الأحد 2015/12/13

آخر تحديث: 15:23 (بيروت)

مطار "الشعيرات": نفوذ روسيا يتوسع في سوريا

الأحد 2015/12/13
مطار "الشعيرات": نفوذ روسيا يتوسع في سوريا
ماذا وراء إعادة تأهيل روسيا لمطار الشعيرات؟
increase حجم الخط decrease
توسعت قواعد عمليات الطيران الحربي الروسي، مؤخراً، لتشمل إضافة الى مطار الحميميم "باسل الأسد" في اللاذقية، مطار "الشعيرات" ومطار "التيفور" في حمص، مع الحديث عن تحضير بقية المطارات المهمة، لاستقبال الطائرات الروسية.

وكان مطار "الشعيرات"، يُعتبر من أهم المطارات الحربية في سوريا، التي تعتمد عليها قوات النظام في عملياتها الجوية، لتغطية الوسط والشمال الشرقي في البلاد. وضم "الشعيرات" قيادة "الفرقة 22" قوى جوية، التي تشمل الأنواع الرئيسية الفعالة من الطائرات والحوامات؛ "ميغ 29" التي تصنف كمقاتلة ومعترضة، و"سوخوي" كقاذفة، وحوامات "مي".

ويُعد الأسطول الجوي الحربي للنظام السوري قديماً، ويفتقد لمنظومات الملاحة الحديثة نظراً للتكاليف الباهظة التي يتطلبها سلاح الجو؛ فتكلفة الطائرة الحربية "ميغ 29" تصل إلى 30 مليون دولار، دون حساب ذخائرها وكلفة صيانتها، أما الحوامات فهي قديمة جداً، ولا يملك النظام أي حوامات حديثة.

ويعتبر مطار "الشعيرات" مناسباً لكل أنواع الطائرات الحربية، ويصل طول كل من مدرجيه إلى أكثر من 1500 متراً، بينما تحتاج طائرة السوخوي الحديثة إلى 750 متراً للهبوط و550 متراً للإقلاع.

ولكن ماذا وراء إعادة تأهيل روسيا للمدرجين من جديد، بعدما باتت منظومة الملاحة في "الشعيرات" تحت سيطرتها؟

سيستفيد الروس من خلال "الشعيرات" في تغطية جغرافية كبيرة للمنطقة الوسطى، التي تعتبر بوابة الدخول إلى مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية". و"داعش" كان قد حاول مراراً وتكراراً، دون نجاح يُذكر، الإقتراب من مطار "التيفور" القريب من مطار الشعيرات.

وعلى عكس "الشعيرات" فلا يهتم الروس بمطار "التيفور" حالياً، لقربه من مناطق سيطرة "داعش" ومصادر نيرانها. ويشير المراقبون إلى أن القوات الإيرانية المرابطة في "الشعيرات" قد تمّ نقلها إلى مطار "التيفور"، بشكل مؤقت. فالروس يفضلون العمل بشكل منفرد في المطارات العسكرية، كما حصل في "حميميم" حيث لم يبقوا سوى على طواقم الدعم اللوجستي للمطار من قوات النظام، وأبعدوا بقية المليشيات عن مناطق عمل القوات الروسية.

تأهيل مطار "الشعيرات" بحسب مراقبين، يتناسب مع حوامات "29 Mi" الحديثة، والتي ستؤدي مهاماً متعددة للتمهيد ومرافقة القوات البرية المقتحمة، بعد تمهيد رئيسي من طائرات السوخوي القاذفة الحديثة "Su-30" و"Su-34" التي ستتمركز بدورها في المطار.

وستؤمن السيطرة الروسية على "الشعيرات" حماية أكبر لمعمل الغاز الروسي بالقرب من الفرقلس، وحقول الغاز المتنازع عليها بين قوات النظام و"داعش".

وانطلاقاً من "الشعيرات"، من المرجح أن تبدأ قوات النظام والميليشيات الإيرانية، بتغطية نارية روسية، الهجوم على حقول الغاز القريبة، وربما إعادة السيطرة على تدمر ومحيطها وتأمين المنطقة بشكل تام من "داعش" وقطع تواصلها مع المنطقة الوسطى واجبار قوات التنظيم على التراجع إلى المنطقة الشرقية.

وقد تصبح مطارات أخرى مناطق عمل جديدة للطيران الروسي، بعيداً عن الاحتكاك مع الأتراك، بعد إسقاط الطائرة الروسية، الأمر الذي دفع الروس للتفكير في مناطق توسع جديدة بعيداً عن الساحل.

وسيعتمد الروس على مطارات المنطقة الوسطى كونها مؤمنة نسبياً بعيداً عن مناطق سيطرة المعارضة وقدرتها على ضرب المطارات. فحتى اللحظة لا يمكن اعتبار مطار "كويرس" في ريف حلب الجنوبي الشرقي، قابلاً للعمل، إذا يمكن استهدافه بسهولة، من قبل نيران مدفعية المعارضة. وفي "الشعيرات" لا يوجد أي تهديد مباشر من قبل المعارضة، حيث لم يتعرض المطار منذ بدء المعارك لأي عمل عسكري مباشر.

وتقتصر الصواريخ المضادة للطيران التي حصلت عليها المعارضة المسلحة، على صواريخ "كوبرا" الروسية التي يصل مداها إلى 3 كيلومترات، وهي صواريخ حرارية محمولة على الكتف. واستطاع النظام تأمين مطاراته بعيداً عنها، بفرض طوق يصل إلى دائرة قطرها 8-10 كيلومترات، بحيث تستطيع الحوامات الاقلاع من "الشعيرات" دون أن تطالها تلك الصواريخ، ولا رشاشات "شيلكا 23" التي يصل مداها إلى 2500 متر.

وتستطيع المعارضة، اليوم، تشكيل تهديد حقيقي لمطار "حميميم" بعدما توفر لها صواريخ أرض-أرض يصل مداها إلى 40 كيلومتراً. ومن جبال الساحل تستطيع هذه الصواريخ تشكيل تهديد حقيقي للطائرات الروسية، ولكن في منطقة عملها الجديد في "الشعيرات" لن يكون ذلك ممكناً.

مع توسع الأعمال العسكرية سنشهد المزيد من الانتشار الروسي في مطارات أخرى مهمة كمطاري "السين" و"الضمير". وتدل المؤشرات على نية روسيا الجدية للتوسع أكثر فأكثر، لضمان تحقيق ما تعلنه وتضمره، لأي دور لها في مستقبل سوريا.

ويبقى الأمر الأكثر أهمية، هو الفرصة التي أتاحها النظام السوري لتحول الوجود العسكري الروسي، من قاعدة بحرية صغيرة للمؤن والصيانة البسيطة في طرطوس، إلى تنفيذ أكبر عملية انتشار جوي روسية، خارج حدودها، بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها