الخميس 2018/01/04

آخر تحديث: 14:24 (بيروت)

إدلب: دفاعات المعارضة و"تحرير الشام" تنهار أمام النظام

الخميس 2018/01/04
إدلب: دفاعات المعارضة و"تحرير الشام" تنهار أمام النظام
من المتوقع أن تُكثّف مليشيات النظام خلال الأيام القليلة القادمة من هجماتها البرية (انترنت)
increase حجم الخط decrease
شهدت مناطق ريف إدلب الجنوبي الشرقي، على جانبي سكة الحجاز، تقدماً سريعاً لقوات النظام والمليشيات الموالية لها خلال الساعات الـ48 الماضية. التمهيد الناري والهجمات البرية التي شنتها المليشيات بشكل متواصل تسببت بانهيار دفاعات المعارضة و"تحرير الشام"، بسرعة مفاجئة في المنطقة. وتمكنت المليشيات من السيطرة على عدد كبير من القرى والمزارع شمال شرقي أبو دالي، في محور متجه نحو سنجار-أبو ضهور.

قوات النظام والمليشيات تقدمت، الأربعاء، في قرى رجم المشرف ومشرفة الخنزير وقليعات طويبة ومحطة أم صهريج وأم صهريج والسويرات والدريبية، وحاولت إحراز المزيد من التقدم في ريف سنجار، نحو قرى المشهد والمريجب وربيعة موسى واللوبيدة ورسم العبد وفحيل جلاس.

وتعرضت المناطق المستهدفة بهجوم المليشيات البري، الثلاثاء والأربعاء، لقصف جوي عنيف بالقنابل العنقودية والفراغية. وشنت الطائرات الحربية أكثر من 100 غارة جوية استهدفت معظم القرى في محور التقدم شمال شرقي أبو دالي المتجه نحو سنجار، كما ألقى مروحي البراميل عشرات البراميل المتفجرة مستهدفاً القرى والمزارع ذاتها.

ومن المتوقع أن تُكثّف مليشيات النظام خلال الأيام القليلة القادمة من هجماتها البرية في محور شمال شرقي أبو دالي-سنجار-أبو ظهور، مروراً بعشرات القرى والبلدات التي هجرها معظم سكانها بسبب القصف الجوي المركز على مدى أسبوعين تقريباً. وسيمر خط تقدم المليشيات كما هو مفترض وسط مناطق نائية، لا تحوي مراكز عمرانية كبيرة يمكنها تأمين الحماية لعناصر المعارضة و"تحرير الشام" الذين ينحدرون في معظمهم من شمال وغرب إدلب وريف حلب، وبنسبة أقل من المناطق المستهدفة بالهجوم. وهذه المناطق تعتبر أقل تضامناً مع المعارضة مقارنة بغيرها، وأقل تصديراً للمقاتلين المشاركين في القتال في صفوف الفصائل في الوقت ذاته.

مدير المكتب الإعلامي في "الجيش الثاني" نصر عكل، أكد لـ"المدن"، أن مليشيات النظام ركزت جهدها الحربي خلال اليومين الماضيين في محور عرضه لا يتجاوز 10 كيلومترات، بهدف التوغل في ريف إدلب الجنوبي الشرقي وصولاً إلى مطار أبو ضهور العسكري. وفي الوقت ذاته، تعرضت تلك المنطقة لقصف عنيف بالطيران الحربي والمروحي، الذي استهدف منازل المدنيين، والطرق والمرافق الصحية والتعليمية بهدف إجبار الأهالي على النزوح.

وأوضح عكل بأن فصائل المعارضة بدأت فعلياً باتخاذ إجراءات استباقية لمنع التمدد السريع لمليشيات النظام في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وبدأت بالعمل على إنشاء تحصينات تلائم طبيعة المنطقة وحجم ونوع النيران الموجهة ضدها، وقد تم تشكيل غرفة عمليات مركزية مصغرة في الجبهات الأكثر سخونة خلال الأيام الماضية تجمع "الجيش الثاني" و"جيش ادلب الحر" و"جيش النصر" و"فيلق الشام/قاطع حماة". وتشارك "الفرقة الوسطى" و"الفرقة 23" في الغرفة من خلال تقديم التغطية النارية الثقيلة في حال احتاجت لها قطاعات العمل الميداني في الصد أو الهجمات المعاكسة.

وأشار عكل إلى أن غرفة العمليات المركزية تركز جهدها شرقي سكة الحجاز، وهي مناطق تنال الحصة الأكبر حالياً من الهجمات البرية والجوية المضادة، وللغرفة تنسيق مع باقي الفصائل التي تنتشر في باقي جبهات القتال في القطاعات الأخرى في أرياف حماة الشمالي الشرقي، وحلب الجنوبي، وجبهات ريف حماة الشمالي التي ينتشر فيها "جيش العزة" بشكل خاص. وأكد عكل بأن غرفة العمليات المركزية التي تجمع فصائل المعارضة الأكثر انخراطاً في القتال تخبئ الكثير من المفاجئات، ولن تقف مكتوفة الأيدي إزاء الانهيار الحاصل أمام تقدم المليشيات.

التكتيك الجديد-القديم في تقطيع الأوصال وعزل المناطق والالتفاف على مواقع الخصم، تتبعه المليشيات في ريف ادلب الجنوبي الشرقي، بهدف الوصول بسرعة إلى هدفها البارز؛ مطار أبو ظهور العسكري. التطبيق بدأ فعلياً بعد تسلم سهيل الحسن الملقب بـ"النمر"، قيادة العمليات في المنطقة، وهو تكتيك لطالما نجح في تطبيقه العميد الحسن في معارك سابقة من حلب بداية وصولاً إلى ريفها الشرقي وريفي الرقة وديرالزور في البادية السورية. استراتيجية العقيد الحسن البرية تعتمد بشكل رئيسي على التغطية النارية المدمرة لمواقع الخصم واتباع سياسة الأرض المحروقة في محاور التقدم المرسومة مسبقاً، والضغط بنيران هائلة على المناطق التي يتم عزلها بشكل جزئي لدفع الخصم للانسحاب.

في السياق، عززت مليشيات النظام قدرات ثكناتها ومواقعها المتقدمة جنوبي الحاضر بالمدفعية الثقيلة، وقواعد الصواريخ، وعناصر من مليشيات "لواء الباقر" و"كتائب البعث" و"لواء القدس"، وتمركزت بشكل خاص في أبو رويل وتلة الأربعين جنوبي حلب. الطريق من أبو رويل في الشمال وصولاً إلى مطار أبو ظهور جنوباً، بمسافة تقدر بـ15 كيلومتراً هو محور مفترض أيضاً لتقدم المليشيات. وستعمل مليشيات النظام على إشغاله في حال نجحت القوات القادمة من محور شمال شرقي أبو دالي– سنجار-أبو ضهور في تقليص المسافة التي تفصلها عن مطار أبو ضهور إلى 15 كيلومتراً من أصل 25 كيلومتراً الحالية التي تفصلها في المحور الجنوبي عن المطار.

نجاح مليشيات النظام في مخططها المفترض، والتقدم  في المحورين الشمالي والجنوبي والتقائهما في مطار أبو ظهور، سيعزل منطقة واسعة تسيطر عليها فصائل المعارضة و"تحرير الشام" شرقي سكة الحجاز، وهي منطقة ربما تتساوى مساحتها مع مساحة منطقة "درع الفرات" في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.

نجاح المليشيات في مخطط العزل وتقطيع الأوصال، سيوفر عليها جهداً حربياً كبيراً في المحاور التقليدية التي أشغلتها خلال الشهرين الماضيين في مختلف جبهات القتال من ريف حماة الشمالي الشرقي؛ في الرهجان ومحيطها وصولاً إلى الجبهات غربي خناصر في جبل الحص جنوبي حلب. وهذه الجبهات ابتلعت مئات العناصر من مليشيات النظام وكمية كبيرة من العتاد الحربي الذي دمّرت المعارضة جزءاً منه واغتنمت جزءاً آخر. وعلى الرغم من كل هذه الخسارات التي منيت بها المليشيات في المحاور التقليدية إلا أنها لم تتمكن إحراز أي تقدم فعلي أو تغيير خريطة السيطرة بشكل كبير.

تشتت فصائل المعارضة المسلحة وعدم توصلها حتى الآن إلى إجماع في الميدان، واستمرار خصومة الفصائل الكبيرة منها مع "تحرير الشام" سيسهل المهمة حتماً على مليشيات النظام، ويريحها من مواجهة كبيرة محتملة، وربما يعجل في تحقيق هدفها بالوصول إلى مطار أبو ظهور العسكري والسيطرة على كامل المنطقة شرقي السكة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها