الأحد 2015/01/25

آخر تحديث: 13:54 (بيروت)

المعارضة على أسوار مدينة حلب الصناعية

الأحد 2015/01/25
المعارضة على أسوار مدينة حلب الصناعية
سيطرة المعارضة على تلة البريج والجرف، ذات أهمية قصوى، من الممكن تسخيرها في عمليات هجومية قادمة
increase حجم الخط decrease
شهدت الأيام الماضية حراكاً عسكرياً متصاعداً شمالي مدينة حلب، بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة. تزامن ذلك مع استقرار الحالة الجوية في سوريا بشكل عام، ما أتاح عودة طيران النظام كعنصر رئيسي في المعارك.

مجرى المعارك هذه المرة كان بخلاف التوقعات؛ فعلى الرغم من الطلعات الجوية المكثفة لطيران النظام، وتنفيذه لعشرات الغارات بمختلف أنواع الأسلحة من براميل متفجرة وصواريخ فراغية، إلا أنه لم يشكل عائقاً على تقدم فصائل المعارضة على أكثر من محور، بل إنها سيطرت على نقاط تعتبر مهمة واستراتيجية بالمفهوم العسكري. يعكس ذلك فشل مساعي قوات النظام الحثيثة، لحصار المدينة الاستراتيجية، وفصلها عن ريفها الشمالي، الذي يعتبر الحاضنة الأبرز لكتائب المعارضة.

التقدم الأخير الذي حققته المعارضة في حلب، كان مع ساعات صباح السبت الأولى، حين سيطرت على تلة البريج وجُرفها، بعد معارك كر وفر قاسية استمرت طيلة مساء الجمعة.
وشاركت في العملية أغلب فصائل حلب المعارضة؛ الجبهة الشامية وكتائب أبو عمارة وحركة أحرار الشام. واستخدمت المعارضة الأسلحة الثقيلة التي مهدت للاقتحام. وبحسب المكتب الإعلامي لغرفة عمليات المعركة، تم قتل العديد من جنود النظام، وفرار الباقين إلى مواقع متأخرة في المدينة الصناعية.

سيطرة المعارضة على تلة البريج والجرف، التي تعتبر نقاطاً متقدمة في مواجهة قوات النظام، ذات أهمية قصوى، من الممكن تسخيرها في عمليات هجومية قادمة تشنها المعارضة. وذلك لما تتمتع به النقاط المذكورة من ارتفاعات عالية، وإطلالها بشكل مباشر على المنطقة الصناعية، التي حولتها قوات النظام إلى قاعدة عسكرية، تُسير منها أرتال الإمداد والدعم إلى الخطوط الأمامية في حندرات والملاح، إلى الغرب من حلب.

مدير المكتب الإعلامي للجبهة الشامية أبو فراس الحلبي، يقول في تصريح خاص لـ"المدن" بإن العملية العسكرية الأخيرة التي شنتها فصائل المعارضة شمالي حلب، تأتي ضمن سلسلة من عمليات عسكرية منظمة، تهدُف إلى إبعاد شبح حصار النظام لأحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة، كما تسعى المعارضة من خلالها لإستعادة السيطرة على الملاح وحندرات والمدينة الصناعية.

يضيف الحلبي، الذي تمثل جبهته المظلة الأكبر لفصائل حلب، بأن ما ساعد في نجاح المعارضة، هو تغييرها للتكتيكات العسكرية المتبعة بالعادة؛ حيث لجأت هذه المرة، إلى ضرب قوات النظام في عقر ثكناته وتحصيناته، من خلال عمليات عسكرية خاطفة تقوم بها مجموعات وسرايا مدربة تؤدي مهامها بأسرع وقت ممكن، وتحاول أن توقع أكبر قدر من الخسائر في صفوف قوات النظام والمليشيات التي تقاتل إلى جانبه، على تلك الجبهات.

في السياق ذاته، نفذت تشكيلات المعارضة، منذ ثلاثة أيام، آخر عملياتها الخاصة، حيث تسللت مجموعة من المقاتلين إلى تحصينات قوات النظام في معمل الزجاج والمطاحن، القريب من سجن حلب المركزي، وقتلت خلال العملية 20 جندياً من قوات النظام، ومقاتلين من الجنسيات الإيرانية والأفغانية. المعارضة أسرت أربعة جنود من قوات النظام، كما غنمت كميات من الذخائر والأسلحة، كانت موجودة في المواقع المستهدفة.

من جانب آخر، أكد القائد العسكري في الجبهة الشامية، أبو أحمد، لـ"المدن"، بأن التعزيزات التي تدفع بها المعارضة على جبهة البريج سوف تستمر خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى أن الفرصة باتت سانحة للمعارضة كي تتسلم زمام المبادرة على الأرض، و"خير دليل على ذلك هو الانتصارات الأخيرة التي حققتها المعارضة، ما تسبب بحالة من الإحباط والتخبط في صفوف قوات النظام، إثر الهزائم المتلاحقة التي حلت بها".

كذلك أكد أبو فراس الحلبي، على فكرة انتقال المعارضة من حالة رد الفعل، إلى تسلم زمام المبادرة، والتحول إلى فاعل رئيسي في ميدان المعركة. وأرجع ذلك إلى الإتحاد الذي شهدته فصائل المعارضة في حلب، ضمن كيان عسكري واحد، تحت مسمى الجبهة الشامية، ما كان له الاثر البالغ في استعادة الثوار لمعنوياتهم، وانتقالهم من مرحلة الدفاع إلى الهجوم.

تبقى المعارضة أمام امتحان صعب خلال الأيام القليلة المقبلة، فهل تستطيع المحافظة على نقاطها الجديدة التي كسبتها مؤخراً؟ وذلك في ظل التصعيد المرتقب لقوات النظام، التي حرمت خلال الفترة الماضية، بسبب سوء الأحوال الجوية، من الإسناد الجوي، الذي يؤمن لها غطاءً نيرانياً يكفل احتفاظها بمواقعها، ويساعدها في التقدم على أكثر من محور.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها