الأحد 2015/05/24

آخر تحديث: 16:13 (بيروت)

من سجون النظام...إلى "سجن التوبة"

الأحد 2015/05/24
من سجون النظام...إلى "سجن التوبة"
لا يمكن لهؤلاء أن يحكمونا
increase حجم الخط decrease
أحد المعتقلين السابقين في السجون التابعة لـ"جيش الإسلام" في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، يؤكد أنه تنقّل بين ثلاثة سجون لم يرَ ضوء الشمس في أي منها. المعتقل السابق يؤكد أن التعذيب في "سجون التوبة" لدى "جيش الإسلام"، يضاهي ما يحدث في سجون النظام، وهو الذي خَبِرَ مرارة الاعتقال فيهما.

يقول: "لا تقل لي سجون النظام... النظام لم يشبحنا بالعكس". وعن "الشبح بالعكس"، يقول: "يقومون بربط اليدين خلف الظهر، ثم تعليق المعتقل منها. أما النظام فيقوم بربط اليدين أمام بطوننا ثم يعلقنا منها". وعن الفرق بين الطريقتين، قال: "لا يمكن الوصف، قد تحتمل أياماً عند النظام، لكن بهذه الطريقة فخلال ساعة ستشعر بأن يديك ورقبتك ستنخلع عنك".

المعتقل السابق لدى النظام و"جيش الإسلام"، كان قائد كتيبة تابعة لـ"لواء الإسلام" الذي أصبح بعد ذلك جيشاً، وقرر بالاتفاق مع عناصره أن ينشقوا عنه، لأن قراراته الميدانية لم تكن ترضي طموحاتهم؛ من انسحابات غير مبررة، وعدم إمداد بالأسلحة والذخيرة المطلوبة.

بعدها، وقع مع بعض عناصره، في كمين لـ"جيش الإسلام" رغم احتياطاتهم. ساقوه فوراً إلى جولات التعذيب، ولم يرَ أحداً من عناصره المعتقلين معه إلا بعد ثلاثة أسابيع، وكان في جميع أوقات التعذيب والتحقيق معصوب العينين. في أحدى المرّات، أحسَّ أنه خرج للشمس وبدأ يتنفس هواءً نقياً، قال لنفسه إن شيئاً مختلفاً سيحدث. حينها بدأ شخص بالتحقيق معه، وعرفه من صوته: الشيخ أبو عبد الرحمن كعكة، أحد عناصر الحلقة الضيقة حول قائد "جيش الإسلام" زهران علوش.

كعكة بدأ يكرر الأسئلة السابقة: "من دفعك لفعل هذا؟"، و"هل هناك أحد عرض عليك تمويلاً؟"، و"لماذا أردت الانشقاق؟"، و"هل تريد أن أصدق هذا الكلام وأنت كنت على معظم الجبهات وتعرف كم نبذل في الجهاد؟"، و"ما علاقتك بفلان وفلان؟ هل التقيت بفلان وفلان؟".

يكمل حديثه، قائلاً: "حينها لم يكن هناك داعش، وكان معظم التحقيق مركِّزاً حول شكوكهم برغبتي في الانضمام إلى قوات المغاوير. حتى إن كعكة قال لي أن أحد عناصري اعترف بذلك، وهو تكرار لما قاله محقق سابق".

وعن أوضاع المعتقلين في سجون التوبة، قال: "كنت في زنزانة منفردة أول الأمر، قبل أن ينقلوني إلى سجون آخرى، كنت فيها ضمن غرف مع معتقلين آخرين، معظمهم متهمين بتهم جنائية". ويصف ظروف الاعتقال: "كان الجو بارداً ولم يكن هناك أغطية كافية ولا تدفئة. والوضع الصحي كان سيئاً، وكذلك الطعام قليل". ومهمّة السجانين كانت سوق المعتقلين إلى أماكن التعذيب والتحقيق، فقد كانوا "يقومون بشتمنا وضربنا في الطريق. هؤلاء أكثر من أحقد عليهم. أما التعذيب فيعتمدون على الفلقة والجلد والضرب العشوائي بشكل رئيسي". كما أنهم استخدموا معه التعذيب بـ"الدولاب"، و"هو ما نفى معظم المعتقلين معي إنهم تعرضوا له، لكن عناصر كتيبتي قالوا لي لاحقاً إنهم تعرضوا للتعذيب بالدولاب أيضاً".

وبعد فترة من الإعتقال والتعذيب، خرج المعتقل من "سجون التوبة"، بدون توجيه اتهام أو اعتذار. قال: "خرجت بعد شهر ونصف، لم يزرني فيها أحد من أهلي سوى قبل يومين من الإفراج عني. أولاد الكلب سمحوا لأهلي بزيارتي قبل يومين فقط ليقولوا إنهم يسمحون بالزيارة!".

معتقل آخر سابق لدى "جيش الإسلام"، تمت تبرئته بعد اتهامه بالانتماء لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وَصَفَ سوء الأحوال داخل سجن التوبة، بأنه أسوأ من معتقلات النظام. وقال: "اعتقلوني لأنني لم أنضم مع كتيبتي لهم، وفضلنا البقاء منفصلين كي نقدم المؤازرات على الجبهات التي تشهد المعارك". ثم أضاف: "منذ ثلاث سنوات كنت معتقلاً لدى النظام ولم أشهد الفظاعات والإهانات التي شهدتها في سجن التوبة. خلال ثلاثة شهور في التوبة لم أستحم مرة واحدة. وهناك أشخاص منذ أكثر من عام لم يستحموا. الجرب والقمل منتشرين بين الجميع، والطعام شحيح جداً. وهذا كله غير الضرب والتعذيب والتحقيق وأماكن الاعتقال المظلمة والمغلقة، والمليئة بالمعتقلين".

وعند محاولة التشكيك في كلامه، قال ضاحكاً: "كان دعاؤنا المشترك في سجن التوبة بأن يجعل الله من نساء هؤلاء الطغاة سبايا لعناصر نظام الأسد. ما أقوله ليس أسراراً وهناك غيري قد خرجوا منه. كان معي إعلامي معروف منذ بداية الثورة، وقد تم اعتقاله بحجة أنه يصور بالقرب من أماكن أمنية خاصة بجيش الإسلام". وأضاف: "من تكون تهمته داعش يلقى تعذيباً أشد ومعاملة أسوأ. لكن إن كان قيادياً هاماً في أحد الفصائل الكبيرة فإنه يلقى تعذيباً شديداً أيضاً".

ختم المعتقل كلامه قائلاً: "لا يمكن لهؤلاء أن يحكمونا، ستقوم ثورة عليهم. وبالنسبة لي فإن التخلص منهم بات لي أولوية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها