الخميس 2018/02/22

آخر تحديث: 13:08 (بيروت)

ما هي استراتيجية النظام في معركة الغوطة الشرقية؟

الخميس 2018/02/22
ما هي استراتيجية النظام في معركة الغوطة الشرقية؟
أتم الطيران الحربي المرحلة الأولى من التمهيد (GMC)
increase حجم الخط decrease
تواصل مليشيات النظام مدعومة بالطيران الحربي الروسي، منذ الأحد، قصفها الغوطة الشرقية، بمختلف أنواع الأسلحة، في ما يُعتقد أنه تمهيد لاطلاق معركة برية، اسماها إعلام النظام "معركة تحرير الغوطة والقضاء على الإرهاب".

التمهيد الناري بدأ، ليل الأحد/الإثنين، بشن الطيران الروسي غارات ليلية على مختلف مدن الغوطة الشرقية، استهدفت الأحياء السكنية ومراكز الدفاع المدني والمستشفيات والبنى التحتية، ما أدى لخروج معظم هذه الأهداف عن الخدمة.

وتشارك في عمليات القصف مقاتلات "Su-22" و"Su-24" القادرة على العمل في كافة الظروف الجوية، والمحملة بعدد كبير من الصواريخ الإرتجاجية التي تسبب استخدامها بانهيار عشرات الأبنية السكنية ومقتل المدنيين داخل الأقبية. وتم استخدام الصواريخ الارتجاجية لاستهداف الأقبية والمشافي ومراكز الدفاع المدني. وتُطلق المقاتلات الحربية أيضاً صواريخ فراغية محمولة بالمظلات، والتي تُحدث أثراً تدميرياً عالياً في منطقة قطرها 50 متراً، وتؤدي لإفراغ الأبنية من الجدران والمحتويات، وتم استخدامها بكثافة لقصف الأحياء السكنية والأسواق الشعبية.

وتُشارك في قصف الغوطة الطائرات الحربية "L-39"، ذات القدرة على المناورة، ومتابعة الأهداف المتحركة ليلاً كالسيارت، وهي مزوردة برشاشات من عيار 20 مم، وصواريخ C5 وC8.


(المصدر: LM)

وتشارك المروحيات في رمي البراميل المتفجرة بأعداد كبيرة على أهداف مركزة. الطيران المروحي كان قد مُنع من التحليق في سماء الغوطة الشرقية، خلال السنوات الماضية، بسبب استيلاء "جيش الإسلام" على منظومة "أوسا" روسية للدفاع الجوي كانت في أحد قواعد قوات النظام في الغوطة، وتمكن من إسقاط أكثر من مروحية في السابق. في هذه المعركة وصل عدد المروحيات التي تُحلّقُ ،في آن واحد، وفق "مرصد الغوطة للطيران"، إلى 9 مروحيات، ترافقها طائرات استطلاع ومقاتلات حربية. وتستخدم قوات النظام تجهيزات لتحديد موقع عربة "أوسا" في حال تم استخدامها، لتدميرها مباشرةً.

"قاعدة حميميم" الروسية قالت في "فايسبوك" إنها زودت قوات النظام بدبابات T-90 المُخصّصة لـ"قوات النخبة"، والمجهزة بطبقات مضادة للصواريخ المضادة للدروع. وتعتبر T-90 قلعة متنقلة، يمكنها إطلاق 42 قذيفة مدفع موجهة، وتضم ثلاثة رشاشات متوسطة. كما تمّ تزويد مليشيات النظام براجمات صواريخ "سميرتش" ذات القدرة التدميرية العالية، وصواريخ "توشكا" التكتيكية الباليستية.

وحشدت مليشيات النظام على الأرض تشكيلات عسكرية متعددة لاقتحام الغوطة، وأبرزها "قوات النمر" بقيادة العميد سهيل الحسن. وتتميز "قوات النمر" باستخدام التغطية النارية الكثيفة، وتشارك دائماً بالتنسيق مع الطيران الحربي الروسي، وتتقدم على الأرض بعد تدمير الأهداف "المعادية" بشكل كامل. ولـ"قوات النمر" رمزية بالنسبة لمؤيدي النظام، وتعتبر أهم تشكيل عسكري، وكان لها الدور الأول في استعادة السيطرة على مناطق كبيرة في ريف حلب وريف حماة وإدلب والبادية السورية.

وتوجهت أرتال كبيرة لـ"قوات النمر" من الشمال السوري إلى القلمون الشرقي، وتجمعت في مطار ضمير العسكري و"الفوج 16" جنوبي المطار، وفي "اللواء 122" والفروسية شرقي بلدة البحارية من الغوطة الشرقية. ويتوقع أن يتم هجوم "قوات النمر" من جبهات منطقة المرج والقطاع الجنوبي، كونها مناطق ريفية، لـ"قوات النمر" خبرة كبيرة بالقتال فيها، أكثر من خبرتها في حروب المدن.

ومن المفترض أن تشارك في المعركة قوات "الفرقة الرابعة" و"الحرس الجمهوري" من جبهات جوبر وزملكا وحرستا وعربين ودوما. ولهذه القوات خبرة واسعة في معارك المدن. وتشارك معها مليشيات "لواء أبي الفضل العباس" و"جمعية البستان" و"الشبطلية" و"أسود الغوطة" و"الدفاع الوطني". ولا تتفوق هذه المليشيات على فصائل المعارضة، بالخبرة في حروب المدن، لكنها تمتاز بالقدرة النارية الكبيرة، إذ تعتمد في معاركها على التمهيد الناري بصواريخ أرض-أرض من نوعي "فيل" و"جولان"، وبمساندة الطيران الحربي لها.

وتسعى مليشيات النظام وحليفها الروسي إلى تطبيق سيناريو حلب الشرقية 2016، على الغوطة الشرقية، وفق ما قاله وزير الخارجية الروسية. وهذا يعني اتباع تكتيك تدمير البنى التحتية بالدرجة الأولى ثم التقدم من محاور متعددة لتقسيم الغوطة إلى مناطق منفصلة، وتشتيت قوات المعارضة، وتسهيل السيطرة على المناطق بسرعة أكبر.

وقد أتم الطيران الحربي الروسي والسوري المرحلة الأولى من المهمة، عبر إخراج معظم المشافي ومراكز الدفاع المدني عن الخدمة، بالإضافة إلى تدمير الأفران والمدارس وغيرها من المنشآت. وقد وثق ناشطون مقتل أكثر من 300 مدني خلال الأيام الثلاثة الماضية.

ويتوقع في المرحلة الثانية من الهجوم، أن تبدأ القوات البرية عملياتها لتقسيم الغوطة، عبر التقدم من محورين؛ الأول لـ"قوات النمر" من حوش نصري إلى "فوج الشيفونية" ثم باتجاه "إدارة المركبات" التي تبعد عنها 6 كيلومترات غرباً، والثاني من "إدارة المركبات" باتجاه "فوج الشيفونية" شرقاً. وتتواجد حالياً في "إدارة المركبات" قوات "الفرقة الرابعة". وقد جرى الحديث عن خلافات بين "قوات النمر" و"الفرقة الرابعة"، إذ لا ترغب "قوات النمر" أن تشارك العمل مع تشكيلات أخرى، وتريد أن تتقدم قواتها من المحورين، وتلتقيان معاً. وقد مهّد القصف العنيف على البلدات التي توجد بين هذين المحورين؛ مديرا ومسرابا وبيت سوا، لهذه المهمة، عبر تحويل المنطقة الفاصلة إلى مناطق مفتوحة مدمرة، لتلافي حرب المدن، وتسهيل تقدم المدرعات والقوات البرية.

وتحاول مليشيات النظام فصل مدينة حرستا عن بقية مدن الغوطة الشرقية، من خلال التقدم من محور المشافي وكرم رصاص بين دوما وحرستا باتجاه "إدارة المركبات" التي تبعد عنها أكثر من كيلومترين جنوباً. ويهدف هذا العمل لعزل حرستا، وفتح جبهة جديدة على دوما من الجهة الغربية، لتخوض المدينة معارك على ثلاث جبهات؛ الشرق والغرب والشمال.

وحاولت مليشيات النظام، خلال اليومين الماضيين، التقدم من جبهات حزرما والزريقية، لتطويق بلدات النشابية وحزرما، والوصول إلى بلدة أوتايا غرباً، تمهيداً للتوجه نحو "كتيبة بيت نايم" و"كتيبة الدفاع الجوي" في أوتايا، إلا أن قوات المعارضة تمكنت من التصدي لها، وردها.
ويجري الحديث عن إبلاغ قوات النظام سكان مدينة جرمانا المجاورة، الحذر والالتزام بالأقبية، في حال بدأت العمليات العسكرية البرية في الغوطة الشرقية. ويُرجّحُ فتح قوات النظام جبهة جديدة من القطاع الجنوبي، نحو الشمال، وإمكانية توغل القوات البرية في مزارع الأشعري باتجاه محور المركبات و"فوج الشيفونية"، ولكن نهر بردى يقف عائقاً طبيعياً أمامها، ويساعد قوات المعارضة على التصدي والثبات خلفه.

فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، أبدت استعدادها الكامل للمعركة، ورفضت الاستسلام وسيناريو التهجير. وما يُعزز مواقفها خبرتها الواسعة في حروب المدن التي اكتسبتها خلال السنوات السابقة في معاركها مع النظام، ونجحت في منعه من التقدم على جبهات جوبر وعين ترما وزملكا وعربين وحرستا، وأوقعت قواته في كمائن أدت إلى مقتل مئات العناصر، وأجبرت نخبة مليشيات النظام؛ "الحرس الجمهوري" و"الفرقة الرابعة"، على إيقاف محاولات التقدم.

ويمتلك "جيش الإسلام" على الجبهات الشرقية للغوطة قوة كبيرة بالعناصر والعتاد وخبرة واسعة في معارك المناطق الريفية قد تمكنه من التصدي لمحاولات تقدم النظام، وقد قام سابقاً بحفر خنادق وقطوع مائية واتبع تكتيك التصحير لكشف المناطق الزراعية المفتوحة واستهداف المدرعات من مسافات بعيدة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها