الأربعاء 2018/02/28

آخر تحديث: 10:34 (بيروت)

"تحرير الشام" تعيد انتشارها.. فهل تجهز نفسها لهجوم معاكس؟

الأربعاء 2018/02/28
"تحرير الشام" تعيد انتشارها.. فهل تجهز نفسها لهجوم معاكس؟
ريف حلب الغربي بات خالياً من "تحرير الشام" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
نفّذت "هيئة تحرير الشام" سلسلة انسحابات من مناطق في ريفي إدلب وحلب، خلال الساعات الـ24 الماضية، في حين تقدمت "جبهة تحرير سوريا" ووصلت إلى مشارف معبر باب الهوى الحدودي شمال غربي إدلب، والذي يعتبر من أهم المواقع التي تتحصن فيها "تحرير الشام". واشتبك الطرفان في "النقطة 106" المطلة على المعبر، وتحاول القوات المهاجمة السيطرة على المرتفع الجبلي الذي يعتبر خطاً دفاعياً طبيعياً عن المعبر.

وباتت مناطق ريف حلب الغربي خالية من مقرات وكتائب "تحرير الشام". وشملت الانسحابات خان العسل وريف المهندسين وكفر كرمين وأورم الصغرى وأورم الكبرى وتديل والشيخ علي و"الفوج 46" والسحارة وكفرناها و"منطقة الجمعيات"، وقرى وبلدات أخرى.

وأعلن "قاطع الشمال" انشقاقه عن "تحرير الشام"، الثلاثاء، والتزام عناصره بنقاط الرباط  ضد مليشيات النظام. ويتمركز "قاطع الشمال" في ضواحي حلب الشمالية؛ عندان وحريتان وحيان وبيانون وكفر حمرة ومنطقة أسيا، ويعتبر من أكبر القواطع عدة وعتاداً، ويقوده قادة محليون من المنطقة ذاتها، أشهرهم أبو إبراهيم سلامة. قرار الانشقاق كان حتمياً بسبب حصار "تحرير سوريا" للمنطقة من جهة الغرب بعد انسحاب "تحرير الشام" من كامل المنطقة الغربية والتي كانت تؤمن لهم ممراً أمناً. وأعلنت كتائب في ريفي حلب وادلب الانشقاق والانضمام إلى صفوف "جيش الأحرار" ومنها؛ كتائب معارة النعسان ومعارة كتيان وكفر حلب وميزنار وقناطر و"كتيبة الشهيد علي مطلق" و"كتيبة البتار" و"كتيبة أسود الإسلام" و"كتيبة أسود السنة" و"كتيبة عزام الشامي".

وانسحبت "تحرير الشام" من  مدينة سراقب، وسلمت حواجزها ومقراتها لمجموعات محلية تابعة لـ"اللجنة الأهلية" التي تم تشكليها في المدينة، والتي تعهدت بعدم السماح لأرتال الفصائل بالمرور من المدينة. ونشر "جيش العزة" عناصره، الثلاثاء، في أطراف مدينة خان شيخون  جنوبي إدلب، وتسلم عدداً من المقرات والحواجز التابعة لـ"تحرير الشام" التي انسحبت من المدينة. وتمركز "جيش الأحرار" في مطار تفتناز العسكري بعد انسحاب "تحرير الشام" منه بموجب اتفاق بينهما.

هدأت وتيرة المعارك، الثلاثاء، بين "تحرير الشام" و"تحرير سوريا"، وكانت المواجهات محدودة في أطراف بلدة الدانا، وعدد من القرى في جبل الزاوية.

وأعلن، الإثنين، عن ولادة تشكيل عسكري جديد في ريف حلب الغربي، باسم "جيش الثورة" بقيادة الرائد أنس عبيد "أبو زيد"، قائد "الفرقة 30" التي انشق عنها في أيلول/سبتمبر 2015 واتهم حينها بتسليم أسلحة لـ"جبهة النصرة". ويزيد عدد عناصر "جيش الثورة" عن 500 معظمهم من الأتارب وريفها غربي حلب، واتخذ من "الفوج 46" مقراً له بعد انسحاب "تحرير الشام" منه، ولكنه سرعان ما تعرض لهجوم شنه عناصر "تحرير سوريا" الذين اتهموه بالتنسيق مع "تحرير الشام". وأسفر الهجوم عن مقتل وجرح عدد من عناصر "جيش الثورة" الذي تم حلّه بعد يوم واحد على تشكيله.

تشكيل آخر، أعلن عنه، الثلاثاء، في ريف حلب الغربي، باسم "جيش حلب الشهباء" بقيادة النقيب أمين ملحيس، القيادي السابق في "جيش المجاهدين" الذي قضت عليه "تحرير الشام". ولم يعش "جيش حلب" طويلاً، وفصلت ساعات قليلة بين بيان تشكيله وبيان حلّه. "جيش حلب الشهباء" الذي انضمت له كتائب من ريفي حلب الغربي والجنوبي ومن ريف ادلب، وبعدد عناصر مماثل لـ"جيش الثورة" المنحل، تعرض لضغوط من "تحرير سوريا" التي أجبرته على حلّ ذاته.

وفي حين تم إنهاء "جيش حلب الشهباء" و"جيش الثورة"، أعلن الثلاثاء، عن ولادة "تنظيم حراس الدين"، كتشكيل عسكري جديد في إدلب، وطالب بوقف القتال بين "تحرير الشام" و"تحرير سوريا". ويضم "حراس الدين" مجموعات منشقة عن "تحرير الشام" تتبع فعلياً لتنظيم "القاعدة"، وقسم كبير منها من المهاجرين. وأبرز المكونات التي ضمها التنظيم هي "جيش الملاحم" و"جيش الساحل" و"جيش البادية" و"سرايا الساحل" و"جند الشريعة"، وغيرها من التشكيلات المتشددة التي رفضت في وقت سابق فك ارتباط "جبهة فتح الشام" بتنظيم "القاعدة"، وتعرضت لحملة اعتقالات شنتها "تحرير الشام" مؤخراً. ويُعتقد أن "أبو همام الشامي"، وإياد الطوباسي "أبو جليبيب الأردني"، و"أبو خديجة الأردني"، وسامي العريدي، هم وراء "حراس الدين"، وهم من كادوا ينجحون في الإعلان عن تشكيل تابع لـ"القاعدة" في ادلب أواخر العام 2017، باسم "جماعة أنصار الفرقان".

تواجد "تحرير الشام" بات محصوراً في الدانا ومعبر باب الهوى وسرمدا وكفر دريان وباريشا وحارم وسلقين ودركوش وجسر الشغور، وصولاً إلى قاطع الساحل، وكذلك في بعض القرى والمواقع في جبل الزاوية.

وتتخوف "تحرير سوريا" من هجوم معاكس قد تشنه "تحرير الشام" بعد انسحابها المفاجئ من مناطق مختلفة، وتجميع قواتها في منطقة جغرافية فيها حاضنة شعبية لها، أو على الأقل هي مناطق تمتاز فيها بنفوذ شبه كلي. وتفادت "تحرير الشام" المواجهة المباشرة، خلال أسبوع من الاقتتال، وبدت ضعيفة على عكس الواقع، الأمر الذي يثير قلق خصومها الذين يتوقعون التصعيد في أي لحظة. وما يخيف خصوم "تحرير الشام" هو استنفار الكتائب والمجموعات التي انشقت أو تم تحييدها قسراً، وعودتها مرة أخرى للقتال ومساندة "تحرير الشام" في أي هجوم واسع قد تشنه، أو العمل كمجموعات أمنية تهدف لزعزعة صفوف القوات المدافعة عن  المناطق التي ربما تستهدفها "تحرير الشام" في هجماتها المعاكسة.

وعلى الرغم من خسارة "تحرير الشام" لجزء كبير من قوتها العسكرية عدداً وعتاداً بسبب الانشقاقات التي حصلت في ريف حلب الغربي ومناطق أخرى، إلا أنها ما تزال تمتلك قوة ضاربة تقودها مجموعات "جيش النخبة" و"جيش النصرة". وتتمتع هذه المجموعات بالسلاح الثقيل، واتباعها تقنيات حرب العصابات.

قادة عسكريون، وأعضاء مجلس الشورى في "تحرير الشام" وأنصارها عموماً، صعدوا، الثلاثاء، ضد "تحرير سوريا"، عبر معرفاتهم الرسمية وغير الرسمية في "تويتر" و"تلغرام". وحملت تصريحاتهم وعداً ووعيداً، وحديثاً عن تجهيز لحملة عسكرية واسعة ضد من أسموهم بـ"البغاة". القائد العسكري إبراهيم الرحمون "أبو عبيدة كنصفرة"، قال في تسجيل صوتي إن "تحرير الشام ناصرة الحق والمستضعفين، ضد من استعان بالصليب وجيش الثوار، وإن نصرة الغوطة تبدأ من الشمال في دحر المفسدين وزوالهم، ورفع راية تحرير الشام". ويُعبّر التسجيل الصوتي لأبي عبيدة عن قرار رسمي لقيادته، التي حزمت أمرها على ما يبدو لاستعادة ما خسرته.

وفي حال قررت "تحرير الشام" تنفيذ اجتياح لاستعادة مواقعها، سيكون رأس الحربة للهجوم انطلاقاً من سلقين وحارم وجسر الشغور في ريف ادلب الغربي، وهي مناطق تجميع تتفرع منها محاور تقدم نحو شمال ادلب وريف حلب الغربي، ونحو جبل الزاوية. وستعتمد ""الهيئة" على محاور أخرى في هجومها من الشرق انطلاقاً من مواقعها في جبهاتها مع مليشيات النظام لتستعيد مواقعها على جانبي طريق حلب–دمشق الدولي، ومن الجنوب في ريفي ادلب وحماة لتحاصر مجموعات "ألوية صقور الشام" في جبل الزاوية التي ستكون مشغولة بالتصدي للهجوم المعادي من الشمال في الوقت ذاته. سيناريو تتوقعه "تحرير سوريا" غالباً، نظراً لإعادة انتشار "تحرير الشام" الحالي، الذي يتيح لها الاستفادة منه في حال شنت هجومها المفترض، إلا إذا طرأ تغيير في خريطة الانتشار تلك، ولن يحدث ذلك إلا إذا واصل خصومها الهجوم وسيطروا على مناطق استراتيجية تتحصن فيها.

وتتعدد السيناريوهات المحتملة التي يمكن حصولها وقد تجبر "تحرير الشام" على الانحسار أكثر، وتسليم مزيد من مواقعها لـ"فيلق الشام" و"جيش الأحرار" لتعمل على تجميع قواتها في قاطع الساحل. ومن المواقع التي يمكن أن تنسحب إليها أيضاً معبر باب الهوى، الذي تحاول "تحرير سوريا" السيطرة عليه قبل دخول "فيلق الشام" إليه، كما يشيع أنصارها. "الفيلق" تعرض لهجوم عنيف من أنصار "تحرير سوريا" ومنظريها، خاصة من السلفيين الجهاديين من المهاجرين والأنصار، الذين اتهموه بمساندة "تحرير الشام" واتخاذ موقف سلبي إزاء القتال الحاصل بهدف تحقيق مكاسب مستقبلية بعد أن يتم انهاك طرفي القتال.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها