الجمعة 2018/01/26

آخر تحديث: 14:01 (بيروت)

الغوطة الشرقية: ماذا يحدث في المرج؟

الجمعة 2018/01/26
الغوطة الشرقية: ماذا يحدث في المرج؟
تحاول المليشيات التقدم نحو أوتايا (المدن)
increase حجم الخط decrease
أحرزت قوات النظام والمليشيات، خلال الأيام الماضية، تقدماً على جبهة الزريقية في منطقة المرج من الغوطة الشرقية، خلال هجومها على نقاط لقوات المعارضة، مستخدمة الآليات الثقيلة والمدرعات، وبتغطية نارية كثيفة بصواريخ أرض-أرض من نوع "فيل".

وبدأ هجوم قوات النظام على هذا المحور، بعد يوم واحد من إطلاق المعارضة المرحلة الثانية من معركة "بأنهم ظلموا"، التي بدأت في حرستا في 29 كانون الأول/ديسمبر 2017. وشنّت مليشيات النظام هجوماً واسعاً على جبهات منطقة المرج شمل بلدات النشابية والبلالية وحزرما والزريقية وحوش الضواهرة وبيت نايم. وكان هدف الهجوم تشتيت قوات المعارضة ومحاولة استغلال انهيار المعارضة في أي محور ليتم التقدم فيه. وبالفعل تمكنت قوات النظام والمليشيات في اليوم الأول من الهجوم من التقدم إلى نقاط في مزارع البلالية بعدما استخدمت غاز الكلور السام، وفق بيان لـ"جيش الإسلام"، كما تقدمت في جبهة الزريقية وسيطرت على نقاط مهمة. واستعادت قوات المعارضة، في 30 كانون الأول، السيطرة على النقاط التي خسرتها في مزارع البلالية، عبر هجوم معاكس لها، قتلت خلاله عدداً من عناصر النظام.


(المصدر: LM)

ومع ذلك، فقد سيطر النظام على مدرسة بلدة الزريقية، وأحكم بالتالي السيطرة النارية على كامل البلدة، ورصدت قواته نارياً، من جهة الجنوب، طريق حوش الصالحية–النشابية، الطريق الرئيسي الوحيد الذي يصل الغوطة مع بلدات النشابية وحزرما ومزارع القاسمية والبلالية. ويعدّ هذا الطريق شريان الحياة بالنسبة لسكان تلك المناطق، كما يعدّ طريق الإمداد الرئيس لقوات المعارضة التي ترابط على تلك الجبهات.

قوات المعارضة كانت قد شقّت قبل ذلك طريقاً زراعياً بين البساتين يحاذي الطريق الرئيسي جنوباً، إلا أنّ طبيعته الترابية تعيق الحركة السريعة للآليات، كما أنه يتعرض للقنص من رماة النظام المتمركزين من جهة مطار مرج السلطان جنوباً. وقد استخدم المدنيون هذا الطريق في نزوحهم من بلدات النشابية وحزرما ومزارع القاسمية والبلالية، خوفاً من محاصرتهم فيها. هذا عدا عن تعرضها للقصف العنيف بصواريخ "فيل". وتجاوز عدد النازحين 1000 عائلة، وأصبحت المرج منطقة منكوبة.

وبعد سيطرة ميليشات النظام على مدرسة الزريقية أصبحت على بعد كيلومترين من نقاطها المقابلة شمالي مطار مرج السلطان. وهذه هي المسافة المتبقية لاستكمال الطوق حول بلدات النشابية وحرزما ومزارع القاسمية والبلالية. كما أصبحت قوات النظام على مسافة 1.7 كيلومتراً عن تل فرزات الاستراتيجي، أعلى قمة طبيعية في الغوطة الشرقية.

"جيش الإسلام" كان قد لجأ إلى تكتيك التصحير في بلدة الزريقية لمنع تقدم قوات النظام إليها بعد سيطرتها على مزارع حزرما الشمالية في شباط/فبراير 2017. فقُطِعَت الأشجار وأزيلت المباني لتترك مسافة فاصلة مع مليشيات النظام، ما يساعد على استخدام الصواريخ المضادة للدروع. لكن شدة القصف الذي استخدم في الهجوم، نهاية كانون الأول، وفتح محاور متعددة على بلدات المرج، واستخدام عدد كبير من الآليات ساعد مليشيات النظام على التقدم، وتجاوز تلك العقبات والوصول إلى جامع الزريقية وبناء المدرسة.

"جيش الإسلام" حاول استعادة السيطرة على المناطق التي خسرها، ووضع خطة تهدف إلى تطويق قوات النظام ومحاصرتها بين بلدتي حرزما والزريقية. وبالفعل، شنّ مقاتلوه هجوماً معاكساً، صباح 10 كانون الثاني/يناير 2018، من محورين؛ الأول باتجاه بلدة الزريقية شمالاً واستطاعوا خلاله استعادة السيطرة على نقاط متعددة ليس بينها المدرسة والجامع، والمحور الثاني من بلدة حزرما شرقاً نحو كتيبة الصواريخ واستطاعت فيه السيطرة على الكتيبة ومزارع حولها، لكنهم لم يتمكنوا من التوغل أكثر وبالتالي إتمام الهدف من الهجوم المعاكس بالكامل. قوات "جيش الإسلام" عادت إلى نقاط انطلاقها، بعدما سحبت جثث 9 عناصر من مليشيات النظام وأسرت 3 عناصر بينهم ضابط. وعاد الوضع إلى ما كان عليه.

السيطرة على تل فرزات لم تعد أولوية بالنسبة لقوات النظام، كما كان عليه الحال في معارك العام 2016 بعد سيطرتها على مطار مرج السلطان. وسعت مليشيات النظام حينها لاتخاذ التل قاعدة نيران بها، ومنطلقاً للسيطرة النارية على بلدات المرج. ولكن بعد سقوط بلدات الميدعاني والبحارية والقاسمية، بيد المليشيات، في كانون أول/ديسمبر 2016، وقطع طريق النشابية وحرزما الرئيسي في المعارك الجارية حالياً، غيّرت قوات النظام تكتيكها، وعاد تل فرزات ليكون جزءاً من أهدافها.

المليشيات أوقفت تقدمها ما بعد مدرسة الزريقية جنوباً، وحاولت منذ منتصف كانون الثاني التقدم غرباً نحو بلدة أوتايا، معتمدة على القصف الكثيف بصواريخ "الفيل"، وزج أعداد كبيرة من المدرعات وعناصر المشاة. وتأتي أهمية أوتايا باحتوائها على كتيبة الباتشورا شمالاً، والرحبة العسكرية غرباً. وإذا ما دخلت مليشيات النظام أوتايا، فستفتح معارك من محورين؛ الأول شمالاً باتجاه كتيبة الباتشورا لاستعادة السيطرة عليها ثم تطويق ما تبقى من بلدة حوش الضواهرة والسيطرة عليها والوصول على تخوم "فوج الشيفونية"، أكبر ثكنة عسكرية في المنطقة. والمحور الثاني، والأهم، وهو الهجوم من أوتايا إلى "كتيبة بيت نايم" في الجنوب الغربي، والتي تبعد 1.5 كيلومتراً، ما يعني السيطرة الكاملة على النشابية وحزرما وحوش الصالحية ومزارع القاسمية والبلالية والزريقية، بالإضافة لتل فرزات الذي يعتبر نقطة تمركز عسكرية سابقة لقوات النظام.

التقدم على المحاور السابقة، إن تمّ، سيمكّن قوات النظام من جني مكاسب مضاعفة، تتمثل بالسيطرة على مساحات كبيرة من البلدات والأراضي الزراعية بالإضافة إلى استعادة السيطرة على خمس مواقع عسكرية مهمة؛ تل فرزات و"كتيبة بيت نايم" و"رحبة أوتايا" و"كتيبة الباتشورا" و"فوج الشيفونية"، كما سينخفض عدد نقاط رباطها في المنطقة، ويصبح لديها فائضاً في العنصر البشري والسلاح، ما يمكنها من التوجه إلى جبهات أخرى.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها