الإثنين 2018/03/12

آخر تحديث: 10:53 (بيروت)

لماذا ترفض"تحرير الشام"وقف الاقتتال مع "تحرير سوريا"؟

الإثنين 2018/03/12
لماذا ترفض"تحرير الشام"وقف الاقتتال مع "تحرير سوريا"؟
الخلاف على مكان الاجتماع منع تمديد الهدنة (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تجدد الاقتتال بين "جبهة تحرير سوريا" و"هيئة تحرير الشام" بعدما توقف لمدة 48 ساعة بموجب مبادرة وقف إطلاق نار تقدم بها كل من "فيلق الشام" و"جيش الأحرار" نهاية الأسبوع الماضي. وكان من المقرر أن تكون الهدنة المؤقتة فرصة لمفاوضات بين الطرفين، برعاية أصحاب المبادرة، بهدف التوصل لحل شامل يوقف القتال كلياً. لكن العكس قد حصل، فاستغل الطرفان الهدنة المؤقتة لحشد المزيد من القوات على الجبهات، خاصة في ريف حلب الغربي.

وبدأت "تحرير الشام" القتال من جديد، وهاجمت، الأحد، قرية بسرطون بعدما قصفتها بالدبابات والرشاشات الثقيلة، واشتبك الطرفان على أطرافها، وتوسعت المواجهات إلى قرية عاجل التي تسيطر عليها "تحرير الشام"، واستهدفت "تحرير سوريا" أورم الكبرى بالأسلحة الثقيلة رداً على القصف الذي استهدف قرية عويجل القريبة. المعارك لم تسفر عن تغيير في خريطة السيطرة للطرفين.

وخسرت "تحرير الشام  دبابة ورشاشين 23، وعدداً من السيارات رباعية الدفع، و8 عناصر بين أسير وقتيل، وتمكنت من أسر 7 عناصر من "تحرير سوريا" قرب قرية بسرطون، وقالت وكالة "إباء" التابعة لـ"الهيئة" إن الأسرى سلموا أنفسهم بعد محاصرتهم في تلة النبي نعمان في ريف حلب الغربي.

القوة العسكرية الأكبر التي حشدتها "تحرير الشام" تركزت في محوري بسرطون ومنطقة عاجل، وهو محور القتال الأوسط، وتعتبر هذه المنطقة الخط الدفاعي الأبرز عن بلدتي عين جارة وقبتان الجبل، المعاقل الاستراتيجية الأهم لـ"حركة نور الدين الزنكي" ومركز ثقلها الرئيسي. في حين أن المحور الأيمن يتجه نحو منطقة الجمعيات السكنية والراشدين والمنصورة وخان العسل في ضواحي مدينة حلب الغربية، والمحور الأيسر يتجه نحو دارة عزة وجبل الشيخ بركات، وهي محاور ثانوية قد تشغلها "تحرير الشام" في حال حققت تقدماً في المحور الأوسط.

وأصدر طرفا القتال بيانات تفصيلية توضح الأسباب التي أدت إلى فشل مبادرة وقف إطلاق النار، وتبادلا تحمّيل بعضهما البعض مسؤولية الفشل. "تحرير الشام" حمّلت مسؤولية خصومها مسؤولية فشل المبادرة، واتهمتهم بالتهرب من التزاماتهم بخصوص الاجتماعات المقررة ومكان انعقادها، وبدا بيانها أكثر تشدداً بعد الهدنة المؤقتة. وأكدت "تحرير الشام"،  بشكل غير مباشر، أنها لن تقبل بوقف القتال إلا بشروطها المتعلقة بـ"حركة الزنكي"، وأوضحت أن موقفها ميدانياً أفضل من موقف خصومها، واتهمتهم بالسعي لفرض وقف إطلاق النار وكسب الوقت بعدما أصبح الوضع العسكري في غير صالحهم، "ففي الوقت الذي يتقدمون فيه يهددون ويرفضون الصلح، وعندما كسرنا شوكتهم اقترحوا وقف إطلاق النار".

في حين أكدت "تحرير سوريا" في بيانها رفضها القاطع للشروط التي وضعتها "تحرير الشام" لوقف إطلاق النار، وأوضحت أنها السبب الرئيس في فشل المبادرة، ووصفتها بالشروط المجحفة، وأكدت أن "تحرير الشام" طالبت بتنفيذ الشروط قبل أي وقفٍ لإطلاق النار، وأكدت أنها تحاول وقف إطلاق النار وإنهاء الاقتتال من أجل التفرغ لفتح جبهات ومعارك حقيقة ضد النظام لنصرة الغوطة الشرقية، وعبرت عن أسفها لعدم قدرتها على القيام بواجبها اتجاه الغوطة الشرقية في الوقت الحالي بسبب الحرب التي تشنها "تحرير الشام" ضدها، وطالبت في بيانها الفصائل والمشايخ وجميع الفعاليات المدينة  بإجبار "تحرير الشام" على إيقاف القتال والخضوع لشرع الله.

رئيس الهيئة الشرعية في "فيلق الشام" الشيخ عمر حذيفة، والذي يدير مبادرة وقف إطلاق النار بين الطرفين، أكد في "تلغرام"، أن الخلاف الرئيس الذي أفشل المبادرة ومنع الطرفين من تمديد الهدنة هو على مكان الاجتماع الذي طلبت تحرير سوريا أن يكون في منطقة محايدة، واعتذر وفدها عن القدوم إلى الموقع الذي تم اقتراحه، وعندما اتفق على مكان جديد تم الكشف عن اختراق أمني للموقع، وهنا امتنع وفد "تحرير الشام" عن الحضور، وانتهت المحاولات بتبادل الاتهامات عن التهرب.

وتحاول "تحرير الشام" اتباع سياسة القضم البطيء لمناطق سيطرة خصومها في ريف حلب الغربي، بأقل خسائر ممكنة، وتعوّل بشكل كبير على استنزاف القوات المدافعة عن المنطقة، وإجبارها على الاستسلام لشروطها لوقف إطلاق النار، وبالتالي خنق "الزنكي" في بقعة جغرافية محاصرة في ريف حلب الغربي، تحيط بها "الهيئة" من كافة الجهات.

استمرار القتال واحتمال بقاء الكفة ميدانياً في صالح "تحرير الشام" سيدفعها لتعديل الشرط القاضي باستلام فصائل محايدة مثل "فيلق الشام" و"جيش الأحرار" للمنطقة الفاصلة بين مناطق "الزنكي" ومنطقة عفرين، لتصبح المنطقة بالكامل تحت سيطرتها.

ولدى "تحرير سوريا" في ريف حلب الغربي قاعدة شعبية صلبة، وترسانة من الأسلحة والذخائر تمكنها من الصمود لفترة لا بأس بها، وهو ما تعول عليه الآن في حربها، لكنها غير قادرة على تحمل أعباء المعركة لوقت طويل، ولن تتمكن من الدفاع عن الهوامش والأطراف في الضواحي الغربية والجمعيات السكنية ودارة عزة لوقت طويل، وستنحاز مجبرة مع الوقت إلى المركز، أي إلى القرى والبلدات التي تتركز فيها القوة البشرية الموالية لها ومركز العتاد في قبتان وعين جارة. وهذا ما تريده "تحرير الشام" التي لا ترى ضرورة لاقتحام مناطق "الزنكي" التقليدية، ولا الصدام مباشرة مع أهالي المنطقة، في حال تحقق هدفها بحصار خصومها في جيب جغرافي ضيق ومعزول.

بدت "تحرير الشام" مرتاحة في معارك ريف حلب الغربي الأخيرة، ولم يشهد ريف إدلب الجنوبي أو جبل الزاوية مواجهات عنيفة مع "ألوية صقور الشام" أو "تحرير سوريا"، واكتفى القادة الميدانيون وأنصارهم بمهاجمة "تحرير الشام" في مواقع التواصل الاجتماعي، واتهامها بالخيانة، وحذروا من تمددها ومواصلة زحفها حتى جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، منطقة "درع الفرات" في حال فرضت سيطرتها على ريف حلب الغربي.

وتعرضت مدينة إدلب، لغارات جوية، الأحد، استهدفت مبنى وزارة العدل والإدارة المحلية التابع لـ"حكومة الإنقاذ السورية" التابع لـ"هيئة تحرير الشام"، وكذلك كراج البولمان وحي الجامعة ومبنى البنك المركزي ومبنى الامتحانات التابع لمديرية التربية والتعليم. الغارات الجوية استهدفت أيضاً بلدة بنش في ريف ادلب، وتعرضت قرية كفر سجنة لقصف جوي مماثل تسبب بمقل ثلاثة مدنيين وجرح آخرين.

وتلا الغارات الجوية التي تعرضت لها ادلب وقرى في ريفها، قصف بالمدفعية والصواريخ محلية الصنع طال بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين المحاصرتين في ريف إدلب. وأكدت المعارضة المسلحة أن القصف جاء رداً على الغارات الجوية التي تعرضت لها إدلب. وسبق ذلك قصف بالأسلحة الثقيلة على كفريا والفوعة، خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتبنت "تحرير الشام" معظمه.

وتعرض قائد "جيش العزة" الرائد جميل الصالح، الأحد، لمحاولة اغتيال أثناء مروره على الطريق الدولي بين مدينة خان شيخون وبلدة حيش جنوبي إدلب، واشتبك الصالح ومرافقيه مع مجموعة مسلحة على جانبي الطريق ما تسبب بجرح بعض مرافقي الصالح الذي نجا.

قائد "لواء العاصفات" التابع لـ"جيش العزة" في ريف حمص الشمالي أحمد الصالح، تعرض لمحاولة اغتيال مشابهة في ريف حمص الشمالي، بعدما أطلقت مجموعة من الملثمين النار على سيارته ولاذت بالفرار. محاولة الاغتيال باءت بالفشل أيضاً.

أنصار "جيش العزة" وجهوا اتهاماً عن محاولة اغتيال قائد اللواء إلى خلايا النظام، وتنظيم "الدولة الإسلامية"، في المقابل لمح أنصار "تحرير الشام" إلى إمكانية ضلوع "حركة أحرار الشام" في العملية لأنها جرت في مناطق سيطرة "الأحرار" والتي، بحسب "تحرير الشام" لديها دافع كبير للتخلص من الرائد الصالح بسبب مواقفه الأخيرة إزاء الاقتتال الراهن.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها