الجمعة 2015/03/27

آخر تحديث: 14:07 (بيروت)

مقام سُكينة في داريا: حرب الأنفاق الطويلة

الجمعة 2015/03/27
مقام سُكينة في داريا: حرب الأنفاق الطويلة
لمقام حالياً شبه مدمر، حيث استهدفته قوات النظام، سابقاً ببرميلين متفجرين، أديا إلى تهدم القبة بشكل كامل
increase حجم الخط decrease
صباح الأربعاء، قامت قوات من "لواء شهداء الإسلام" التابع للجيش الحر في داريا، بعملية خاطفة استعادت فيها السيطرة على مقام السيدة سُكينة، في داريا المحاصرة منذ قرابة العامين، في الغوطة الغربية من ريف دمشق. وتمثل جبهة المقام حالة خاصة وفريدة في ساحة المعارك الدائرة على الأراضي السورية.

بدأت المعارك حول المقام في أيار/مايو 2013، عندما تسللت قوات النظام إلى المقام، عبر نفق حفرته، وسيطرت على القبو، فيما بقي الطابقان الأول والثاني بيد الجيش الحر. واستمرت الاشتباكات ومحاولات الاقتحام معتمدة في أغلب الأوقات على الاستدراج والقنابل اليدوية وقذائف "الأر بي جي". واستخدمت قوات النظام الغازات السامة عدداً من المرات، وبقي الحال هكذا حتى نهاية العام 2014، حيث سيطر النظام على المقام، بشكل شبه كامل.

استمرار عمليات التسلل من قبل الجيش الحر، حالت دون وضع قوات النظام للدشم والمتاريس، على القسم الغربي والجنوبي من المقام، والمطلين على مناطق سيطرة المعارضة.

القائد العسكري لـ"لواء شهداء الإسلام" أبو جمال، قال لـ"المدن"، إن جبهة المقام كانت وما تزال من أسخن الجبهات في داريا، وأكثرها تعقيداً. ففي الأشهر الثلاثة الماضية "قامت قوات النظام والميليشيات الشيعية الموالية لها بحفر أكثر من أربعين نفقاً لإحكام السيطرة على المقام ومحيطه، تم كشفها وإحباطها، ولكن ذلك كلفنا عدداً من خيرة المقاتلين".

ويوضح أبو جمال أنه بسبب ضعف الإمكانيات وقلة الدعم المقدم للمعارضة المسلحة، وعدم وجود سلاح يمكّنهم من مهاجمة قوات النظام، فقد لجأ الجيش الحر إلى حفر الأنفاق، وتمكنّ من قطع طريق إمداد قوات النظام وحزب الله. وبعد تحضير استغرق أسابيع "قمنا بحفر نفق يؤدي إلى الحائط الجنوبي للمقام ومن ثم فتح ثغرة في الحائط، تسلل منها مقاتلونا، وقاموا بتفجير مكان تمركز قوات النظام. ومن ثم بدأ الاقتحام بكثافة نارية كبيرة أدت لمقتل وإصابة العديد من قوات النظام".

ويضيف أبو جمال: "على إثر ذلك انسحب من تبقى منهم ولكن ما لبثوا أن قاموا بهجوم معاكس، حيث تم استهدافنا بقنابل يدوية تحتوي على الغازات السامة، ولكن مقاتلينا كانوا مجهزين بأقنعة واقية، لمعرفتهم من تجارب سابقة بإمكانية استخدام الغازات من قبل النظام".

تلا تلك العمليات، انفجار كبير أدى إلى تهدم قسم من المقام، المتأذي أصلاً، ويقول أبو جمال: "وما زالت قواتنا متمركزة في المقام، حتى اللحظة، واقتصرت خسائرنا في هذه العملية على إصابات خفيفة فقط".

ويتابع أبو جمال: "المقام حالياً شبه مدمر، حيث استهدفته قوات النظام، سابقاً ببرميلين متفجرين، أديا إلى تهدم القبة بشكل كامل، إضافة إلى استهدافه بعدد من البراميل، وصواريخ "الفيل" شديدة التدمير التي سقطت في محيطه". ورغم ذلك بقي "المقام قائماً نسبياً وذلك بسبب متانة بنائه، فهو بناء حديث العهد ومدعم". فبناء المقام الحديث يعود إلى العام 1999، ولم يذكر كتاب "تاريخ داريا" لعبد الجبار بن محمد بن مهنا الخولاني، أي شيء بخصوص المقام. كما وقد رجّح ابن عساكر، أن السيدة سكينة ماتت في المدينة المنورة.

أما بالنسبة لأهمية موقع المقام الإستراتيجية، يقول أبو جمال: "نخوض مع النظام حرب عصابات وقتال مدن، نعتمد فيها على الأنفاق والتسلل. وموقع المقام يُطلّ على نقاط تمركز لنا، وأبنية استراتيجية، ويعتبر نقطة لبداية حفر الأنفاق تجاه هذه الأبنية، ويجعل احتمالية قطع طرق إمدادنا واردة جداً".

ومن الناحية المعنوية، فقد دأب النظام على التركيز على قيمة المقام الدينية، لاحضار المؤازرة من "حزب الله" والميليشيات الشيعية. وعندما تمّ أقتحام قبو المقام، كانت "قوات حزب الله هي من نفذها، ومن ثم استبدلت بالحرس الجمهوري والأمن الجوي، واللافت أن النظام الذي يدعي حرصه على المقام، هو من استهدفه حتى عندما كان مسيطراً على قبوه، غير آبه بجنوده ولا بقيمة المقام الدينية، التي تحوم حولها الشبهات" بحسب أبو جمال.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها