الخميس 2015/04/23

آخر تحديث: 19:50 (بيروت)

جهاديو سوريا: نحن الحزم

الخميس 2015/04/23
جهاديو سوريا: نحن الحزم
عبدالله المحيسني في اجتماع بإدلب عقب إنتهاء "عاصفة الحزم" (من حساب المحيسني على تويتر)
increase حجم الخط decrease

يستدلُ المتابعون للملف السوري على اقتراب "عاصفة حزم" في سوريا، من خلال متابعة بعض التصريحات الصادرة عن كتاب وصحافيين خليجيين، أو حتى من خلال كلمة مندوب المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، التي تلاها في اجتماع بمجلس الأمن، الليلة الماضية.

في حقيقة الأمر، لم يلمّح المعلمي، في كلمته، إلى عاصفة في سوريا. لكن، كمثالٍ على حجم التوتر والترقب لما بعد العملية العسكرية في اليمن، فهِمَ مندوب سوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، أن المعلمي يصبّ في قناة تلك التصريحات التي تحدّثت عن طقس إقليمي مواتٍ للتحرك في سوريا، من خلال قول المندوب السعودي إن بلاده التي أثبتت قدرتها على "الحسم والحزم" في اليمن، لن تدخر جهداً في مساعدة الشعب السوري "بما يحافظ على وحدة سوريا، وسلامة أراضيها، وحقوق أبنائها بمختلف فئاتهم وطوائفهم ومعتقداتهم"، وهذا الكلام اعتبر الجعفري أن فيه "جاهلية سياسية تحريضية" تستدعي أن يربأ بنفسه عن الرد، لكنّه استفاض في الرد، فساوى بين "الصهيونية والسعودية والوهابية والجاهلية والتكفيرية"- كلّ تلك التوصيفات معاً هي السعودية، التي تحداها بقوله "فلترنا السعودية ماذا تستطيع أن تفعل ضد بلادي، وعندها سنقطع اليد التي ستمتد إلى سوريا، وسنعاقب السعودية بما تستحق".


تلك المناكفة بين مندوبي سوريا والسعودية ليست جديدة بطبيعة الحال، إذ سبق أن تراشق الرجلان بالبلاغة والشعر في جلسات سابقة في أروقة الأمم المتحدة، لعلّ أبرزها تلك التي انعقدت مطلع العام الماضي، حين تورط  الجعفري واستعان ببيت للشاعر السوري عبدالغني النابلسي، فأخطأ فيه، فما كان من المندوب السعودي، نجل الفقيه اللغوي يحيى المعلمي، إلا أن يصحح له البيت، ويردّ عليه حين وجّه صفات مثل "الزعرنة" إلى السعودية، بالقول إلى رئيس الجلسة: "في ما يتعلّق بعبارات الزعرنة والدناءة وقلّة الأدب، فإنني أسلم له بالتفوق المطلق، ولن أنحدر إلى محاولة مجاراته في تلك العبارات".


نقاش أسباب توقف عملية "عاصفة الحزم" ونتائجها والاحتمالات السورية لها ما يزال مبكراً، استمرار الغارات لا يشير إلى أنها انتهت تماماً، والنتائج الفعلية لما حققته ستقاس من حيث تنازلات الحلف الإيراني في اليمن، مقارنة مع حجم "البذخ" العسكري الذي تم ضخّه ضد قوات صالح والحوثي. ومن هذا المنطلق، كان لتوقف العملية صدىً في سوريا، لاسيما أن بعض الأحاديث كانت ترى في العملية أهدافاً عديدة، من ضمنها لجم المتشددين العرب، الذين غزوا سوريا لمواجهة النفوذ الإيراني، من خلال القول إن جيشاً عربياً الآن يواجه التمدد الإيراني في المنطقة، لصرف نظرهم عن فكرة القتال ضد الخصوم من خلال تنظيمات تستند في صراعاتها مع الآخرين على الفتاوى واستنهاض هويات ما قبل الدولة، فيتم السيطرة على معسكر الجهاديين الكبير.


على النطاق الخليجي يبدو أن ذلك الهدف تحقق، إذ انتشرت مقاطع مصورة كثيرة للداعية السعودي المعروف، محمد العريفي، الذي نظّر كثيراً للجهاد في سوريا، على الحدود السعودية - اليمنية بالزي العسكري، يحيي الجنود ويعلن مساندته لهم في المسعى الذي تقوده المملكة لإعادة الاستقرار إلى اليمن كدولة.


في سوريا كان الوضع مختلفاً. فالرهان على نجاعة فكرة احتواء المتشددين قضى عليه الإعلان المفاجىء عن توقف العملية، وأظهر، بشكل جلي، أن فريق المتشددين المقاتلين في سوريا، كان يكظم غيظاً تجاه الخطوة السعودية واحتمال توسّعها لتشمل سوريا. وتلك الحال تفجّرت بنرجسية عالية، دعت أحد أبرز منظري التيار السلفي الجهادي، عبدالله المحيسني، وهو نجل القارىء المعروف ورئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، محمد المحيسني، إلى استغلال إعلان المملكة توقف "عاصفة الحزم" بسلسلة لقاءات تنظيرية هاجم فيها الخطوة السعودية، عقدها في إدلب، التي خضعَت لسيطرة فصائل إسلامية عديدة يعتبر المحيسني صاحب الكلمة الفصل بين شرعيّيها، في الوقت الذي كانت فيه المقاتلات السعودية تضرب مواقع صالح والحوثيين في اليمن، وهو ما دعا البعض إلى ربط العملية في اليمن بسيطرة الفصائل الإسلامية على مدينة إدلب، بالقول إن دعماً ما وصل إلى تلك الفصائل حتى حسمت معركة إدلب سريعاً، وهو لا ينفصل عن التطورات في اليمن.


يقول المحيسني "(انتهت) عملية عاصفة الحزم ولم ينته الحوثيون! رسالة إلى الشعوب المسلمة، أن حصنكم الحصين إخوانكم المجاهدين، الذين مرغوا أنوف الروس والصليبيين". في كلام المحيسني دعوة صريحة إلى التخلي عن الرهان على تدخّل عربي، أو على الأقل سعودي، للقيام بعملية مماثلة ضد الأسد في سوريا، وفي ذلك حيّز جديد للمتشددين حتّى يثبّتوا مواقعهم ومكانتهم كقوّة ضاربة ضد الأسد في سوريا. المحيسني أعلن، بعد "دعوة الشعوب المسلمة" للارتماء في "حصن المجاهدين"، إنطلاق معركة جديدة في مناطق بين ريفي حماه وإدلب.. "الله أكبر انطلقت غزوة من أكبر غزوات المسلمين.." قال المحيسني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها