الجمعة 2014/01/03

آخر تحديث: 09:07 (بيروت)

مصر: تقليم أظافر الداخلية

الجمعة 2014/01/03
مصر: تقليم أظافر الداخلية
هناك نية جادة داخل التحالف والإخوان "لتقليم أظافر الداخلية" (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
 بعد أيام من الهدوء النسبي، عاد التصعيد إلى الواجهة السياسية في مصر في جمعة "الشعب يشعل ثورته"، نتيجة اندلاع اشتباكات دامية بين المتظاهرين المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين- التي أصبحت تصنف في مصر على أنها جماعة ارهابية - وبين القوات الأمنية.
وزارة الصحة تحدثت عن مقتل 11 شخصاً توزعوا على  الإسماعيلية والفيوم والقاهرة فضلاً عن اصابة ٤٢ شخصاً. في المقابل تحدث التحالف الوطني لدعم الشرعية عن 19 قتيلاً جيمعهم قضوا بإلرصاص.
 
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر طبية في مدينة الإسكندرية الساحلية قولها إن امرأة ورجلاً قتلا بطلقين ناريين في اشتباكات في المدينة استخدمت فيها الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع بينما استخدم مؤيدو الإخوان الألعاب النارية والحجارة. وقال شهود عيان إن أصوات طلقات رصاص سمعت خلال الاشتباكات.
 
وفي الإسماعيلية، حيث سجل مقتل شخص، قال شاهد عيان إن قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على مؤيدي الإخوان الذين رشقوها بالحجارة وأطلقوا عليها الألعاب النارية. 

الأمر نفسه تكرر في مدينة السويس، إذ فرق الامن بقنابل الغاز المسيل للدموع مسيرة لانصار الاخوان، بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط. واشعل متظاهرون اسلاميون النيران في سيارة شرطة في محافظة بني سويف جنوب البلاد، حسبما قال مصدر امني.
 
أما في المنيا جنوبي القاهرة، سجل مقتل طالب جامعي بطلق ناري في البطن خلال اشتباكات بين مؤيدي لإخوان المسلمين والشرطة فيما أصيب ثلاثة طلاب آخرين أصيبوا بطلقات نارية ونقلوا إلى المستشفى الجامعي بالمدينة.
 
وفي حي مدينة نصر شرق القاهرة، اطلقت الشرطة المصرية الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف من انصار مرسي والاخوان المسلمين.
واثر تدخل الامن، تفرق المتظاهرون في الشوارع الجانبية حيث اشعلوا النيران في اطارات السيارات لتخفيف اثر الغاز، بحسب مراسلة لوكالة فرانس برس تحدثت عن سماع اطلاق نار.
 
وفي الحي نفسه، اطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لمنع طلاب مؤيدين للاخوان من الخروج من سكن الطلاب الخاص بجامعة الازهر، الساحة الرئيسية لتظاهرات الاسلاميين مؤخراً، حسبما ذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية.
 
وفي ضاحية المعادي (جنوب القاهرة)، اشتبكت الشرطة مع متظاهرين اسلاميين بالقرب من مستشفى المعادي العسكري بحسب صحافي في "فرانس برس". وجرت مواجهات مماثلة في أحياء الزيتون شرق القاهرة.
 
وعلى غرار ما يحدث خلال الاشتباكات بين القوات الأمنية وأنصار الإخوان، تبادل الطرفان الاتهامات. مدير المباحث الجنائية بالمدينة العميد هشام نصر، قال لـ"رويترز"، إن المتظاهرين المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين حملوا خلال مسيرتهم بنادق آلية وبنادق خرطوش وزجاجات حارقة، فيما أشارت الإذاعة المصرية إن مؤيدين للإخوان المسلمين أشعلوا النار في سيارة شرطة في مدينة الجيزة التي تجاور القاهرة خلال مسيرة لهم في المدينة. 
وأصدرت وزارة الداخلية بياناً قالت فيه إنها تمكنت من "ضبط 122 من عناصر الإخوان وبحوزتهم قنابل محلية الصنع وأسلحة نارية وبيضاء".
 
في المقابل، اتهم موقع "إخوان أونلاين"، التابع لجماعة الإخوان، ما أسماها "مليشيات الانقلاب"، في إشارة إلى قوات الأمن، بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
 
ويأتي اشتعال العنف مرة أخرى في مصر قبل أقل من أسبوعين على تنظيم الاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد المقرر في 14 و15 من كانون الثاني/يناير المقبل الذي تقاطعه جماعة الإخوان وحلفائها وقبل أيام فقط من استئناف محاكمة الرئيس المعزول، محمد مرسي، في قضية قتل متظاهرين يواجه فيها اتهامات بالتحريض على العنف وبـ"التواطؤ" في قتل متظاهرين امام قصر الرئاسة اثناء توليه السلطة في كانون الاول/ديسمبر 2012. ويستعد التحالف لتنظيم مسيرات حاشدة الاربعاء المقبل باسم "الشعب يدافع عن رئيسه"، تزامناً مع محاكمة مرسي.

كما جاءت الاشتباكات بعد بيانات حادة اللهجة من قبل الطرفين. وزير الداخلية المصري، محمد إبراهيم، أعلن أنه سيتم التعامل بكل حزم مع أي أعمال شغب أو أي محاولة لإفساد "خريطة الطريق"، وتوعد بـ"هلاك" كل من يفكر بتعطيل الاستفتاء.

في المقابل، تزداد المؤشرات على مضي التحالف الداعم للشرعية في المواجهة على غرار ما حدث قبل 3 ايام عندما اعتقلت مجموعة من السيدات في الاسكندرية خلال مسيرة للتحالف. يومها أصدر التحالف بياناً حاد اللهجة تضمن تهديداً بحصار قسم محرم بك حيث احتجزت السيدات، وهو ما تم بالفعل قبل أن تعمد القوات الأمنية إلى اطلاق سراح السيدات. كذلك بدأت تتكرر عمليات احراق المحتجين لسيارات الشرطة على غرار ما حدث الجمعة.

عن هذا التصعيد، أوضح  أحد كوادر الإخوان في الإسكندرية، محمد صالح، في حديثه لـ"المدن" أن "التصعيد سيظل مستمراً ومتزايداً"، لكنه استطرد قائلاً ان الجماعة لن تتورط في أي مواجهة مسلحة.

واعتبر أن التصعيد "يحدث بشكل تلقائي ومن دون إعداد مسبق لسببين؛ الأول أن قمع السلطة والأمن لا يزال مستمراً، وهو لا يفرق بين رجل وامرأة وطفل ومسن، أما الثاني فهو انضمام شرائح جديدة للفعاليات ضد الانقلاب بسبب التدهور الاقتصادي وسياسات الانقلاب السيئة".
 
وشدد صالح على أن "الإخوان لم يتخلوا عن السلمية، فهذا خيار استراتيجي، وهم مدركون جيداً أن التخلي هنا لن يكون نهاية المطاف على عكس دوامة العنف فهي لا تصل بنا إلا الى مشهد أكثر دموية وتعقيداً". ورأى أن "كل ما في الأمر هو أنه تم استخدام أدوات لصد العنف المفرط من الداخلية والجيش في محاولة لحماية المتظاهرين باستخدام الألعاب النارية والحجارة".
 
وفيما اعترف باستخدام حرق الإطارات في تعطيل تقدم الشرطة وقطع الطريق أمامها، أشار إلى أن "هناك نية جادة داخل التحالف والإخوان لتقليم أظافر الداخلية عبر كسر أدواتها، عبر استخدام المولوتوف ضد سيارات الشرطة التي تعتقل البنات والمتظاهرين وكذلك المدرعات، لكن دون مساس بالأشخاص أو التورط بالدخول في مواجهة مسلحة، فهذا أعلى سقف لنا سيتم استخدامه". ورجح أن التصعيد يعود إلى الاقتراب من الاستفتاء وذكرى ثورة 25 يناير بما يستدعي تهيئة الأجواء - لحالة ثورية مشابهة لـ 28 يناير.

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، محمد صفار، أن التصعيد من قبل أنصار الإخوان يُقرأ من زاويتين، الأولى انه جزء طبيعي ناتج عما يمر به من يتعرض لعنف وقمع، إذ يمر عبر ثلاث مراحل؛ الأولى هي الصدمة والخوف ثم الألم والاستفزاز ثم مرحلة تتناقص فيها درجة الخوف حتى تصل لدرجة صفر، وتكون هناك رغبة في المواجهة بشكل قوي ويشعر الطرف المقموع بأنه لا شيء يخسره.

أما الزاوية الثانية، فانطلق في تحليلها من منظور جسد الدولة ورأسها، اذ اعتبر  أن الإخوان يراهنون على صراع بين رجالات دولة مبارك (الجسد) على تولي رأسها، بعدما تحالفوا في ما بينهم وأسقطوا رأس الدولة الذي أتى بعد الثورة، في اشارة إلى مرسي الذي أطاح به الجيش بعد احتجاجات شعبية واسعة تطالب بتنحيه.

واعتبر صفار أن رغبة الإخوان في إحداث زخم كبير في الاستفتاء وفي ذكرى 25 يناير مع استثمار غضب قطاعات من رافضي النظام الحالي، يأتي في سياق الرغبة في استمالة أحد عناصر هذا الجسد، للوقوف بجانبه طمعاً في مساندة من الإخوان أو دعم منهم في مواجهته لبقية عناصر الجسد، مقابل مساندة الإخوان في مواجهة القمع ضدهم.

لكن صفار أشار إلى أن حدوث مثل هذا الأمر يظل مرهوناً بنجاح هذا التصعيد في إحداث الزخم في هاتين المناسبتين. وأوضح أنه في حال عدم حدوث تصعيد في المناسبتين "ستكون هناك موجة من الانحسار لتظاهرات الإخوان وحراكهم مع المتحالفين معهم، أو المؤيدين لهم".

 في المقابل، فإن التصعيد في المواجهة إن تم 
ربما يقابله، من وجهة صفار، دخول شرائح من المواطنين في المواجهة مع اقتراب وقت الاستفتاء و25 يناير تحديداً، لكن هذا يظل مرهوناً ببقاء صراع "جسد" دولة مبارك مخفياً غير ظاهر للعلن.

واعتبر صفار أنه حال ظهور مثل هذا الخلاف للعيان، فلن يتبرع المواطن لخوض معركة غيره أو معركة عنوانها انقسام "الجسد" الذي يدير المشهد.
 
increase حجم الخط decrease