من الجهد لرؤية هذا الجانب من شخصيتها والذي ظهر واضحا في أغنية "انتحار الباندا المصرية" التي عرضت ضمن "أغاني سرفيسات".

يحاول العرض تقديم ترفيه للجمهور لا يبدو أن له أي علاقة بمسرحيات درويش الاصلية. لكن وجه الشبه بينهما هو المساحة التي يعرض فيها. تقول صالح "معظم أعمال درويش كانت تعرض في "تياتروهات" تشبه الكباريه مثل "مترو المدينة" الذي يأتي رواده إليه من أجل الترفيه، وتناول الطعام وشرب الكحول"، انتشرت تلك الأمكنة في ذلك الوقت بعد فوعة المسرح الغنائي في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وصار الفنانون يتسابقون لتشكيل فرق مسرحية مثل سلامة حجازي ونجيب الريحاني ومنيرة المهدية، وكانت تلك المسارح هي الخيار الترفيهي الأول لأبناء المدن قبل مجيء السينما واحتلالها هذا الحيز. يحاول مترو المدينة اعادة الإعتبار لهذا النوع من الترفيه، ويستمد أعماله من تلك الفترة ويحاول تقديمها بأشكال وأنماط جديدة.

قدم درويش خلال حياته القصيرة 31 مسرحية، شارك في تأليف الأغاني وتلحينها، وامتلك فرقته المسرحية الخاصة لفترة، ويستعاد اليوم بعض تراثه الذي له علاقة بمناسبات سياسية او اجتماعية. فدرويش بحسب صالح يشبه "إلهاً" للموسيقى الشرقية في مصر وهو يُرى مثل الأهرامات، وكنا نغني نشيدنا الوطني وهو من كلماته وألحانه صباح كل يوم في المدرسة". يلعب هذا دوراً في اخفاء جزء من تراث الرجل وخاصة ذلك الذي يعطي ايحاءات اباحية او سياسية لا تتلاءم مع الصورة التي كرّست عنه أو مع الواقع السياسي والاجتماعي الحالي. لكن لا يبدو أن هذا التراث سينضب على الرغم من مضي كل هذا الزمن وما زلنا نشهد ظهور أغان جديدة تستعاد بحسب المرحلة التي تلائمها.


الأربعاء 29 حزيران ٢٠١٦
الفرقة:
مريم صالح: غناء
مارك ارنست: بيانو
بشّار فرّان: كونتر باص
عماد حشيشو: عود
أحمد الخطيب: إيقاع 
سهيل الزيتوني: ناي
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها