الخميس 2016/04/28

آخر تحديث: 12:30 (بيروت)

منع الأردنيين عن مشروع ليلهم

الخميس 2016/04/28
منع الأردنيين عن مشروع ليلهم
حملة ضد منع مشروع ليلى في الاردن
increase حجم الخط decrease
مضحكٌ هو قرار المنع الذي أصدرته السلطات الأردنية حيال حفلة "مشروع ليلى" على المدرج الروماني في عمّان. ذلك، أنها تدرجت في تسويغه من حجة كاريكاتورية إلى حجة ساقطة، أي من مخالفة الفرقة لـ"أصالة الموقع الأثري" إلى تمثيلها "الإنحطاط الثقافي الذي لا يتناسب مع قيم المجتمع". وطبعاً، لكي تقدم مؤسسة ما على النظر إلى "مشروع ليلى" على هذا النحو، لا بد أن تكون طاعنة في خوفها القوي، مثلما من الضروري أن تكون طاعنة في جمودها الرجعي، ولا شك أن الجهات الرسمية في الأردن، كما في غيره من بلدان العالم الناطقة باللغة العربية، تستوفي هذين الشرطين وأكثر. وهي لا تستند إليهما في ممارسة الرقابة على الفن سوى لما يقف جسمها الديني أمامه، وهو، هنا، الكنيسة وبوليس حراستها، أي "المركز الكاثوليكي للإعلام والدراسات".

فقد اجتمع كل من دائرة الآثار العامة، ومحافظة العاصمة، والنائب بسام البطوش، والأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى الكنيسة ومركزها إياه على الإعتقاد بكون "مشروع ليلى" فرقة "لا أخلاقية"، تعارض بأغنياتها "القيم والعادات والتقاليد"، وتتناول عبرها "الجنس والمثلية الجنسية والدعوة إلى الثورة على الحكومات والمجتمعات". بالتالي، قررت تلك السلطات وشخصياتها إلغاء حفلة "ليلى"، وإبعادها عن "المجتمع"، الذي ترغب في "إفساده" و"هتك محرماته" بدءاً من إسماعه كلمات "تسيء إلى الرموز الدينية"، وصولاً إلى "إهاجته" عبر الرقص. فالفرقة، بحسب المعتدين عليها وعلى جمهورها، ستحرك "الأردنيين"، وستحضهم على "شهواتهم وغرائزهم"، وهذا أمر ممنوع ومحرم، خصوصاً أنه "صُنع في الغرب".

إنها "المؤامرة" الموسيقية التي يقودها حامد سنو، وهايغ بابازيان، وفراس أبو فخر، وكارل جرجس، وإبراهيم بدر، على الأردن. هذا ما قالته السلطات، وهذا ما كتبه المأهولون بها، الذين وجدوا في الفرقة "عصابة ماسونية تعبر عن ميوعة الفضائل الإنسانية". فعلياً، قرار الحظر الذي اتخذ بحق حفلة "مشروع ليلى" يبعث، أولاً، على السخرية، ومرد ذلك، إلى أن السلطات على قناعة بقدرتها على منع الأردنيين من الإستماع إلى أغنيات الفرقة المنتشرة إنترنتياً. كما أنه يبعث، ثانياً، على الذهول، نتيجة إفراط السلطات في حشد النعوت التنميطية، واجترارها المقولات الوهمية، التي، وفي كل مرة، تريد أن تضرب جهة فنية أو تحرم عملاً إبداعياً، تعمد إلى نشرها حوله.

نافل القول إن تلك المؤسسات المتسلطة لا تستطيع منع الفن، ولهذا السبب بالذات، تقدم على تحريم ظهوره. فأن تتفق جميعها، من  دائرة الآثار العامة إلى الكنيسة، على إلغاء حفلة "مشروع ليلى"، فهذا إشارة إلى تجنيد كل ضعفها لكي تأخذ قراراً، تعده نافذاً وحاسماً، مثلما أنه إشارة إلى انعدام اتصالها بالأردنيين ومجتمعاتهم أيضاً. إذ تقف خلفهم وفوقهم، وتحاول عرقلة حركتهم وردعهم عن الاجتماع مع غير "ثقافتها"، التي تقوم بالاجترار واللغو، وترتكز على خطاب الوهم والوسواس. فهي لما تلغي حفلة "مشروع ليلى"، ترغب في منع الأردنيين من الإحتفاء بأنفسهم عبر تلك الفرقة، وتحث الخطى نحو تطويقهم قبل الاطمئنان إلى حبسهم في وعيها، الذي لا موسيقى فيه سوى صوت التكميم والإخراس.

لقد قررت السلطات الأردنية، وعلى رأسها الكنيسة، ممارسة طقس الحظر بحق "مواطنيها"، منعتهم من الإلتقاء بـ"ليلى"، صدت ذهابهم نحوها، وألغت وجودها بينهم. أفعالها هذه هي أفعال مملة، تنم عن كرهها لأي حضور يغايرها لأنه حضور خلاق، وعن أي كلمات لا تفهمها لأنها مكتوبة برغبة "التنفس"، وعن أي لحن لا يلائم غلاظتها لأنه يتمتع بإيقاع ما. غير أن متابعي "مشروع ليلى" سيزدادون تمسكاً بها، ولن يتوفقوا عن الإستماع إليها، وبذلك، ستذوي المؤسسات المانعة، قبل أن تنقض من جديد كل ما تجده مختلفاً عنها.

لكنها، لن تتمكن من الإطباق على الليل، ولا من خطف فرقته، التي انضم إليها كل محبيها الأردنيين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها