الأحد 2016/02/28

آخر تحديث: 16:01 (بيروت)

جنجاه.. هل تنصف شقيقتها سعاد حسني؟

الأحد 2016/02/28
increase حجم الخط decrease
 

قالت جنجاه عبد المنعم، شقيقة الفنانة الراحلة سعاد حسني، إنها "انتهت من كتاب جديد تكشف من خلاله حقيقة مقتل شقيقتها، وتبحث له حالياً عن دار نشر كبيرة لأنه سيحتوي على وثائق ومستندات، وستعلن خلال الكتاب وبالأسماء حقيقة المتورطين فى اغتيالها". أضافت شقيقة السندريلا: "اخترت للكتاب عنواناً مؤقتا هو أسرار وحقائق، لأنه سيكشف كثيراً من الأسرار والحقائق لأول مرة وكل معلومة أو قصة بالكتاب موثقة لأنني منذ عام 2010 وأنا أقوم بجمع معلومات ومستندات ووثائق عن المتورطين في اغتيالها وسأكشف أسماءهم للرأي العام ولجمهورها وليس للقضاء ولا الحكومة".

لا أدري، ولا يدري غيري ربما، ما هو الجديد الذي يمكن أن تقدمه جنجاه في كتابها، ولماذا تريد كشف الأسماء للرأي العام وليس للقضاء المصري أو للحكومة! هل الكتاب المرتقب أكثر قدرة على إضفاء العدالة وأحقاق الحق للراحلة؟ هل تقدم جنجاه مرافعة أخلاقية أو قضائية أم عائلية أم شخصية؟ هذه اسئلة بديهية عن خبر مليء بالتشويق، عن فنانة قيل كثيراً في شأن مقتلها الغامض وسيرتها الحافلة بالأسرار والعلاقات والدراما والإغراء والأنوثة والحب والتشويق... قد تقول جنجاه كثيراً من الأمور والأسرار، لكنها تدرك جيداً أن لعبة الأسماء والتلويح بفضحها هي إما سذاجة أو لعبة تسويق مسبقة للكتاب؟ ليست الكتب حلبة للعدالة في قضية مقتل فنانة، الكتب تبقى مجرد رأي وإن كشفت بعض الحقائق.

لا أدري أيضاً إذا كانت شقيقة سعاد مهتمة فعلا بحقيقة مقتل أو انتحار سعاد والمتورطين في هذه القضية، أم أنها تريد دخول لعبة الميديا والماركتينغ. قضية مثل قضية مقتل سعاد حسني لها جمهورها العريض الذي يريد معرفة الحقيقة التي تحولت حقائق، لا بأس بكتاب عنها من شقيقتها مسبوقاً بخبر تمهيدي من هنا وهناك، انتشر بسرعة البرق على مواقع الانترنت، هذا مقدمة لانتشار الكتاب... حتى الآن، كُتبت مئات المقالات عن سعاد، صدر العديد من الكتب عن قضيتها، لكن معظمها بقي في خانة الركاكة والكتابة السريعة والفضائحية القائمة على الشك، لكنها بلا مضمون وغير مقنعة... لنتخيل أن أحدهم، لمجرد أن زارت سعاد حسني العراق وشاركت في فيلم ممول من صدام حسين، كتب مطولات عن أنها كانت على علاقة عاطفية مع صدام حسين...

الأرجح أن سعاد حسني ستبقى لسنوات طويلة مادة للكتب والإثارة والتشويق، في موتها شيء من أسطورة دائمة تشبه إلى حد كبير أسمهان أو ديانا أو غيفارا... ستبقى مادة للكتابة والقيل والقال والبراءة والسذاجة، سطوة حضورها لها وقعها في صناعة الحكايات والسيناريوهات، سواء في علاقتها بعبد الحليم حافظ والحديث عن حبهما وشائعة زواجهما التي أسرف حولها "براميل" من الحبر و"كميون" أم في الشائعات، أو في علاقتها بالشعراء بدءا من صلاح عبد الصبور مروراً بملهمها ووالدها الروحي صلاح جاهين. عدا المغرمين بشخصيتها من محمد الماغوط القائل: "ليس هناك في مصر سوى سعاد حسني"، واحمد فؤاد نجم القائل: "حتّة الالماسة في الوطن المصري والعربي، فنانة باهرة، ناجحة".

الأمر نفسه في قضية علاقتها بأجهزة المخابرات المصرية، خصوصاً بعدما أعلن أحد المسؤولين أن المخابرات جندتها في أكثر من قضية، وهذا زاد من الالتباسات حولها وحول مقتلها أو انتحارها، وهي بذلك ستبقى مادة ميديائية وروائية، وحتى الآن لم تأخذ حقها في هذا المجال، مقارنة بالنجمة الأميركية ماريلين مونرو "الأيقونة" التي كانت حجة لعشرات الأفلام والسير والروايات. كُتبت عنها 60 سيرة و40 فيلماً و10 روايات و20 مسرحية.


سعاد البلدية و"اخت القمر" كما قيل، والتي ستصدر شقيقتها كتاباً عنها، باتت أسطورة في صورتها، إذ جمعت بين الشهوانية والبراءة والشقاوة، كرّست كإحدى أهّم نجمات السينما في عصرها، لما تتمتع به من أداء فطري وجمال يشقّ طريقه ببساطة روحنا، سقطت من بناية كانت تسكنها في لندن، بقيت صورتها في أذهاننا كزنبقة في ماء النبع، ماتت في عمر يقارب الستين وبقينا نحس بأنها في عمر الشباب، عمر الأسطورة، كأن الأسطورة وجدت لتبقى في عمر الشباب أو وجدت لتبقى محاطة باللغات والصور والحكايات والثرثرات، ولتكون أمثولة لأجيال من الفنانات، وعنوانا للدلع والاستهامات.

"سعاد حسني لن تتكرّر"، هذا ما كان يردده المخرج الراحل يوسف شاهين، لكن الكتابة عن مقتلها ستتكرر بأساليب مختلفة وآراء متناقضة، بطريقة لا تخلو من التوظيف الشخصي والسياسي وربما الموضوعي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها