الأربعاء 2016/02/17

آخر تحديث: 16:00 (بيروت)

رحيل محمد حسنين هيكل... صديق الحكّام

الأربعاء 2016/02/17
رحيل محمد حسنين هيكل... صديق الحكّام
increase حجم الخط decrease
توفي الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل(93 عاما)، أحد أشهر الصحافيين المصريين والعرب، والذي نال ألقاباً عديدة مثل "كاتب السلطة" و"صديق الحكام" و"صانع الرؤساء"...

وهيكل من مواليد سبتمبر/أيلول 1923، واشتهر محليا وعربيا ودوليا أثناء رئاسته لتحرير صحيفة الأهرام، وعيّنه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وزيراً للإرشاد القومي العام 1970. وكان مقربا من أغلب الأنظمة المصرية منذ فترة الملكية قبل ثورة يوليو/تموز 1952، حتى فترة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي...

محمد حسنين هيكل الآتي من جذور صعيدية، كان والده يريده طبيبا لكن الابن اختار الصحافة، وفي عمر 19 عاماً، بدأ العمل في صحيفة "الإيجيبشان جازيت" وهي الصحيفة الأجنبية الأولى في مصر، وحقق هيكل أول خبطة صحافية في حياته في تلك الجريدة وكانت خاصة بفتيات الليل. وبعد نجاح هيكل في تلك المهمة، كانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب إلى العلمين ليغطي وقائع الحرب العالمية الدائرة هناك. وبعدها سافر ليغطي الحرب في مالطا، ثم إلى باريس حيث التقي السيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة "روز اليوسف"، والتي قررت أن تضم الصحافي إلى مجلتها، ليصبح هيكل في العام 1944 صحافياً في مجلة "روز اليوسف"، وهناك تعرف على محمد التابعي، لينتقل معه إلى صفحات "آخر ساعة" وتبدأ مسيرته...

في 18 يونيو 1952، فوجئ قراء مجلة "آخر ساعة" بعلي أمين، رئيس تحرير المجلة، يخصص مقاله للحديث عن هيكل، وينهيه بأنه قرر أن يقدم استقالته ويقدم هيكل رئيساً للتحرير، وهكذا أصبح هيكل رئيساً لتحرير "آخر ساعة". وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، كان هيكل أكثر الصحافيين قرباً من الرئيس جمال عبدالناصر، وازدادت العلاقة قرباً بينه وبين جمال عبدالناصر ليصبح هيكل بعد فترة المتحدث الرسمي باسم "حركة الضباط الأحرار" ومسيطراً على الاعلام الناصري ومنظراً للناصرية، ويمارسه سلوكية رجل السلطة لا الصحافي.

فهو محرر كتاب "فلسفة الثورة" لعبد الناصر في 1954، وهو في 1961 من كتب "أزمة المثقّفين"، داعياً إيّاهم إلى الانخراط في النظام وخدمته.

وبعد وفاة ناصر وتولي أنور السادات حكم مصر، وقف هيكل بجانب الرئيس الجديد، وبعد حرب أكتوبر، ولخلافات بينه وبين السادات حول تداعياتها ومباحثات فض الاشتباك، خرج هيكل بقرار رئاسي من "الأهرام" العام 1974، وبعدها اتجه إلى تأليف الكتب ومحاورة زعماء العالم. ونتيجة لكتبه التي كان ينتقد فيها سياسات السادات، اعتقله الرئيس الراحل ضمن اعتقالات سبتمبر 1981، وخرج بقرار من الرئيس حسني مبارك وبعدها اعتكف هيكل وإن واصل إنتاج الكتب والمؤلفات.

اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحافي في 23 سبتمبر 2003 بعدما أتم عامه الثمانين، وكتب مقالاً مثيراً تحت عنوان "استئذان في الانصراف"، لكن يبدو أن "هوس" الكتابة لم يفارقه، فعاد وكتب وصار يقدم حلقات تلفزيونية في قناة "الجزيرة" وغيرها، بأسلوب الحكواتي.

ومع مرحلة الثورة المصرية في يناير/كانون الثاني 2011، كان هيكل متحمّسا لأفكار الثورة الشبابية، وانتقد "المجلس العسكري". وقبل وصول "الإخوان المسلمين" إلى الحكم، كان من أشد الناقمين عليهم، واصفًا وصولهم إلى السلطة بأنه "كارثة". لكن بعد سقوط "الإخوان" بأيام، عقد هيكل اجتماعًا مع قيادات من حزب "الحرية والعدالة" الإخواني، لبحث سبل إعادة الجماعة إلى الواجهة، وذلك في سبتمبر (أيلول) 2013، رغم اتهامه للجماعة من قبل بإحراق مكتبته ومنزله.

وبعد إنقاذ الجيش لمصر نتيجة فشل محمد مرسي في السلطة، قال إنه يرفض ترشح الفريق عبد الفتاح السيسي (وزير الدفاع آنذاك) في أعقاب سقوط نظام مرسي. وأضاف هيكل: "أعرف أن الرجل يواجه مأزقًا شديدًا، وفي آخر لقاء لي معه رأيت أمامي رجلاً حائرًا ولديه أسباب حقيقية للحيرة، فهو يواجه مأزقًا حقيقيًا"، كون الجيش المصري سيفقد بريقه، لكنه عاد  ليقول إن الرئيس السيسي "أنقذ مصر". وقبل أشهر، اوقفت قناة مصرية حلقة لهيكل، بسبب عدم صدقية توقعاته بشأن الأزمة اليمنية، وبسبب إنتقاده المملكة العربية السعودية، ودورها في اليمن، ودعمه الموقف الإيراني، ومطالبته الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطبيع العلاقات مع طهران.

كانت كتب هيكل رفيقة اكشاك الصحف بل وتباع مثل الصحف، أبرزها "خريف الغضب" و"عودة آية الله" و"الطريق إلى رمضان" و"أوهام القوة والنصر" و"أبو الهول والقوميسير"، بالإضافة إلي 28 كتاباً باللغة العربية من أهمها مجموعة "حرب الثلاثين سنة" و"المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" و"ملفات السويس" و"لمصر لا لعبد الناصر" و"العروش والجيوش".

وقد ألف المؤرخ العراقي سيار الجميّل، العام 1999، كتابًا عنونه بـ"تفكيك هيكل"، وقال عن هيكل إنه "بارع في اللف والدوران.. يستطيع أن يجعل من اللون الأبيض أسود، ومن الأسود أبيض.. لكنه يفر من الميدان حين يرى أن هناك من سيجادله أو يعلمه أسلوب الكشف عن الحقيقة". يقول المؤرخ الجميّل إن اتهاماته للعديد من الزعماء بعد رحيلهم مباشرة، تلفيقية وخطيرة، من قصص وأكاذيب عنهم لا أساس لها من الصحة، بعد أن يكون قد مدحهم وهم أحياء، ومنهم: أنور السادات والملك حسين والملك سعود والملك فيصل والملك الحسن الثاني والملك إدريس وشاه إيران وغيرهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها