الجمعة 2015/12/18

آخر تحديث: 20:31 (بيروت)

الغاز يعيد العلاقات الإسرائيلية-التركية

الجمعة 2015/12/18
الغاز يعيد العلاقات الإسرائيلية-التركية
كوك، قال إن "المصالحة" مع إسرائيل، كانت "جزءاً كبيراً من هجوم تركيا الساحر" (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، مقالاً لإيزابيل كيرشنير وتيم ارانغوديك، الخميس، بعنوان "اسرائيل وتركيا توافقان على استعادة الروابط الديبلوماسية". وجاء في المقال أن اسرائيل وتركيا، توصلتا إلى اتفاق تمهيدي، لبدء استعادة كامل العلاقات الديبلوماسية، بعد سنة من التجميد، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

وقد اختلف البلدان، بعدما كانا حليفين مقربين، نتيجة مواجهة دموية في العام 2010 بين كوماندوس إسرائيلي وناشطين أتراك على سفينة ركاب حاولت كسر حصار بحري فرضته إسرائيل على قطاع غزة.

السفينة "مرمرة" كانت جزءاً من أسطول صغير يحمل المساعدات إلى غزة، عندما اعتلى كوماندوس البحرية الإسرائيلية ظهر السفينة وقتلوا 9 نشطاء أبدوا "مقاومة عنيفة". ومات الناشط العاشر متأثراً بجراحه لاحقاً.

مسؤول رفيع إسرائيلي، رفض الكشف عن اسمه، لأن اتفاقية المصالحة لم تصل إلى خواتيمها بعد، قال إن إسرائيل ستنشىء صندوق تعويض لعائلات القتلى. وأورد الإعلام الإسرائيلي تقارير تحدثت عن أن التعويض سيصل إلى 20 مليون دولار، لكن المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، إيمانويل ناحشون، قال إن المبلغ لم يحدد بعد.

في المقابل، فإن تركيا ستسقط تهماً جنائية كانت قد وجهتها ضد مسؤولين إسرائيليين، وأن توافق على منع دخول قادة من "حماس" إلى تركيا. وكانت اسرائيل قد اتهمت القيادي في "حماس" صالح العرعوري، بتنسيق هجمات ضد إسرائيليين في الضفة الغربية من تركيا.
البلدان، سيتبادلان إعادة السفراء إلى عواصمهما، وسيناقشان بناء خط أنابيب لجرّ الغاز الطبيعي من اسرائيل إلى تركيا، بحسب المسؤول الإسرائيلي.

وكان قد أعلن عن هذا الإجراء الطارئ بعد أيام من حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لصحافيين، بأن المصالحة: "ستكون مفيدة لنا، لإسرائيل، لفلسطين، ولكامل المنطقة".

المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، علق قائلاً: "لطالما تطلعت إسرائيل إلى علاقات مستقرة مع تركيا، وهي تتفحص بشكل دائم الطرق لتحقيق هذا الهدف".
اتفاقية المصالحة ما زالت بحاجة إلى تواقيع نهائية، بحسب المسؤول الإسرائيلي.

وقد مرّ عامان ونصف العام على الضغط الذي مارسه الرئيس الأميركي باراك أوباما، على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للاتصال برئيس الوزراء التركي حينها أردوغان، والإعتذار منه عن قضية "مرمرة". وكان متوقعاً لذلك الاتصال الهاتفي، في نهاية زيارة أوباما لإسرائيل العام 2013، أن يمهد الطريق للمصالحة. بدلاً من ذلك، كان الاتصال واحداً من بدايات فاشلة أخرى، عندما لم تتوافق تركيا وإسرائيل على الشروط.

المسؤول الإسرائيلي قال إن الاتفاقية المعلقة، نمت خلال اللقاءات الأخيرة، في سويسرا، بين المبعوث الإسرائيلي الخاص؛ المستشار الأمني لنتنياهو يوسي كوهين، والديبلوماسيين الأتراك فيردان سينيرلوغو ويوسف سيشانوفير.

المسؤولون الأتراك لم يتحدثوا علناً عن الإتفاقية، لكن صحيفة " صباح" المقربة من الحكومة، قالت مقتبسة عن مسؤول تركي رفيع: قد تم التوصل إلى "اتفاق مصالحة تمهيدي" في لقاء زوريخ/سويسرا. وكالة "الأناضول" التركية شبه الرسمية، قالت بإن الاتفاق ما زال قيد العمل، ولم يكتمل بعد.

بالاتفاق مع إسرائيل، قد تستعيد تركيا واحدة من أهم علاقاتها، والتي اعتمدت عليها الولايات المتحدة سابقاً، للمساعدة في تأمين الأمن الإقليمي. وقد اعتادت تركيا أن تكون الصديقة الأكثر أهمية لإسرائيل في العالم الإسلامي، والبلدان ما زالا يتشاركان العديد من المصالح الإستراتيجية، بما في ذلك احتواء إيران.

من جهته، أشاد "البيت الأبيض" بالاتفاقية، وقال مسؤول في إدارة أوباما: "سنرحب بهذه الخطوة في تطوير العلاقات بين حلفائنا الرئيسيين في المنطقة، والتي تلاقي تحديداً مصالحنا المشتركة والأخطار التي نواجهها".

بالتزامن مع ذلك، أعطت اسرائيل، الثلاثاء، موافقة الحكومة النهائية لاتفاقية طال انتظارها، ستسمح بتنمية الشراكة الإسرائيلية-الأميركية في حقل الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وستسمح لإسرائيل بتصدير الغاز إلى بلدان آخرى في المنطقة، بما فيها تركيا. وروسيا هي المورد الرئيسي للغاز إلى تركيا، وحكومة أردوغان بدأت البحث لتخفيض اعتمادها على موسكو، بحسب محللين.

وقد اكتسبت هذه الجهود، طابعاً ملحاً في الشهور الأخيرة، مع تصادم تركيا وروسيا حول أدوارهما في الحرب السورية الأهلية. تركيا تدعم الثوار في محاولة الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، الذي يحظى بدعم روسي.

قبل شهر، أسقطت تركيا طائرة روسية مقاتلة كانت في مهمة قصف في سوريا، بعدما انتهكت المجال الجوي التركي، بحسب المسؤولين الأتراك، ما زاد في حدة التوتر. وردت روسيا بفرض عقوبات على تركيا.

الخبيرة الإسرائيلية في السياسة التركية الخارجية، العاملة في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، غالية ليندينستاروز، قالت: "هناك سؤال عن كيف، ولمن ستصدر اسرائيل غازها؟". فالأزمة بين تركيا وروسيا، بحسب غالية، هي جزء من مجموعة عوامل تعمل في صالح إسرائيل.

وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، قال إن التقدم في الإتفاق لتطوير احتياطي الغاز الإسرائيلي، يُعزى إلى ذوبان الثلج بين إسرائيل وتركيا. وهو ما كانت إسرائيل، لأشهر خلت، تتطلع إليه، عبر البحث عن إمكانيات تصدير الغاز إلى تركيا.

الخبير في الشؤون التركية في "معهد العلاقات الدولية" ستيفن كوك، قال بإن الاتفاق مع إسرائيل، الذي لطالما كان ضرورة ديبلوماسية بالنسبة للولايات المتحدة، على الأغلب، قد دُفع قدماً بسبب إدراك تركيا حاجتها لحلفائها الغربيين خلال تصاعد التوتر مع روسيا وإيران، اللتين تدعمان الأسد.

كوك، قال إن "المصالحة" مع إسرائيل، كانت "جزءاً كبيراً من هجوم تركيا الساحر".
    
من جهة ثانية، وصف زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أفيغدور ليبرمان، أردوغان بأنه "زعيم إسلامي متطرف". وانتقد ليبرمان، الجمعة، قرار الحكومة الإسرائيلية، تطبيع العلاقات مع تركيا، قائلاً إن "تطبيع العلاقات مع تركيا سيأتي على حساب العلاقات مع اليونان وقبرص ومصر". 
وبالنسبة لمصر، أوضح ليبرمان: "لا أعتقد أن أردوغان سيتنازل عن طلبه بشأن غزة (رفع الحصار)، وكل دعم تركي لغزة يأتي على حساب مصر"، مضيفاً "الاتفاق مع تركيا لم يتم بعد، لكن الضرر السياسي حصل".

وقال رئيس المعارضة في إسرائيل، زعيم حزب "المعسكر الصهيوني" يتسحاق هرتسوغ، إنه كان بإمكان إسرائيل التوصل إلى اتفاق أفضل مع تركيا في الماضي. وأوضح هرتسوغ "لو توصلنا إلى اتفاق مع تركيا قبل سنتين أو ثلاث، لكان الاتفاق أفضل وأكثر راحة لإسرائيل"، مضيفاً "نتنياهو خاف من ليبرمان وتراجع، واليوم هو يدفع ثمنا أغلى".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها