الأحد 2015/10/04

آخر تحديث: 12:44 (بيروت)

التدخل الروسي وتعطيل اتفاق الزبداني-الفوعة

الأحد 2015/10/04
التدخل الروسي وتعطيل اتفاق الزبداني-الفوعة
وجود قوائم سجلت فيها ممتلكات كل عائلة في الفوعة وكفريا، ليتم تعويضهم عنها من أراضي وممتلكات أهالي القصير
increase حجم الخط decrease
بدأت نتائج التدخل العسكري الروسي في الظهور، على صعيد تغيير التوازن، بين نفوذي إيران وروسيا على آليات اتخاذ القرار في سوريا. وظهر ذلك جلياً في وقف تنفيذ اتفاق الهدنة المتبادل بين الزبداني ومضايا وبقين في ريف دمشق من جهة، والفوعة وكفريا في ريف إدلب من جهة أخرى.

وكانت جولات طويلة من التفاوض بين إيران والمعارضة الممثلة بـ"حركة أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الفتح"، قد شهدت في الفترة الأخيرة نوعاً من الالتزام وإجراءات كسب الثقة. وذلك تمهيداً للبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق المتعلق بإخراج الجرحى من مدينة الزبداني باتجاه محافظة إدلب، وإخراج الدفعة الأولى من جرحى ومدنيي الفوعة وكفريا. وكان من المفروض أن يتم الأمر الأربعاء، الذي شهد بدء تنفيذ الطيران الروسي لضربات جوية على مواقع المعارضة السورية المسلحة. فتم تأجيل ساعة الصفر في تنفيذ التبادل ليومين متتاليين لينتهي الأمر بعد ذلك بإلغاء العملية.

وحول الأسباب التي أدت لإلغاء العملية، قال مصدر في "الأمم المتحدة" لـ"المدن": "كان من المفروض أن تتم العملية في 30 أيلول/سبتمبر، ولكننا واجهنا عقبات في محيط الفوعة وكفريا نتيجة القصف الروسي لمناطق في ريف إدلب فتم التأجيل إلى 1 تشرين أول/أوكتوبر، الذي شهد استهداف الطيران الروسي لثلاث نقاط على خط سيرنا المفترض في ريف إدلب، ما اضطرنا إلى تأجيل العملية إلى صباح الجمعة. وما حدث بعدها أن الحكومة السورية لم تعطنا الضوء الأخضر، وأبلغتنا بإلغاء العملية حتى إشعار أخر".

مصدر "الأمم المتحدة" المشرفة على تنفيذ الإتفاق، قال بإن ذلك "الإشعار كان خيبة كبيرة لنا، بعد أن عمل فريقنا بجهد وبشكل متواصل لتنسيق الأمور اللوجستية، وأنهينا كافة التحضيرات لعملية الإخلاء". التحضيرات شملت أيضاً البدء في المرحلة الثانية المتضمنة إدخال المساعدات الطبية والغذائية لبلدات مضايا وبقين وسرغايا المحاصرة (كجزء من الاتفاق). وكل ذلك الجهد ذهب أدراج الرياح، بحسب مصدر "المدن"، الذي أوضح بالقول: "ما يثير حزننا هو وقع هذا الأمر على من تأملوا نجاح العملية سواء من سيتم إخلاؤهم أو من ستصلهم المساعدات".

ويضيف المصدر: "يبدو أن التطورات الأخيرة ألقت بظلالها على العملية، فقد علمنا من خلال مكتب الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا، أنه ربما سيكون هناك جولة تفاوض جديدة بناء على المستجدات، وأنه تم التواصل مع الطرف الروسي من أجل التهدئة، كي يتسنى لنا إتمام العملية، وللأسف كان الرد سلبياً".

أما رسمياً، فقد أوردت وكالة "رويترز" تصريحاً للمتحدثة باسم دي ميستورا، الجمعة، بأن الأمم المتحدة اضطرت لتعليق العمليات الإنسانية المزمعة في سوريا، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بسبب زيادة الأنشطة العسكرية.

وقال مكتب دي ميستورا في بيان له: "تدعو الأمم المتحدة كل الأطراف المعنية إلى تحمل مسؤولياتها في حماية المدنيين والتوصل إلى التفاهمات الضرورية من أجل تنفيذ هذا الاتفاق بأسرع ما يمكن".

واللافت في البيان، تجاهله تسمية الجهة المعطلة للاتفاق: العمليات العسكرية الروسية ضد أهداف تقع على خط السير المفترض للقوافل في ريف إدلب.

وفي السياق، قال مصدر مطلع على مجريات الأحداث في منطقة الفوعة وكفريا لـ"المدن": "هناك حالة من الترقب والانتظار للبدء بالعملية، مع وعود تتوالى عقب كل تأجيل. والأمور في الفوعة وكفريا مجهزة تبعاً لأولويات تبدأ بإخلاء الجرحى مع عوائلهم، ومن ثم عائلات القتلى، وبعدها عائلات المقاتلين". ونقطة التسليم ستكون منطقة مورك في ريف حماة، ومن ثم ستكون الوجهة إلى القصير بريف حمص التي يسيطر عليها "حزب الله" اللبناني. المصدر يؤكد وجود "قوائم سجلت فيها ممتلكات كل عائلة في الفوعة وكفريا، ليتم تعويضهم عنها من أراضي وممتلكات أهالي القصير".

أما في الزبداني، فقد قال رئيس الهيئة الطبية في المدينة عامر برهان، لـ"المدن"، إنه تم صباح يوم 28 أيلول، إخلاء جريحين من الزبداني بشكل استثنائي، بسبب سوء حالتهما الصحية، بوساطة الأمم المتحدة، عبر الحدود السورية اللبنانية. ووصل الجريحان إلى مشفى دار الحكمة في بعلبك، حيث خضعوا للعناية الطبية.

ويستمر الحصار المطبق على المدنيين في كل من مضايا وبقين في ريف دمشق، اللتين غدتا معتقلين كبيرين يعاني قاطنوهما من الجوع وانعدام مقومات الحياة والرعاية الطبية مع استمرار حالات القنص من الحواجز المحيطة بهما. وقد وُثق مقتل رجل وطفلة وجرح خمسة مدنيين أخرين في بلدة مضايا، رغم أن الهدنة تشملها.

وفي الوقت ذاته، يستمر القصف المدفعي من معسكر الطلائع باتجاه الجبل الشرقي في الزبداني، الذي لم يتم إدراجه في الهدنة.

وفي ظل هذه المستجدات، يبدو بإن تنافساً إيرانياً-روسياً قد بدأ بالظهور. فالضربات العسكرية الروسية تستهدف معاقل الثورة السورية في ريف حماة وحمص. أما الضربات التي استهدفت ريف إدلب، فقد كان هدفها تعطيل عملية الإخلاء من الفوعة وكفريا، بحيث تمركزت على خط السير المفترض لقوافل الإخلاء، في ما يُعتقد بأنه رسالة روسية إلى الإيرانيين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها