الأربعاء 2015/07/01

آخر تحديث: 15:13 (بيروت)

المعارضة الحلبية تُمهد لإدارة المدينة

الأربعاء 2015/07/01
increase حجم الخط decrease
بخطوات ثابتة ومدروسة تتقدم المعارضة في مدينة حلب، حيث سيطرت مؤخراً على مواقع مهمة في قلب مناطق النظام غربي المدينة، وأضحت نيرانها الثقيلة والخفيفة تطال كل معاقل قوات النظام ومقاره الأمنية والعسكرية. وآخر تحركات المعارضة، كانت السيطرة على دوار الليرمون ومحيطه الصناعي الذي حولته قوات النظام والمليشيات المساندة لها إلى مقار عسكرية محصنة، تعتبر خط الدفاع الأول عن الأحياء الأهم في المدينة: الشهباء والجامعة وحلب الجديدة والحمدانية والجميلية، والتي تتواجد فيها المؤسسات الحكومية والمقار الأمنية التي يحميها الآلاف من جنود قوات النظام.

تقدّمُ المعارضة على المحور الغربي في حي الراشدين، جعلها على مشارف حلب الجديدة والبحوث العلمية، لتصبح بذلك أقرب إلى هدفها في الوصول إلى قلب المدينة ومربعها الأمني. وتفترض المعارضة تحرير المدينة بمجرد سقوط هذا القلب، الذي لطالما ظل يدير الأطراف ويجعلها شبه متماسكة.

القائد العسكري لـ"جيش المجاهدين" وأحد قادة غرفة "عزة حلب" يوسف زوعة، وفي حديث مطوّل لـ"المدن"، أكد أن المواقع التي سيطرت عليها المعارضة في المرحلتين الأولى والثانية من تحرير المدينة هي: دوار الليرمون والقسم الأكبر من الخالدية وحي الراشدين وأجزاء من الأشرفية. تابع زوعة: "تلك المواقع هامة جداً، بحيث أصبحت السيطرة على جمعية الزهراء ومحيط المخابرات الجوية مسألة وقت، وربما خلال المرحلة القادمة". وإذا تم ذلك فسوف يفتح طريق إمداد آخر للمعارضة من الريف الشمالي الغربي، ما يعني التخلص من خطر حصار حلب نهائياً، بعد محاولات النظام مراراً قطع المنفذ الوحيد المتمثل بطريق الكاستلو، منذ بداية العام الحالي.

وأضاف يوسف زوعة بأن العمليات العسكرية لغرفة عمليات "فتح حلب" خُطط لها منذ البداية لتكون على مراحل، لأسباب متعددة، أهمها التقليل من الخسائر البشرية في مناطق سيطرة النظام بحلب. ويسكن تلك المناطق مليون ونصف سوري، على الأقل، غالبيتهم العظمى مدنيون. كما أكد زوعة أن التخطيط على مراحل يأتي بغرض التقليل من الهدر، والحدّ من الخسائر البشرية في صفوف مقاتلي المعارضة. زوعة أكد أن التجهيز لكل مرحلة يتم بشكل جيد ويأخذ بعين الاعتبار كل المخاطر المترتبة على البدء بها.

وأشار زوعة إلى أن النظام عزّز مؤخراً جبهاته في حلب الجديدة وجمعية الزهراء والمدينة القديمة، وجنّد المزيد من العناصر في صفوف المليشيات المتنوعة التي يوكل إليها مهمة الدفاع عن معاقله في المدينة. وأبرز تلك المليشيات: "لواء القدس" الفلسطيني و"كتائب البعث" ومليشيا "الدفاع الوطني" و"حزب الله" اللبناني و"حركة النجباء" العراقية الشيعية التي تنشط في جمعية الزهراء ومحيط حلب الجديدة. بالإضافة إلى "لواء الزينبيين" الذي يتمركز في المدينة الصناعية شمالي المدينة وفي جبهات باشكوي وحندرات.

أكثر من عشرة ألاف مقاتل حلبي من المدينة يقاتلون في صفوف قوات النظام، خصوصاً في مليشيا "الدفاع الوطني"، و"لواء القدس" الذي ضم عند تشكيله لاجئين فلسطينيين من مخيمات حندرات شمالي حلب والنيرب شرقها، ليوسع نشاطه لاحقاً ويضم أعداداً كبيرة من الشباب الحلبي بتشجيع من النظام.

يصل العدد التقريبي لقوات النظام والمليشيات المساندة له، في حلب إلى 30 ألفاً، يتوزعون على جبهات المدينة والريف، وتعتبر مليشيات "لواء القدس" و"حركة النجباء" و"حزب الله" الأكثر تسليحاً وعتاداً، كما يتمتع مقاتلو هذه المليشيات بالتدريب العالي.

ولعل الإشكال الأبرز الذي يواجه المعارضة، هو وجود الألاف من شباب حلب في صفوف قوات النظام والمليشيات الموالية له، وهو يعتبر تحدٍ كبير، باعتبار عائلاتهم تقطن في مناطق سيطرة النظام، وهو ما سيقلق الكثيرين في حال نجحت المعارضة بالسيطرة على كامل المدينة. ترى ما هو مصير هؤلاء وعائلاتهم؟

القائد العسكري زوعة، أكد بأن المعارضة تفتح ذراعيها لكل من يُسلّم سلاحه ويترك النظام، تحديداً الحلبيين المنضمين لمختلف التشكيلات العسكرية الموالية للنظام. كما أكد أن سلامة المدنيين والعائلات القاطنة في مناطق سيطرة النظام تم أخذها بعين الاعتبار ولا نية لدى المعارضة القيام بأي أعمال انتقامية. وإذا كان هناك من يُفكر بذلك "سوف يُمنع ويتم توقيفه"، وأضاف زوعة أنه لن يُظلم إنسان بجريرة غيره، حتى لو كان أحد أفراد الأسرة منتسبٌ لقوات النظام.

وأشار زوعة إلى أن الأبرياء الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء من الأقليات الطائفية والقومية، الموجودة في المدينة، سيلقون معاملة حسنة، وسيحصلون على كامل حقوقهم، و"لهم ما لنا وعليهم ما علينا". ودعا زوعة جميع السوريين الموجودين في مناطق سيطرة النظام بحلب، إلى الوثوق بالمعارضة، وعدم تصديق المخاوف التي يبثها النظام في صفوفهم: فالنظام "يزرع في قلوبهم الرعب من تقدم المعارضة، بحجة أن كتائب المعارضة سوف ترتكب المجازر في حال سيطرتها على باقي أحياء المدينة".

من جانبها، أصدرت اللجنة الشرعية التابعة لغرفة عمليات حلب، بياناً قالت فيه، إنه يُحرّم التعرض للمدنيين الأبرياء الذين لم يحملوا السلاح مع النظام، من جميع الطوائف، و"دماؤهم وأموالهم حرام". كما دعت اللجنة الشرعية، إلى صون الأملاك العامة والخاصة، وأكدت على ضرورة تفعيل دور الإدارة المحلية للحفاظ على مقدرات المدينة العامة والخاصة.

وأشار البيان إلى منع أي فصيل من إقامة مقرات عسكرية داخل المناطق المحررة حديثاً، إلا للضرورة القصوى، أي للوحدات العسكرية التي تتولى الحفاظ على الأمن العام. وأشار البيان إلى ضرورة بقاء كل العاملين في القطاع الحكومي الخدمي، على رأس عملهم في البلدية والصحة والتعليم والمرافق العامة، ويُستثنى من ذلك من عليهم أحكام قضائية.

في السياق، تسود جبهات حلب حالة من الترقب الحذر، حيث تشهد معظمها هدوءً نسبياً بانتظار بدء مرحلة عسكرية جديدة، ستكون المعارضة على الأرجح عرابها بلا منازع، ومن المتوقع بحسب بعض التسريبات، أن تكون على أربعة محاور، لم يُفصح عنها حتى الآن.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها