الأربعاء 2015/09/02

آخر تحديث: 11:16 (بيروت)

المالكي يطلق "فرق الموت" لتصفية الحراك

الأربعاء 2015/09/02
المالكي يطلق "فرق الموت" لتصفية الحراك
"فرق الموت" ارتبطت بشكل مباشر بوزير النقل الحالي بيان جبر صولاغ (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
أكثر من سبع ضحايا وثّقت أسماء معظمهم، وصنّف موتهم اغتيالاً، معظمهم من الشبّاب، والشخصيات الاجتماعية المنظمة والداعمة للمظاهرات السلمية المطالبة بالإصلاح، توزعوا على محافظات بغداد والناصرية وبابل والبصرة. بتزامن شبه دقيق، تمت عمليات الإغتيال بما لا يتيح مجالاً للشكّ، بأن قتلهم أمر مُدبر ومنظم، في سياق خطة مسبقة، لاستهداف قادة الحراك الشعبي بهدف اجهاضه، بعدما فشلت حزمة الاصلاحات التي أطلقها العبادي، بتهدئة غضب الشارع العراقي، الذي شهد الجمعة أكبر موجة من التظاهر الاحتجاجي.

صباح السبت، تعرض كل من الناشطين ماجد سعد وحسين الحلفي، للتصفية عبر مسدسات كاتمة للصوت، أثناء توجههما إلى العمل في بغداد، بالتزامن مع اغتيال الشيخ صبيح الكرمشي أحد شيوخ عشيرة الكرامشة، وعضو أحد المجالس العشائرية الداعمة للحراك، وعرف عنه مناهضته لهيمنة "المجلس الإسلامي الأعلى" الذي يقوده عمار الحكيم. كما تعرض الناشط حيدر العلواني، للاغتيال من قبل مجهولين، في محافظة بابل أثناء قيادته لسيارته. وكان لنشطاء محافظة الناصرية نصيب من محاولات الاغتيال التي تكللت بالفشل، حيث تعرضت مجموعة من الناشطين عقب انتهاء تظاهرة الجمعة، لإطلاق نار من قبل مجهولين يستقلون سيارة مظللة، ولم يسفر الحادث عن أي إصابات.

تأتي موجة الاغتيالات، بعد جملة من  المضايقات والتهديدات، منذ الأسبوع الثاني من بدء الحراك، وطالت عدداً من النشطاء، فضلاً عن اعتداءات بالأسلحة البيضاء، على مجموعة من المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد. كما شهدت إحدى خيم الاعتصام في البصرة هجوماً عنيفاً من قبل ملثمين، أدى إلى حرق الخيمة، وإصابة عدد من المعتصمين بجروح، وسط صيحات تهديد بالقتل في حال التطاول على رجال الدين والمرجعيات.

ويربط الناشط  سعدون محمد، ابن مدينة الناصرية، موجة الاغتيالات، بما سبقها من اعتداءات وتهديدات بالقتل، طالته شخصياً، من مجموعة مرتبطة برجل دين محلي، لم ينفك منذ بدء الحراك عن اطلاق فتاوى التكفير العلنية بحق الناشطين. وقال محمد لـ"المدن"، إن معظم نشطاء الحراك المدني في الناصرية يتعرضون لحملات تحريض بوصفهم علمانيين وملاحدة، ومعادين للدين والمرجعية. وتابع  محمد وهو أحد عناصر المجموعة الناجية من محاولة الاغتيال في الناصرية: "الحادث هو نتيجة طبيعية لحملات التحريض، وتنفيذ واضح لتهديدات رجال دين مرتبطين بجهات سياسية وحزبية نافذة في المدينة، وهو ما يفسر عدم بذل الأجهزة الأمنية جهوداً كافية لكشف ملابسات الحادث، وإنما اكتفت بالحضور للمكان ثم التفرق وكأن شيئاً لم يكن".

التظاهرات التي ارتفع سقف مطالبها، مع ازدياد زخمها الشعبي، خلقت حالة من الارباك في صفوف القيادة السياسية للبلاد، والتي بدت عاجزة عن تلبية مطالب المتظاهرين. وقد توقف رئيس الوزراء حيدر العبادي عند حزمته الاصلاحية الأولى، التي بدت حبراً على ورق، فالفاسدون الذين أقالهم، لايزالون على رأس عملهم، ولم تجرِ تحركات جدية لتنفيذ أحد أهم المطالب بإصلاح الجهاز القضائي، وإقالة رئيس "مجلس القضاء الأعلى"، رئيس المحكمة الاتحادية، مدحت المحمود، المقرب من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وبدا المحمود محمياً من أعضاء المجلس، الذين رفضوا بالإجماع قرار إقالته الذي تقدم به العبادي، ما دعا كثراً من المراقبين للتشكيك بقدرات رئيس الوزراء، على اتمام المهام الإصلاحية التي كلفه بها الشعب.

العبادي عبّر عن عجزه، ضمنياً، من خلال ظهوره بموقع المناشد والمتوسل، للكتل السياسية، أن تطهر نفسها من الفاسدين، وذلك في لقاء سياسي جمعه بممثلين عن مختلف الكتل، مطلع الاسبوع الماضي، بعدما ظهر في الأيام الأولى للحراك بمظهر الرجل المُقرّر والحازم.

عجز العبادي عن حماية الحراك السلمي، ولّد خشية لدى الناشطين، نظراً لما يمثله من خطر كبير على شبكة الفساد المتجذرة في الدولة العراقية، والمسنودة من إيران بشكل مباشر. الناشط الإعلامي عز الدين حميد، لم يستبعد ازدياد عمليات الاغتيال في الأيام المقبلة، لثني قادة الحراك ومنظميه عن الاستمرار في التحركات والتصعيد. واتهم حميد ميليشيات نافذة مرتبطة برئيس الوزراء السابق نوري المالكي،  بالعمل على حماية الفاسدين، والإعداد لخطط صدامية مع المتظاهرين. في وقت بدأت فيه بعض القيادات الميليشياوية، بإطلاق حملات علنية لتخوين المتظاهرين واتهامهم بالارتباط المباشر بأجهزة مخابرات أجنبية. فزعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، كان قد صرّح في حديث متلفز، عن امتلاكه لمعلومات تؤكد "ارتباط غالبية منظمي الحراك بشبكة عنكبوتية من العلاقات مع أجهزة مخابرات إقليمية ودولية".

الناشط الحقوقي خضر فليّح، لم يستبعد ضلوع ما يعرف بـ"فرق الموت" في تصفية الناشطين. ولطالما ارتبط اسم "فرق الموت" بالجثث مجهولة الهوية، التي يتم العثور عليها معصوبة الأعين على أطراف بغداد، في عمليات الاغتيال الواسعة التي طالت الكوادر العلمية والطبية والعسكرية، عقب سقوط نظام صدام حسين، فضلاً عن قتل مئات الطيارين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية بالمسدسات الكاتمة للصوت.

وازدهر نشاط "فرق الموت" بشكل واسع، عقب الاحتجاجات السلمية، التي اندلعت في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2012 في المحافظات الغربية والشمالية، حيث طالت مسدساتها الكاتمة للصوت، العديد من شيوخ العشائر، والشخصيات المدنية والاجتماعية الناشطة في الحراك.

وأضاف خضر فليح، أن "فرق الموت" ارتبطت بشكل مباشر بوزير النقل الحالي بيان جبر صولاغ، الذي يرأس أيضاً "كتلة المواطن" البرلمانية التابعة لرجل الدين عمار الحكيم، وكانت تقارير أميركية عديدة قد اتهمت صولاغ، بالمسؤولية المباشرة عن "فرق الموت" أبان توليه منصب وزير الداخلية في العام 2005. صولاغ من أبرز المتهمين حالياً بقضايا الفساد المالي وخاصة لإنه شغل منصب وزير المالية في حكومة نوري المالكي، وهو مصنف شعبياً في مراتب الفساد الأولى إلى جانب نوري المالكي، والمطلوب تقديمهما للمحاكمة.

وكان المبعوث الأممي إلى العراق يان كوبيش، قد حذر مما اسماه "كيانات مجهولة"، تقوم بترويع ومضايقة المتظاهرين السلميين، وهو تحذير يضعه كُثر من الناشطين والمراقبين للوضع العراقي، في سياق وجود خطط ونوايا مبيتة لضرب الحراك الشعبي، في ظل ما هو ظاهر من عجز للعبادي عن حمايته أو تنفيذ مطالبه.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها