أرشيف دياب القرصيفي: تناقضات لبنان الحرب والسلم

في الثمانينات من القرن الماضي، كثيراً ما كنا نلتقي المصور اللبناني - البعلبكي، دياب القرصيفي في مناسبات اجتماعية وسياسية وحزبية يسارية، حاملاً كاميراته ويجول من مكان الى آخر. لم تحصل مناسبة مهمة في قرى وبلدات البقاع وحتى لبنان إلا وصوّرها، الى درجة أنه أصبح مرجعاً للصور. تقلص حضور اليسار، مناسبته وإعلامه، وغاب دياب القرصيفي عن الميدان. فهو غادر بيروت العام 1993، متوجهاً إلى لندن، وبقي التصوير في دمه، وبقينا نرى صوره القديمة كما لو أنه بيننا. بعض صوره النادرة انتقلت من أرشيف الصحف الحزبية ومن الارشيفات الشخصية لبعض الشبان الى صفحات "فايسبوك"، وصارت علامة للنوستالجيا والذكرى.

دياب القرصيفي لديه أرشيفه الخاص الذي يجمع التناقضات، بين جورجينا رزق في نزهة سياحية، والجثث في أماكن القصف. بين صور الراحل جورج حاوي في محاور القتال، والشاعر لويس اراغون في بعلبك، بين شباب في "المايوه" على ضفة مسبح في بيروت العام 1977، وصورة لقطيع من الماعز في أحد الجرود. تناقضات كثيرة في بلد واحد في زمن الحرب. وفي العام 2010، التقى القرصيفي بالمصوّرة البولندية المقيمة في العاصمة البريطانيّة، آنيا دبروفسكا (1973)، حيث كانت تدير ورشة عمل فنيّة. وكانت صدفة المشروع، فقد حضر إلى منزلها حاملاً حقيبتين ممتلئتين بالصور وأشرطة النيغاتيف، بعضها بعدسته، وبعضها الآخر جمعه من أرشيفات عدّة، بين بيروت، وبعلبك، ودمشق، والقاهرة، والكويت، وعدّة مدن عراقيّة، وفلسطينيّة، وصولاً إلى موسكو، وبودابست. وبدأ مشروع عمل كتاب عن أرشيف القرصيفي في كتاب بعنوان "أرشيف لبناني" يصدر بالتعاون مع "أشكال ألوان"، يضمّ معظم ما حوته حقيبتا القرصيفي. وستعرض تلك الصور في معرض يجول بين بيروت، ولندن، ووارسو، خلال العام 2015. وكان لـ"المدن" مع القرصيفي هذا الحوار.