الجمعة 2014/06/06

آخر تحديث: 14:05 (بيروت)

سمّوه ما شئتم.. إلا التجريبي

الجمعة 2014/06/06
سمّوه ما شئتم.. إلا التجريبي
عمل للفنانة نهى فرّان
increase حجم الخط decrease
 افتتح معرض "Xperimental" (تجريبي) في نسخته الثالثة، من تنظيم جمعية الفنانين اللبنانيين (الرسامين منهم والنحاتين) يوم الاثنين 19 أيار/مايو في صالة the venue في أسواق بيروت بتنظيم مشترك بين سوليدير وجمعية الفنانين "LAAPS". تهدف فكرة المعرض إلى توطيد التفاعل الفني مع المتلقي و ترسيخ نهج الحداثة في الفن أو حتى ما بعد الحداثة. الأنواع الفنية المزعم تقديمها في المعرض لهذا العام بحسب ما جاء في الملصق: الفن الرقمي، فن الفيديو، التجهيز، التجميع، فن الأداء، وأخيراً الفن التفاعلي.
سبعون فناناً مشاركاً، بعضهم بأكثر من ثلاثة أعمال في صالة محدودة، جعلت من شبه المستحيل تصوير كل عمل على حدة، وجعلت بعض تلك الأعمال يتداخل. 
 
سبعون فناناً مشاركاً، بعضهم بأكثر من ثلاثة أعمال في صالة محدودة، جعلت من شبه المستحيل تصوير كل عمل على حدة، وجعلت بعض تلك الأعمال يتداخل. إذ صحّ بذلك توصيف المعرض بالضوضاء والعبثية غير الفنية بحيث ظل بعض الأعمال غير مرئي نظراً إلى ضيق مساحة العرض والواجهة المعطاة له. 
 
أما في توصيف الفن التجريبي أو ال-Experimental، فهو أشبه بنهج منه إلى ممارسة فعلية. أبرز خصائصه يتمثل في ابتعاده عن الفن  التجاري والجمالية التقليدية وتغليب الفكر أو المنهج وخصوصاً المفهوم، من خارج السائد. الفن التجريبي تفكير خارج العلبة، يخلق ممارسات فنية جديدة ويتحدّى نفسه في تقديمه لكل عمل جديد يطرح فيه اشكالية عوضاً عن إجابته عليها.
 
 أما أن تكون الأعمال ملونة، مضاءة، كبيرة، ثلاثية الأبعاد، فيها معادن ومواد مختلفة، توصيفية لأفكار "عميقة" ومؤثرة، فيها توصيلات كهربائية أو حتى عبارة عن منحوتات، فهذا لا يعني أنها باتت تجريبية معاصرة، لا التفاعلي منها، ولا التجهيز، ولا ما صنّف في خانة التجميع.
 
فبدخولك صالة العرض وسط بيروت، تفاجأ أولاً بأغان لماجدة الرومي، الرومانسي منها والوطني، ثم بمطبوعات تعرّف بكل مدرسة فنية حديثة على حدة، تعريفاً أكاديمياً أشبه بدروس تاريخ الفن أو حتى بمطالعة صفحة ويكيبيديا، كمن يستخفّ بمعرفة الزائر بتلك الأساليب ويجد في ذلك حاجة إلى تثقيفه. مثلاً، هناك تعريف التجميع على أنه إعادة جمع أجسام مختلفة ووضعها في قالب ثلاثي الأبعاد بغية تغيير معناها الأساسي. يتعدّى الملصق هذا التعريف بوصوله إلى تسمية أعمال الفنان مارسيل دوشان كمثال وذكره تواريخ عرض تلك الأعمال عالمياً. 
 
ثم فوجئ الجميع بمنحوتات صنّفت في خانة التجهيز، وبأعمال مضاءة صنّفت على أنها تفاعلية، وأخرى أشبه بأشغال يدوية مصنّفة في خانة التجميع.
 
أين التفاعل في لوحة نادين زهر الدين بعنوان "روح واحدة"، والتي تتمثّل في صورة نصفية لامرأة عارية الصدر مرسومة بالفحم و معالجة بمواد مختلفة على مستطيل من خشب قابل للثني؟ أين التجريبي في لوحات جورج منسى بعنوان "لبنان الثقافة سعيد عقل"، و"لبنان الموسيقى وديع الصافي" والتي تُلخّص بصورتين لوديع الصافي وسعيد عقل مع خلفية من مشهد لقلعة بعلبك في الأولى، ومدينة بيروت في الثانية، وبمعالجة بتأثيرات "خاصة" تفصل بين الدرجات اللونية في ظلال الصورة، باستخدام برنامج فوتوشوب، وهي مصنّفة في خانة البوب آرت!
 
في تجهيز هناء عبد الخالق بعنوان "صرخة ضد الحرب"، ثمة تعاط ثنائي الأبعاد ومحدود الفكر مع الموضوع المطروح. يتألف تجهيزها من أقفاص نحاسية متعدّدة الأشكال، حبست في داخلها أدوات الحرب وشظاياها. أسوأ ما في الكثير من تلك الأعمال المعروضة أنها تصويرية وصفية مباشرة في الطرح وتفتقر إلى أي بعد مفهومي أو صفة مشتركة تجمع بينها وبين الأعمال التجربية الحديثة.

malak-ghaddar.JPG
لوحة الفنانة ملك غدّار 

أن يكون بعض تلك الأعمال على درجة عالية من الحرفية والمعرفة المعمّقة وغير المنقوصةن في تقنيات الرسم والنحت، لا يجعلها "حديثة" أو "تجريبية" أو أي من تلك الأصناف التي استغرقت من المنظمّين وقتاً لفصلها وتعريفها في الملصقات المعروضة. فهي، وإن نجحت في إمتاع النظر احياناً، فشلت في الوصول إلى ما وعدت المتلقّي به، تحت شعار معرض مشترك... تجريبي.
 
تساهم مثل تلك المعارض في تكريس الصورة النمطية العامة والتجارية التي يصوَّر بها الفن الحديث.
هنا قطع خشبية متراصة، تمثل صرخة في وجه العمارة العشوائية المتزايدة والتي تمحو معالم مدينتنا الحبيبة... وهذا فن تجريبي؟ بالنسبة إليهم أيضاً، فإن إضافة الألوان على زجاج الإطار وإلصاق سفينة ورقية به، يمسي تعبيراً عن البحث عن شاطئ أمان (حتى العبارة المكتوبة باتت كليشيه) في ظل وطن متخبط.. وهذا مثال للفن التجريبي الحديث؟ ولا ننسى إلصاق قطع مكسورة من أقراص مدمجة على لوحة من قماش وتنسيق أماكن وضعها لخلق تأليف متناسق ليمثل "التواصل بين الحضارات"!
 
 
يستمر المعرض في صالة the venue في أسواق بيروت حتى الخميس 29 أيار/مايو، من الرابعة وحتى السابعة مساء، على أن ينتقل إلى كلية الهندسة والتصميم في جامعة المنار في طرابلس، في عرض يفتتح السادسة مساء الإثنين 2 حزيران/يونيو ويستمرّ يومي الثلاثاء والأربعاء.

rafi-tokatlian-(1).JPG
 للفنان رافي طوكاتليان
increase حجم الخط decrease