الثلاثاء 2015/09/01

آخر تحديث: 15:51 (بيروت)

أزمة اللجوء إلى أوروبا: نزاع حول "الهجرة الموحدة"

الثلاثاء 2015/09/01
أزمة اللجوء إلى أوروبا: نزاع حول "الهجرة الموحدة"
مهاجرون سوريون إلى ألمانيا يسيرون على الأقدام وسط الثلوج في صربيا الشتاء الماضي (المدن)
increase حجم الخط decrease
أحدثت أزمة المهاجرين العالقين على حدود غربي البلقان، انشقاقاً على مستوى سياسة اللجوء التي يتبعها الاتحاد الأوروبي والبلدان الأوروبية، فجّرها تكدّس الآلاف منهم، وأغلبيتهم سوريون، عند الحدود المجرية-النمساوية، في انتظار عبورهم نحو ألمانيا. وكان من تداعيات ذلك قرار وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع في لوكسمبورغ، منتصف الشهر الحالي، لمناقشة موضوع تدفق اللاجئين المستمر إلى أوروبا.

وأغلقت السلطات المجرية، الثلاثاء، محطة القطار الرئيسية في بودابست حتى إشعار آخر، أمام المهاجرين الذين كانوا ينتظرون رحلتهم باتجاه النمسا، على غرار آلاف عبروا في وقت سابق إلى ميونخ الألمانية عبر النمسا. وعلى الأثر، تظاهر المئات من المهاجرين مطالبين بإعادة فتح المحطة والسماح لهم بالسفر الى ألمانيا، ملوحين بتذاكر القطارات وهاتفين "ألمانيا ألمانيا". يأتي ذلك عقب إعلان الشرطة النمساوية أن 3650 مهاجراً غادروا بودابست بالقطار ووصلوا إلى فيينا.

وبررت السلطات المجرية إغلاق الرحلات بوجه المهاجرين بالقول إنها تطبق قانون الاتحاد الأوروبي الذي يشترط على العابرين نحو أوروبا، حمل جواز سفر صالح وتأشيرة "شينغن". وضمن إطار سعيها للحدّ من تدفق المهاجرين "غير الشرعيين" عبر حدودها مع صربيا، أقامت المجر سياجاً من الأسلاك الشائكة على طول 175 كيلومتراً مع صربيا، ونشرت عدداً من عناصر شرطة الحدود ودوريات مزودة بسيارات دفع رباعي. وتوعدت المجر باتخاذ إجراءات مشددة بحق المهاجرين الذين لا يحملون أوراق لجوء شرعية، على الرغم من الانتقادات الفرنسية والألمانية "للمعاملة غير الإنسانية" التي تنتهجها الحكومة المجرية تجاه اللاجئين.

واستدعت الخارجية المجرية السفير الفرنسي لديها، على خلفية تصريح وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، اتهم فيه المجر باتباع سياسة "مخزية" تجاه الهاجرين، معتبراً أن "المجر لا تحترم القيم الأوروبية المشتركة"، وشدد على ضرورة أن تتحدث السلطات الأوروبية "بجدية" مع المجر بخصوص هذا الموضوع.

بدورها، حثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دول الاتحاد الأوروبي على "قبول نصيب أكبر" من اللاجئين، تزامناً مع استعداد حكومتها لاستقبال عدد قياسي من اللاجئين هذا العام، قد يصل إلى 800 ألف. ونفت ميركل إيقاف العمل باتفاقية "دبلن"، التي تنصّ على تسجيل اللاجئين في الدولة التي وصلوا عبرها إلى الاتحاد الأوروبي. وأكدت ميركل إنها على اتصال مع المسؤولين المجريين لتوضيح المسألة، وذلك بعد أيام من إصدار مكتب الهجرة واللاجئين الألماني قراراً بايقاف إجراءات ترحيل اللاجئين السوريين في الدول التي سبق وأن دخلوها وبصموا فيها. وكان اللاجئون الذين يصلون ألمانيا يعانون من هذه الاتفاقية، التي تقضي بإعادة اللاجئ إلى أول دولة أوروبية دخلها وبصم فيها على أوراق اللجوء.

وكانت العاصمة النمساوية قد شهدت تظاهرة كبيرة، ضمّت حوالى 20 ألف شخص، الليلة الماضية،  للمطالبة بتحسين ظروف مخيم "ترايسكيرشن" للاجئين. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "لا يوجد أي إنسان خارج عن القانون.. احموا الإنسان وليس البنوك.. لا تعيقوا عبورهم إلى أوروبا.. لا نريد إبعاد أي أحد خارج الحدود"، الأمر الذي أجبر السلطات النمساوية على السماح للمهاجرين العالقين على الحدود بالعبور نحو ألمانيا.

وفي أوروبا الغربية، تحديداً عند الحدود الفرنسية-البريطانية، قررت السلطات الفرنسية إنشاء "مخيم إنساني" في منطقة "كاليه" للاجئين الراغبين بالعبور إلى بريطانيا، وتلك المنطقة شهدت مآسٍ كثيرة، أدت إلى غرق لاجئين حاولوا قطع مياه بحر المانش، الذي يفصل بين فرنسا وبريطانيا.

وأعلن رئيس الحكومة الفرنسية إمانويل فالس، إقامة هذا المخيم بحلول 2016، وهو يتسع إلى 1500 مهاجر، في المنطقة التي تحوي حالياً حوالى 3000، يعيشون في ظروف صعبة. كما كشف فالس عن إنشاء مركزين، الأول في اليونان التي عادة ما تكون الوجهة الأولى للمهاجرين العابرين للبحر المتوسط، والثاني في إيطاليا، "من أجل التمييز بين المهاجرين الذين فروا من بلدانهم بسبب الحرب، والذين بإمكانهم الاستفادة من حق اللجوء، والمهاجرين الاقتصاديين الذين يجب إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية". وشدّد فالس على ضرورة تحرّك أوروبا بشكل سريع لتدارك الأزمة، مؤكداً أن "أوروبا بأكملها معنية بهذه الأزمة الخطيرة والطويلة".

وكانت دول وسط أوروبا عطّلت مقترحاً طُرح في بروكسل، يقضي بأن تقبل دول الاتحاد حصصاً ملزمة من طالبي حق اللجوء. وقال رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو "نرفض بشدة أي حصص، إذا طبقت آلية تلقائية لإعادة توزيع المهاجرين سنفيق يوماً على مئة ألف من العالم العربي وهذه مشكلة لا أود لسلوفاكيا أن تواجهها".

من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أولاف بينكيه، إن الاتحاد الأوروبي لم يتمكن من الاستفادة من الوقت لحل الأزمة قبل سنتين أو ثلاث، وإن تفاقم الأزمة الحالية يعود لغياب سياسة واضحة حول الهجرة. وشدد بينكيه على الحاجة إلى "نظام أوروبي موحد للهجرة وحل مسألة اللاجئين"، مشيراً إلى أن القمة المنتظرة "قد تشكل خرقا في هذا الاتجاه من أجل تفادي الكارثة التي تحصل على الحدود الأوروبية".

يُذكر أن احصاءات وكالة "فرونتكس"، الموكلة بإدارة الحدود في الاتحاد الأوروبي، تفيد بأن أكثر من 300 ألف مهاجر ولاجئ دخلوا الاتحاد الأوروبي خلال عام 2015، غالبيتهم عبر إيطاليا واليونان وهنغاريا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها