السبت 2014/10/25

آخر تحديث: 13:49 (بيروت)

حرب خطابات سياسية سبقت الانتخابات التونسية

السبت 2014/10/25
حرب خطابات سياسية سبقت الانتخابات التونسية
الساحة السياسية شهدت مؤخراً عدداً من التجاذبات بين أبرز قوتين سياسيتين في تونس (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
أبرز ما يميز الخطاب السياسي في تونس هذه الأيام هو انحدار سويته مع اقتراب الانتخابات التشريعية المُقرر إجراؤها الأحد، وخاصة لدى الأحزاب الكبرى التي تتنافس على المراكز الأولى، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول هوية من سيحكمون البلاد مستقبلاً.


الساحة السياسية شهدت مؤخراً عدداً من التجاذبات بين أبرز قوتين سياسيتين في تونس، حيث بدأ حزب "نداء تونس" بتغيير خطابه المعتدل تجاه حركة "النهضة" بعد فترة "غزل" طويلة نسبياً، تضمنت لقاءات عديدة بين زعيمي الحزبين، الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي، حتى إن البعض أشار إلى وجود اتفاق ضمني حول تقاسم السلطة بينهما، الأمر الذي نفاه الطرفان لاحقاً.


"نداء تونس" الذي يسوق لنفسه كحزب حداثي وتقدمي، بدأ مؤخراً بمهاجمة "النهضة" عبر اتهامها بتبني مشروع "قروسطي" يسعى لإعادة البلاد إلى قرون الظلام، وبدا هذا الخطاب متناقضاً كلياً مع تصريحات سابقة لقائد السبسي أشاد فيها بجهود "النهضة" في تحقيق التوافق السياسي بتونس.


رد النهضة لم يتأخر لكنه جاء أقل حدة، إذ اعتبر أمينها العام، علي العريَض، في حديث سابق لـ"المدن" أن "نداء تونس" ما زال حزباً غير ناضج سياسياً، مشيراً إلى أنه "خليط من قوى اشتراكية وليبرالية ونقابية ونظام قديم، وهو ما زال يتطور ليتجاوز معارضة النهضة كي يصبح حزباً له برنامج وهوية معروفين لدى الشعب التونسي".


في السياق ذاته، استنكرت بعض الأحزاب التصريحات الأخيرة لقائد السبسي، والتي أكد فيها أن من لم يصوت لحزبه فإنه صوت عملياً لـ"النهضة"، حيث اعتبرت الأمينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي أنها "تعكس عقلية معادية للديموقراطية"، فيما اعتبر حزب "التكتل من أجل العمل والحريات" أن الباجي قائد السبسي "يمتلك مفهوما خاطئا للديمقراطية والتعددية ولا يقر بحق الناخبين التصويت بحرية".


الخطابات المتشنجة لم تقتصر على "نداء تونس"، حيث حاول الناطق باسم الحزب الجمهوري، عصام الشابي، إطلاق النار على الجميع، فانتقد في تصريحات صحافية "مغازلة" الباجي قائد السبسي والناطق باسم "الجبهة الشعبية" حمة الهمامي للنهضة في وقت سابق، متهماً "نداء تونس" بالتغوّل على حلفائه واستغلالهم في خدمة أجندته الخاصة، ومن ثم الاستغناء عنهم بعد اطمئنانه على شرعية وجوده في الساحة السياسية التونسية، كما ذكّر رئيس حزب المبادرة الدستورية كمال مرجان بـ"فضائل" الحزب الجمهوري عليه.

التجاذبات لم تقتصر على الخصوم السياسيين بل تعدتهم إلى شركاء الأمس (المؤتمر من أجل الجمهورية والنهضة)، حيث انتقد رئيس الحملة الانتخابية للرئيس منصف المرزوقي، عدنان منصر، تصريحات منسوبة للقيادي في حركة النهضة لطفي زيتون، دعا فيها إلى عدم التصويت لمن يقسم التونسيين إلى جبهة 18 أكتوبر وجبهة 7 نوفمبر، في إشارة إلى تصريحات سابقة لمنصر، مضيفاً "المؤتمر ورئيسه الشرفي حمى ظهوركم بعد انسحابكم من الحكم، لأنه رفض أن يُقصى الناس بسبب آرائهم وانتماءاتهم".


الدساترة أو رموز النظام السابق نالوا نصيبهم من الانتقادات، رغم محاولتهم التأكيد بأنهم استوعبوا "درس" بن علي جيداً، حيث حذر البعض من عودة الاستبداد إلى تونس، فيما هدد آخرون بـ"إحراق" البلاد في حال وصول أحد رجال بن علي إلى كرسي الرئاسة.


هيئة الانتخابات لم تسلم أيضاً من انتقادات بعض السياسيين الذين اتهمومها بعدم الحيادية محذرين من تزوير الانتخابات، فيما أفتى رجل الدين فريد الباجي بـ"تحريم الانتخابات" باعتبارها مزورة، لكنه تراجع عن ذلك لاحقاً.


رئيس الهيئة شفيق صرصار أكد مؤخرا أنه يتعرض لضغوط سياسية كبيرة، مشيراً إلى أن الهيئة تقف على مسافة واحدة من الجميع، وقراراتها تُتخذ وفق أسس قانونية بحت ودون محاباة أي طرف سياسي.


المراقبون برروا هذه التجاذبات باقتراب الاستحقاق الانتخابي ومحاولة الفرقاء السياسيين تشويه خصومهم أملاً بالتأثير على شعبيتهم والتفوق عليهم لاحقاً في صندوق الاقتراع، مؤكدين بالمقابل أن هذه التصريحات الموتورة لن تؤثر على الناخب التونسي الذي حسم خياراته مسبقاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها