الجمعة 2015/07/03

آخر تحديث: 13:36 (بيروت)

الإخوان المسلمون في عامين: نظام ينتقم وجماعة تواجه

الجمعة 2015/07/03
الإخوان المسلمون في عامين: نظام ينتقم وجماعة تواجه
تنامى دورشباب الجماعة بشكل ملفت، حتى بات المتحدث الإعلامي للجماعة من بين صفوفهم (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

سلّطت الأحداث الدموية في الأيام القليلة الماضية، في مصر على ملفات عديدة، خصوصاً تلك التي تخصّ جماعة الإخوان المسلمين، بوصفها صاحبة المواجهة الأبرز مع نظام عبدالفتاح السيسي منذ عزله للرئيس محمد مرسي قبل نحو عامين.

حالة الهستريا الشديدة التي أصابت النظام وإعلامه، جراء ما ظهر من فشل أمني متتالٍ في الذكرى الثانية لاستيلائه على السلطة، دفعته إلى تبني استراتيجية "شيطنة" الجماعة، عبر تصريحات لمسؤولين رسميين تتهمهم بكل ما جرى من وقائع خلال الأيام الماضية، ومحرضة عليهم اجتماعياً وسياسياً، ذاهبة إلى سن قوانين تعجل بمحاكمتهم وربما إعدامهم سواء من خلال قانون مكافحة الإرهاب الذي أقرته الحكومة وينتظر موافقة السيسي عليه أو من خلال تعديل قانون الإجراءات الجنائية.


جماعة الإخوان المسلمين جاء ردها سريعاً وغاضباً، من خلال بيان حمل عبارة لافتة تقول "إن عملية الاغتيال بحق قياداتها تحول له ما بعده، ويؤسس به المجرم عبدالفتاح السيسي لمرحلة جديدة لا يمكن معها السيطرة على غضب القطاعات المظلومة المقهورة التي لن تقبل أن تموت في بيوتها وسط أهلها".


العبارة دفعت الكثيرين من المراقبين إلى التساؤل عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه جماعة الإخوان في مواجهتها مع النظام، وهو تساؤل لا يمكن الإجابة عليه إلا بالنظر لما وصل إليه حال الإخوان بعد عامين من الإطاحة بهم من الحكم.


تنازع الإذعان للنظام والمواجهة


لم يكن السكون هو حال جماعة الإخوان المسلمين طوال هذه المدة، فالأحداث والتفاعلات داخل الجماعة كشفت أن غالبية الرؤى التي تناولت الجماعة كانت من منطلق "المكايدة السياسية"، ذلك أن غالبية التوقعات من خصوم الجماعة، انطلقت من أرضية أن الجماعة سرعان ما ستعود إلى المشهد السياسي مرة أخرى بتفاهمات مع النظام التي أطاح بها وهو ما أثبتت عكسه الأيام. فتطور المشهد من خلال الضغط الذي واجهته الجماعة في أعقاب حملة التنكيل والاستئصال التي تمثلت في الإعتقالات بالآلاف وأحكام بالإعدام للعشرات والحكم بالسجن لمدد طوال لغيرهم، وسقوط قتلى بالمئات، أدى إلى تغيّرات عديدة طالت الجماعة على مستويات كثيرة، بدءاً من بينة الهيكل الإداري والتنظيمي للجماعة، وآليات اتخاذ القرار فيها، ودور الأخوات داخلها، والقناعات العامة لشبابها ودورهم، الأمر الذي يدفع للقول بإننا ربما نكون أمام تشكيل جماعة إخوان جديدة شرسة.


على مستوى الهيكل الإداري وآليات اتخاذ القرار، شهدت الجماعة صعوداً للشباب أكثر في مناطق القيادة وزادت مساحة اللامركزية في اتخاذ القرارت، وأصبحت قرارات عديدة أكثر جرأة، أفرزت مشهداً جديداً يوضح أن شيوخ الجماعة لم يعودوا المسيطرين الفعليين في المناصب القيادية، فضلاً عن التغيير والتعديل الذي طال لجان العمل بالجماعة.


أما على مستوى الأخوات، فالأحداث أجبرت الجماعة على تجاوز رؤيتها الكلاسيكية لهن، فلم يعد مجال عملهن هو العمل الدعوي والتربوي، فكنّ العمود الفقري الذي استندت عليه الجماعة في حراكها بشكل لافت سواء في التظاهرات أو حتى بعض المهام الإدارية.


وعلى مستوى الشباب، تنامى دورهم بشكل لافت، حتى بات المتحدث الإعلامي للجماعة من بين صفوفهم، ففرضوا أفكارهم و باتوا يلعبون أدواراً متعددة، مجبرين الجماعة على استخدام خيار المواجهة من خلال شعارات القصاص وإقدامهم على استراتيجيات تسعى إلى "تقليم أظافر" الداخلية، من خلال استخدام أساليب القوة، حتى بات "الهرم مقلوباً" وباتت القيادات تفكر مئة مرة قبل أن تقدم على خيار يتجه إلى التهدئة أو المهادنة مع النظام، ووصل الحال ببعضهم إلى أن ينشق عن الجماعة بشكل فردي لينضم إلى حركات تتبنى العنف بشكل أكثر توسعاً، بدءاً من حركات صغيرة، مروراً بحركة أكبر، مثل "العقاب الثوري" و"أنصار بيت المقدس".


خيارات للمرحلة المقبلة


في ضوء ما جرى خلال الأيام الماضية، وهذه التغيرات السابقة والمتوالية في جسد الجماعة وقناعات أفرادها، يبدوا أن الجماعة استقرت على فكرة المواجهة الطويلة وباتت في حالة تأهب لما هو قادم من دون رغبة في التراجع، لكنها في الوقت ذاته مازالت تراقب بشدة مستوى استخدام أساليب القوة بين صفوف شبابها، ومازال أفرادها في عموهم يفرضون حالة ممانعة من التورط في العنف الممنهج الذي يحاكي عنف الجماعات التدميرية أو الإرهابية، وهو الأمر الذي قد يدفع إلى بروز حالات انشقاق بين الشباب، ومصبّ هذه الانشقاقات هو الجماعات التكفيرية، التي تحقق رغباتهم في القصاص أو الإنتقام السريع، أو ربما سيشكلون ما يُعرف في أدبيات تحليلات جماعات العنف "ذئاب منفردة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها