الجمعة 2015/05/29

آخر تحديث: 08:38 (بيروت)

مصر: خلافٌ بين الخارجية والاستخبارات على سوريا

الجمعة 2015/05/29
مصر: خلافٌ بين الخارجية والاستخبارات على سوريا
العنصر البارز في الجسم السياسي الجديد سيكون المعارض السوري الإشكالي هيثم منّاع (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
في "النوستالجيا العروبية"، حنين إلى مصر؛ التي يعتبرها العرب حاضنتهم، والجميع يحاول استمالتها للاحتماء بظلال مواقفها الداعمة. ومع ثورة 25 يناير 2011، استبشر العرب بمصر الخير من جديد. تسلّم الاخوان المسلمين للسلطة وما تلاه من تصرّفات أخوانية أدت إلى إسقاط الإسلام السياسي لنفسه، وشكّلت إحدى المحطات المضيئة بتاريخ مصر. فالنكسة عادت بعودة العسكر؛ وبعد ثورتين عاد العسكر بخطاب قديم، وأحبط بنهجه طموحات الشعب المصري. لكن حنين العرب غلب الواقع، والعاطفة تقوى على العقل في السياسة، لذلك يبقى الجميع مراهناً أو منتظراً لموقع مصري متميز تجاه القضايا العربية، وسوريا هنا تتصدّر الواجهة، لاسيما في ضوء معلومات تفيد بأن هناك صراعاً مصرياً-مصرياً حول الوضع السوري.

تحاول مصر السيسي منذ فترة، الدخول على الخطّ السوري، تريد صنع دور لنفسها في صوغ الحلّ السياسي للأزمة السورية. في شهر كانون الثاني 2015، استضافت القاهرة مؤتمراً للمعارضة السورية، خرج بنقاط عديدة، أهمها التركيز على الحل السياسي والمرحلة الإنتقالية. وفي السياق العام، لا تخرج المقررات عن المزاج الدولي حول سوريا، لكن في التفاصيل المهمة، تشذّ القاهرة عن الإجماع العربي، لاسيما بشأن الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي تعتبره دول كثيرة كممثل أساسي للمعارضة السورية. في ذلك المؤتمر لم توجّه الدعوات إلى الإئتلاف كجسم سياسي، بل كأفراد، وحين اقترح الإئتلاف أسماء معينة رفضتها القاهرة، من هنا بدأ الخلاف.

تعتبر مصر أن الإئتلاف خاضع لسيطرة الإخوان المسلمين، ولذلك لا تريد مشاركته، وتريد فرض الأشخاص المشاركين. حالياً تعمل الدوائر المصرية على عقد لقاء جديد، للمعارضة السورية، من دون الإئتلاف، بين 8-9 من شهر حزيران/يونيو المقبل. القاهرة عملت على توجيه دعوات فردية لأعضاء من الإئتلاف، فما كان منهم إلّا رفض الدعوات باعتبار أن هيئته السياسية رفضت المشاركة. وتبدو هذه المساعي المصرية، والتي يعتبرها معارضون سوريون خارجة عن الإجماع العربي، هادفة إلى تحقيق اختراقات في صفوف الإئتلاف.

في المؤتمر الجديد، هناك من يسعى، داخل مصر، إلى استنباط جسم سياسي بديل عن الإئتلاف، العنصر البارز فيه سيكون المعارض السوري الإشكالي هيثم منّاع، وتشير مصادر "المدن" إلى ان الجهود تنصب لإنجاح المؤتمر الذي لن يخرج بجديد على صعيد المقررات، بل سيعيد تكرار الموقف الثابت والداعي إلى الحلّ السياسي في سوريا، والمرحلة الإنتقالية من دون التطرّق إلى مصير بشار الأسد. ويتلاقى هذا الكلام، مع ما يدور في الكواليس عن أن الجسم الجديد الذي تسعى القاهرة إلى رعاية نشأته لن يكون معارضاً لمشاركة الأسد في المرحلة الإنتقالية.

وفي هذا السياق، تشير معلومات "المدن" إلى أن هناك خلافاً داخل الإدارة المصرية حول سوريا، وتعتبر المصادر أن هناك اختلافاً في وجهات النظر بين الخارجية المصرية وبين الإستخبارات حول الملف السوري، مضيفة أن "الإستخبارات المصرية لم تقطع الإتصال أبداً بالإستخبارات السورية، وهي تريد بقاء الأسد في موقعه، فيما تعتبر الخارجية المصرية أنه لا بد من البقاء مع الإجماع العربي، لأنه لا يمكن لمصر مجابهة العرب".

وقد شكّلت التسريبات التي تحدّثت عن سعي القاهرة لإنشاء جسم بديل عن الإئتلاف صدمة في الأوساط السياسية العربية، خصوصاً أن الائتلاف يتمتع باعتراف دولي لن تستطيع القاهرة تأمينه للجسم الجديد، كما يؤكد أحد المعنيين العرب بالملف السوري. وفي الوقت الذي أكد فيه المناع بأكثر من مناسبة موضوع الجسم البديل، التزمت مصر الصمت بداية، هذا الضياع عزّز الشكوك حول المؤتمر، ليعود مصدر في الخارجية المصرية وينفي هذا الأمر، وهو ما تعتبره مصادر متابعة دليلاً على الصراع الداخلي المصري، لا سيما أن العديد من المسؤولين المصريين يؤكدون أن الإجتماع المقبل لن يخرج بجسم بديل لكنه قد ينتج كتلة سياسية وازنة، ستكون مؤثرة في مجريات الأمور.

وتذهب المصادر أكثر من ذلك، لتشير إلى أن الصراع ليس مصرياً-مصرياً فحسب، بل هناك اختلاف في وجهات النظر بين مصر ودول الخليج، خصوصاً بين مصر والمملكة العربية السعودية وقطر. ففي وقت تنحصر فيه الأولويات المصرية بمحاربة الاخوان، يأتي التصدي لمشروع الهيمنة الإيراني في سلّم أولويات دول الخليج. أما الأخوان فهم الكفلاء بإسقاط أنفسهم كما حصل في مصر في سنة واحدة، والمدخل لذلك لا يكون إلّا بإسقاط نظام الأسد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها