الإثنين 2014/11/17

آخر تحديث: 16:40 (بيروت)

مصر : "انتفاضة" نوفمبر.. وإعادة تموضع شباب الإسلاميين

الإثنين 2014/11/17
مصر : "انتفاضة" نوفمبر.. وإعادة تموضع شباب الإسلاميين
الناطق باسم الجبهة السلفية: من يتصدى للنظام في الشارع، كله من الإسلاميين، فمن حقي أن أظهر هويتي (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
هل تحمل الأيام القادمة في مصر إعادة تموضع لشباب الإسلاميين؟ سؤال فجرته ردود الأفعال داخل التيارات الإسلامية، وخاصة بين شبابها، على الأحداث المتلاحقة خلال الأسبوع الماضي؛ بدءاً من إعلان جماعة "أنصار بيت المقدس" مبايعتها لـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، لتصبح فرعاً لها في مصر. مروراً بالمقطع المصور "صولة الانصار"، الذي وثّق عمليات التنظيم ضد الجيش المصري خلال الفترات الماضية. وانتهاءاً بدعوة "الجبهة السلفية" لما اسمته "انتفاضة الشباب المسلم" في 28 تشرين ثاني/نوفمبر، عبر مسيرات ترفع فيها المصاحف فقط، وما استجرته من ردود أفعال صاخبة. 

"الجبهة السلفية" مواجهة بالهوية
ربما كان ملمحاً شديد الوضوح، في اتجاه قطاع واسع من شباب الإسلاميين نحو إعادة التموضع، في حراكه الحالي، عبر إطلاق "الجبهة السلفية" لحملتها، التي تحمل ثلاثة أهداف رئيسية؛ الانتصار للهوية الإسلامية، ورفض الهيمنة الخارجية، وإسقاط حكم العسكر. وفي حديث لـ"المدن" مع المتحدث الإعلامي للجبهة محمد جلال؛ رفض الاتهامات الموجهة للحملة، باعتباراها تُفجر صراعاً "هوياتياً"، وتُعطي فرصة للنظام للإنقضاض على شباب الإسلاميين، دون تعاطف من أحد. وقال "الحراك الذي يحدث الآن، ومن يتصدى للنظام في الشارع، كله من الإسلاميين بلا استثناء، فمن حقي أن أظهر هويتي ولا أخفيها"، مؤكداً أن "الحركة الإسلامية تتجه إلى قيادة حركية حقيقية، لتكون ممسكة بزمام الأمور دون الإلتجاء للغرب". جلال وصف يوم 28 تشرين ثاني/نوفمبر، بأنه "ليس يوماً للخلاص، لكنه بداية يومنا بشكل حقيقي للأرض، عبر حملات للتوعية وفاعليات تستمر، سواء رحل السيسي أو عاد مرسي". وتابع بأن "بياناً سيصدر قريباً بأسماء الحركات الإسلامية التي ستشارك" في الحملة.


شباب الإخوان والجنوح للتصعيد
"تحالف دعم الشرعية" الذي تقوده وتشكل القوام الأعظم فيه جماعة "الإخوان المسلمين"، لم يصدر عنه حتى الآن، موقف رسمي أو تعليق واضح على "فيديو الصولة"، أو دعوة "الانتفاضة". واكتفى التحالف بالدعوة لـ"إنتفاضة السجون الثالثة"، في 18 من تشرين الثاني/نوفمبر. إلا أن ردود فعل شباب جماعة الإخوان على هذه الأحداث، وكلام عدد منهم لـ"المدن"، كشف بأن ثمة ملامح لإعادة تموضع شباب الجماعة، تلوح في الأفق، وتتجه نحو ترسيخ فكرة المواجهة مع النظام والتصعيد في الحراك، بشكل قد يكون مستقلاً عن مواقف الجماعة الرسمية. بحيث يكون متروكاً للشباب تقدير المشاركة وعدم منعهم منها، وهو ما تجسد في الترحيب بدعوة الجبهة السلفية، ودعمها، كما حدث في ظهور ثلاثة شباب من الإخوان في المقطع الدعائي للحملة. وكشف أحد الشباب الفاعلين بالإخوان والداعمين للحملة، أن "قيادات بالإخوان ترحب بحراك الجبهة، وربما تدعمه بشكل غير علني، أو لا تمنع الشباب منه عند الحد الأدنى، بإعتباره أحد الأدوات التي ترهق الإنقلاب".

وعلى الرغم من أن الرأي العام داخل الشباب الإخواني، لم يكن يميل إلى ما يمكن تسميته بـ"منظومة داعش الفكرية"، إلا أن الملمح الآخر في إعادة التموضع، كان في تلقي كثيرين منهم "فيديو الصولة" على نحو لا يخفي "شماتة أو سعادة"، من ناحية فشل الرئيس عبد الفتاح السيسي في إدارته للبلاد، أو "تأكيد تسببه في انتشار حالة الإرهاب"، أو بأن ثمة ما "يشفي صدورنا نتيجة ما تلقيناه على يد القوى الأمنية، من تنكيل وتعذيب وتشريد وقتل"، على حد تعبير شباب الإخوان الذين تحدثت معهم "المدن". إلا أن ذلك، لم يمنع شباباً آخرين من التحذير من "الإنزلاق في فخ الإعجاب" بما فعلته أنصار بيت المقدس، مذكّرين بتكفير "داعش" للإخوان ومرسي، في تسجيل متحدثها الشهير العدناني، في آيار/مايو الماضي. بما فتح جدالاً بينهم حول المسلكية السياسية والحركية في المرحلة المقبلة، في ظل التوقع بتوسع المواجهات بين "داعش" والجيش، وهما الطرفان اللذان يمتلكان قوة السلاح، ويريان الإخوان كحركة "خارجة عليهما".
الدعوة السلفية والمؤسسة الدينية الرسمية
جاء رد فعل "الدعوة السلفية"، مشابهاً في هجومه الشديد على "انتفاضة" نوفمبر، لرد فعل المؤسسات الدينية الرسمية كالأوقاف؛ حيث عُقد مؤتمر حاشد في الإسكندرية الجمعة، تحت عنوان "مصرنا بلا عنف"، واصفاً "الجبهة السلفية" بالقطبيين، مشيراً على لسان قياداته بأن المنهج السائد بين الشباب المؤيد لهذا الحدث بـ"التكفيري". وهو الأمر الذي تبنته وزارة الأوقاف على لسان وزيرها، الذي شبّههم بـ"الخوارج". كما حمّلت "الدعوة السلفية" أسباب العنف والتوتر لجماعة الإخوان، والتيارات المساندة لها. وهو ما يعني استمرار الدعوة في تقاربها مع الدولة، بما يثير حفيظة شباب التيارات الأخرى، وقد يدفع المزيد من شبابها للابتعاد عن العمل السياسي أو للتقارب بشكل فردي مع دعوات "الانتصار للهوية الإسلامية".

 
التيارات الأخرى...النأي بالنفس
في ما يتعلق بالتيارات الأخرى، فما زال الانقسام داخل قيادات "الجماعة الإسلامية"، قائماً في التعاطي مع أداء "تحالف دعم الشرعية" باعتبارهم جزءاً منه. وإن كان شباب "الجماعة الإسلامية" أقرب إلى منهج "الجبهة السلفية" بحكم الفكر "الثوري" الذي يتشاركه الطرفان، كما يُعرفان عن نفسيهما عند الحديث في أدبياتهما عن "مواجهة الطغيان". بينما يلتزم حزبا "الوسط" و"الوطن" سياسة النأي بالنفس التي انتهجاها منذ قرارهما الخروج من "التحالف"، وتبني فكرة التقارب مع التيارات الأخرى، وعدم دفع أثمان تحركات يرونها خاطئة على الأرض، وليسا مؤثرين في تشكيلها. بما يعني ابتعاد شبابهما بشكل كبير عن مربع المواجهة المباشرة التي قد تترتب عن المشاركة بـ"الانتفاضة".

رهانات التموضع
إلى ذلك، فإن صداماً يلوح في الأفق، بعد القبض على القيادي بـ"الجبهة السلفية" أحمد مولانا، و تهديدات الداخلية باستخدام الرصاص الحي، كما جاء على لسان المتحدث باسمها اللواء هاني عبد اللطيف، مع من "يهدد أمن البلاد". وذلك في سياق حملة قوية تشنها الدولة ضد "الإنتفاضة"، ما دفع بعض الشباب إلى التخوف من نوايا القوى الأمنية.

ويرى مراقبون أن تموضوع الشباب، بدأ منذ سنة حينما انتشرت "هاشتاغات": تسقط القومية، أو الحدود تراب، أو التحرك نحو القطبية، وحضورها في الخطاب الشبابي. إلا أنه قد يأخذ منحى أكثر جذرية، خلال الفترات المقبلة، بعد أن بات متوقفاً على قوة ونجاح فاعلية يوم 28، ونوع الصدام الذي سينتج عنه، ومقدار ما تحققه جماعات سيناء المسلحة بقيادة تنظيم الدولة. فقد يغري طريق القوة عدداً من الشباب بوصفه الطريق الأسرع في حسم المواجهة، فيما ستظل القيادات متشككة في أي عمل مسلح، بإعتباره محاولة لتوريطها وتشويه صورتها.

وأيا كان ما ستسفر عنه الأحداث، فإن تغيراً بدأ يظهر في خطاب شباب الإسلاميين، بدليل الجدل داخل دوائرهم حول الموقف الواجب اتخاذه في الفترات المقبلة من "المواجهة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها