الأربعاء 2015/01/28

آخر تحديث: 14:04 (بيروت)

منتدى موسكو.. حوار أم تطبيع؟

الأربعاء 2015/01/28
منتدى موسكو.. حوار أم تطبيع؟
الأطراف التي حضرت الحوار، حملت ورقة "التطبيع" الكامل مع النظام، تحت عنوان الابتعاد عن المسائل الخلافية
increase حجم الخط decrease
اتضحت الصورة التي سينتهي عليها "منتدى موسكو" حول سوريا، بعد أن عقد المشاركون عن "المعارضة السورية" مباحثاتهم، واتفقوا على مسودة، قدّمت الأربعاء، في اللقاء الذي يجمعهم مع وفد النظام، برئاسة مندوبه لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.

اتفق "المعارضون" في مسودتهم على التركيز على الوضع الإنساني، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية، إلى ما حاروا في وصفه بين "مناطق النزاع" أو "المناطق المحاصرة"، ووقف الاقتتال وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وفي النقاط التي تليها برزت قضايا كحصر السلاح المنتشر في البلاد بيد جيش النظام، إضافة إلى التحالف بينهم وبينه لمكافحة "الإرهاب"، والعمل على رفع العقوبات الاقتصادية.

المشارك في منتدى موسكو عن هيئة العمل الوطني السوري محمود مرعي، قال لـ"المدن": "طبعاً نحن لا نعول كثيراً على لقاء موسكو، لكن يمكن أن يكون هذا اللقاء كبداية للحوار وبداية للحل. فنحن لا نستطيع أن نُخرج سوريا من أزمتها التي مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات ونصف، بلقاء لعدة أيام. لقاء موسكو قد يكون البداية لفتح ثقب في هذا الجدار المسدود نحو الحل السياسي".

بينما قال لـ"المدن" نائب رئيس الحكومة السورية الأسبق، رئيس حزب الإرادة الشعبية، قدري جميل، إن الهدف من اللقاء هو "إحياء مسار جنيف وإيجاد الأشكال الملموسة لتطبيق بيان جنيف 1"، كما ذكر في معرض الحديث عن ماهية اللقاء الذي تستضيفه العاصمة الروسية، بأن "اللقاء التشاوري هذا قد تكون النتائج المرجوة منه أهم من اللقاءات الرسمية، لأن اللقاءات التشاورية تسمح بأن تجري أحاديث صميمية ووديّة وفعالة، أكثر من اللقاءات الرسمية التي يتم حسبان كل كلمة فيها، وأعتقد أن الجهد سينصب لإيجاد تفاهمات مشتركة بين الجميع".

"نظام الأسد يحاور نفسه في موسكو"، لم تغب هذه العبارة عن لسان المطلعين على الشأن السوري، وبالنظر إلى نتائج المرحلة الأولى التي عقدت فيها جلسات المباحثات بين المشاركين عن "المعارضة"، بدا جلياً أن لهذه العبارة جذوراً واقعية. وفي أحسن الأحوال، فإن الأطراف التي حضرت الحوار، حملت ورقة "التطبيع" الكامل مع النظام، وفق الرؤية والإخراج المناسب له، تحت عنوان الابتعاد عن المسائل الخلافية والتوصل إلى اتفاقات. في ذات الوقت، فإن الحوار المطروح، بحسب إجماع الحضور، هو بهدف تحضير البيئة المناسبة للقاء لاحق يكون بإشراف أممي لحل "الأزمة"، ولم يكن مجال "التفاوض" مفتوحاً في هذه الجلسات.

وفيما نقل البعض أن حضور المنتدى استقلوا طائرة واحدة من دمشق، وحملوا الورقة ذاتها أيضاً؛ والمطالب التي تقدمها "المعارضة" اليوم، هي ما حمله وفد النظام "المفاوض" إلى جنيف العام الماضي، إلا أن الخاتمة تحتاج لاتفاق بين الطرفين يجعل المشهد وردياً، بعد أن نظمته موسكو. المجتمعون سيلتقون وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لابراز عدم وجود نوايا غير مستحبة لروسيا، في مسعى "المعارضة" التأكيد للعالم قدرة "الحوار" على صنع ما لم تصنعه الأيدي التي "ارتبطت بالخارج"، دون أن يلبي هذا "الإنجاز" أي رغبة للشعب السوري، وحتى دون أن يطرحها؛ إذ أجمع المتواجدون على أن الحديث عن رحيل الأسد لم يطرح حتى للنقاش في حلقات الحوار التي دارت ليومين.

وفي المجمل، يبدو ما يحدث في موسكو، حواراً بين مجموعة من "التيارات" السياسية التي تحسب نفسها على "المعارضة"، قدّمت ورقة مطالب، لم يرتفع سقفها إنشاً واحداً عن مثيلتها التي قدمها نظام الأسد. الاستثناء الوحيد هو في الحديث عن إطلاق المعتقلين السياسيين، كنقطة وحيدة يراها البعض جديرة بالذكر، إن لم يتم الالتفاف عليها، في حال موافقة النظام عليها. ما يشبه "المعارضة" المجتمعة في موسكو، لم تذكر ما الذي ستقدمه للنظام، في غياب قدرتها على الضغط أو السيطرة على أي جهة من الكتائب المقاتلة على الأرض. ما يجعل الحوار غير مكتمل العناصر، بغياب أطراف المعارضة الحقيقية، والقوى المسلحة التابعة لها.

الحوار أقرب إلى صيغة "مكافحة الإرهاب"، وليس معنياً بالتوقف عن سفك دماء الشعب السوري.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها