الجمعة 2014/10/31

آخر تحديث: 15:16 (بيروت)

الضفة تشيع شهيد القدس بمواجهات مع الاحتلال

الضفة تشيع شهيد القدس بمواجهات مع الاحتلال
تركزت التظاهرات في مدينتي رام الله والخليل، سرعان ما تحولت إلى مواجهات مع قوات الاحتلال (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

تراجعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن إغلاق المسجد الأقصى بالكامل، مخففة هذا القرار إلى منع من تقل أعمارهم عن خمسين عاماً من الرجال من دخول المسجد، لكن ذلك لم يمنع أهالي الضفة من الخروج في مسيرات مساندة لصمود أهالي القدس، بعد إجماع الفصائل الفلسطينية ليل الخميس، بما فيها حركة فتح، على إعلان اليوم "جمعة غضب" من أجل الأقصى، ودعوة الجماهير للنزول إلى الشوارع والنفير العام نصرة للمسجد الأقصى.

وتركزت التظاهرات في مدينتي رام الله والخليل، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات مع قوات الاحتلال، كان أشدها على حاجز قلنديا الفاصل بين مدينتي رام الله والقدس، حيث أصيب 3 شبان فلسطينيين، أحدهم بعيار مطاطي في الوجه، فيما أصيب آخر في الخليل بقنبلة غازية في الرأس بعد اندلاع مواجهات في منطقة جسر حلحول في المدينة.


وكان المئات من أهالي القدس قد تحدوا قرار المحكمة الإسرائيلية بحضور 45 شخصاً فقط مراسم تشييع الشهيد معتز حجازي، وشاركوا في تشييع الجثمان داخل مقبرة المجاهدين بشارع صلاح الدين، متجاوزين قوات الشرطة الإسرائيلية التي تواجدت بكثافة في المكان، قبل أن تندلع مواجهات في معظم أحياء القدس، لاسيما في وادي الجوز، حيث اعتقلت قوات الاحتلال فلسطينياً زعمت أنه كان يحاول دهس أحد جنودها في المكان، وكذلك في جبل المكبر، حيث ألقى شبان غاضبون من أبناء الحي الحجارة على حافلتين إسرائيليتين ما أدى إلى إصابة مستوطنة.


وبحسب رواية صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن حجازي كان يعمل طباخاً في مركز بيغن، حيث كان يعقد المؤتمر الذي شارك فيه الحاخام المتطرف يهودا غليك، وقبيل انتهاء دوريته في العمل، طلب من مديره الخروج، وظل ينتظر غليك، وما إن ظهر هدفه حتى توجه إليه بدراجته النارية وسأله عن اسمه: "هل أنت يهودا غليك"، وعندما رد الأخير بالإيجاب، قال :"آسف أنت أغضبتني"، ثم أطلق عليه النار وغادر موقع العملية على الفور.


غضبة حجازي تلك عمّت القدس بأكملها الليلة الماضية، لاسيما بعد قرار سلطات الاحتلال إغلاق المسجد الأقصى بالكامل في وجه المصلين من كافة الأعمار، مدفوعة بدعوات اليمين المتطرف، وهو قرار غير مسبوق منذ الانتفاضة الثانية، الأمر الذي أدى إلى اندلاع مواجهات في البلدة القديمة، حيث أقام المقدسيون الصلاة في حاراتها العتيقة، وعلى بوابات المسجد.


في المقابل، حمّلت الرئاسة الفلسطينية على لسان المتحدث باسمها، نبيل أبو ردينة، إسرائيل مسؤولية التصعيد في القدس، قائلة إن قرار إغلاق المسجد يعتبر بمثابة "إعلان حرب".


في هذا الوقت، دعا وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، جميع الأطراف إلى ضبط النفس، قائلاً إنه "ينبغي على الزعماء العمل من أجل خفض التوتر وعدم التشجيع على العنف، والمحافظة على الوضع التاريخي القائم في القدس بالقول والفعل"، مديناً عملية إطلاق النار على الحاخام يهودا غليك، وقرار إغلاق المسجد الأقصى كذلك.


في كل الأحوال، لا شك أن لهذه العملية دلالات بالغة الأهمية لجهة توقيتها، وأهدافها، وآلية تنفيذها، فهي أولاً تأتي بعد فترة شهدت موجة اعتداءات متصاعدة بحق المسجد الأقصى، وتكثيفاً في البناء الاستيطاني في المدينة المقدسة، وهو ما قد يوجه إنذاراً للاحتلال بأن المدينة رغم كل محاولات تركيعها ما زالت تقاوم، ويمكن أن تنفجر في أية لحظة، فمعتز حجازي كان يدرك تماماً أنه يخاطر بحياته، وأن كل شبر في القدس تحت أعين الاحتلال الأمنية، ولعلّه كان يعلم أيضاً مصيره، لذلك حضر نفسه بشكل مسبق للمواجهة.


كان بإمكان حجازي، لو كانت نيته القتل، أو الانتقام، أن يقوم بأي عملية أخرى أكثر سهولة، لكنه اختار شخصية مهمة، وقيادية، لتكون رسالته أشد وقعاً. واليوم سيفكر وزراء الحكومة الإسرائيلية ملياً قبل أن يتجولوا داخل باحات الأقصى بحرية كما كانوا يفعلون بالأمس القريب، لأنهم بالتأكيد سيصبحون في دائرة الاستهداف.


وتكشف العملية أن عمليات مقاومة الاحتلال لا ترتبط بالضرورة بالفصائل، أو بقرار منها، إذ لم يتبنً أي فصيل هذه العملية، برغم انتماء حجازي من قبل لحركة الجهاد الإسلامي، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن سلسلة العمليات الأخيرة في الضفة لم يتبنها أي فصيل كذلك، منذ عملية "قناص الخليل" في البلدة القديمة، مروراً بعملية حاجز ترقوميا، إلى عملية أسر وقتل المستوطنين الثلاثة، التي لم يتبنّها أي فصيل في البداية. كل ذلك يجعل هاجس "العمليات الفردية" يتعاظم لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لأنها ببساطة لا تستطيع توقع متى وأين وممن تأتي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها