الثلاثاء 2018/01/16

آخر تحديث: 11:49 (بيروت)

مليشيات النظام تمتص هجوم المعارضة المعاكس.. وتهدد أبو ظهور

الثلاثاء 2018/01/16
مليشيات النظام تمتص هجوم المعارضة المعاكس.. وتهدد أبو ظهور
المعارضة أشغلت كامل جبهات الأطراف الغربية (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تمكنت مليشيات النظام، الأحد والاثنين، من التوسع في مناطق ريف حلب الجنوبي، وسيطرت على مزيد من القرى والبلدات في ريفي جبل الحص وتل الضمان، أهمها، قرى الحاجب وسميرية والباكات والنجار. وباتت المليشيات على مسافة كيلومترات قليلة من مطار أبو ظهور العسكري. وشهدت منطقة المطار والقرى المحيطة به من جهة الشرق، قصفاً جوياً مكثفاً، بعشرات الغارات بالصواريخ الفراغية والارتجاجية. ونفذت مدفعية المليشيات رمايات متواصلة على المنطقة المستهدفة مهيأة للمليشيات تقدمها البري نحو الغرب.

وجاء تقدم المليشيات في جبهات ريف حلب الجنوبي وسيطرتها على مساحات واسعة، بعد أن جعلتها محور العمليات الرئيسي نحو أبو ظهور، بدلاً عن اللسان البري المتقدم في ريف ادلب الجنوبي؛ أبو دالي–سنجار-أبو ظهور الذي تعرض لهجوم معاكس شنه مقاتلو المعارضة المسلحة و"تحرير الشام" نهاية الأسبوع الماضي. هجوم المعارضة تسبب بإيقاف تقدم المليشيات في ذلك المحور، ومنعها من السيطرة على المطار. وعمل الهجوم على توسيع طوق الأمان جنوباً من خلال استعادة قرى ومزارع ملاصقة للمطار من الجهة الجنوبية، وهي رسم العابد وجعيكة وطلب والدبشية وتل سلمو والجفر وزفر صغير وزفر كبير. الأمر الذي دفع مليشيات النظام لفتح المحاور الشرقية والشمالية الشرقية المطلة على المناطق شرقي سكة الحجاز.


(المصدر: LM)

سقوط القرى والبلدات في ريف حلب الجنوبي في قبضة المليشيات كان سريعاً، بذات الوتيرة التي سقطت فيها قرى محور أبو دالي في ريف إدلب قبل أسبوعين. وتتحمل "تحرير الشام" مسؤولية تقدم المليشيات في هذا المحور بسبب انسحاب عناصرها من 30 قرية ومزرعة على الأقل من دون مقاومة جدية. وعلى خلفية انسحاب "تحرير الشام" باتت المليشيات تهدد مطار أبو ظهور من محور ثانٍ، الأمر الذي تعتبره المعارضة عبئاً آخر يجب أن تتحمله في معركتها المضادة. "تحرير الشام" بررت لنفسها، وأكدت أنها أجبرت على الانسحاب خوفاً من حصار عناصرها في المنطقة، بالإضافة لفتح النظام جبهات جنوبي الحاضر بهدف التقدم من أبو رويل جنوباً والسيطرة على مجموعة التلال الحاكمة شمالي أبو ظهور. كذلك عزت "تحرير الشام" تراجعها للتغطية النارية الهائلة التي تمتعت بها المليشيات أثناء تقدمها في المنطقة.

واستمرت فصائل المعارضة المسلحة التي انضوت في غرفتي عمليات "رد الطغيان" و"إن الله على نصرهم لقدير"، في شن هجماتها ضد مليشيات النظام، مستهدفة الأطراف الغربية لمحور تقدم مليشيات النظام المتوغل في ريف ادلب الجنوبي. غرفتي عمليات المعارضة أشغلت كامل جبهات الأطراف الغربية من عطشان جنوباً وحتى اصطبلات شمالاً، وتمكنت من استعادة السيطرة على قرابة 20 قرية ومزرعة أهمها؛ أبو عمر والخوين الكبير غربي أبو دالي، أما باقي القرى التي استعادتها المعارضة فقد توزعت على كامل خط المعارك، ما يعني أن العمليات المعاكسة لم تكن مكثفة في محور ضيق يُمكّنُ المعارضة من قطع خط امداد النظام كما كان مخططاً له بالفعل.

الناطق الإعلامي باسم "جيش النصر" محمد رشيد، أكد لـ"المدن"، أن مليشيات النظام خسرت خلال خمسة أيام من المعارك المتواصلة في جبهات ريف ادلب أكثر من 150 عنصراً بين قتيل وأسير، بينهم عدد من الضباط والقادة الميدانيين، وتمت محاصرة مجموعات بأكملها في قرى الخوين والسلومية والجدوعية، وأجبرت المليشيات على ترك سلاحها وعتادها الثقيل أمام الهجمات النوعية التي شنتها الفصائل التابعة لغرفة عمليات "رد الطغيان".

وأوضح رشيد بأن الهجوم المعاكس الذي تشنه فصائل المعارضة استنزف مليشيات النظام بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية، وتم تدمير عشرات الآليات الثقيلة والمدرعات والدبابات والسيارات رباعية الدفع بصواريخ مضادة للدروع، وتم اغتنام كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد الحربي. رشيد أكد بأن النظام استخدم، الاثنين، براميل متفجرة تحوي غازات سامة ضد مواقع المعارضة في قرية السلومية. وهذا هو الاستخدام الثاني من نوعه خلال أسبوع، بهدف إلى وقف تقدم المعارضة.

مليشيات النظام تمكنت من امتصاص الصدمة الأولى التي تسبب بها هجوم المعارضة، واستمرت بإرسال التعزيزات العسكرية نحو الطرف الغربي من محور تقدمها لمنع المعارضة من إحداث خرق كبير في محور سيطرتها. كما واصلت الطائرات الحربية الروسية وطائرات النظام الحربية والمروحية شنّ غاراتها الجوية على نقاط المعارضة قرب جبهات القتال والقرى والبلدات الخلفية التي تنطلق منها الهجمات. تعزيزات المليشيات التي تدفقت نحو جبهات القتال، والتغطية النارية الهائلة، حوّلت المعارك لصالح مليشيات النظام، والتي أصبحت معارك كر وفر وتبادل مستمر للسيطرة على القرى التي تشهد أعنف المعارك.

غرفتا عمليات المعارضة اللتان تعملان على الأطراف الغربية، يضاف إليها غرفة عمليات "تحرير الشام" والتي تتولى الدفاع عن مطار أبو ظهور، لديها فائض قوة من حيث عدد المقاتلين والعتاد اللازم لشن هجمات أكثر تركيزاً تمكنها من قطع خطوط امداد النظام من خلال التركيز على محور أبو دالي والسيطرة عليها، وعلى مجموعة التلال الواقعة إلى الشرق وهي تلال المقطع وتل خنزير والسيريتل، وصولاً إلى الرويضة. وبذلك يمكن إجبار مليشيات النظام المتقدمة على التراجع والانسحاب من مناطق واسعة في ريفي سنجار وأبو ظهور نحو مواقعهما الخلفية جنوبي أبو دالي.

عملياً، الهجوم المعاكس للمعارضة المسلحة ضد مليشيات النظام ما يزال يراوح مكانه في المناطق غربي سكة الحجاز. ما يعني أن المعارضة المسلحة لم تبعد خطر مليشيات النظام بعد عن المنطقة، بل أوقفت فقط تمددها في محور واحد، وخسرت كثيراً في محور آخر. وربما تتمكن المليشيات خلال الأيام القليلة القادمة من السيطرة على أبو ظهور ومطارها العسكري مستفيدة من الضغط الناري المتواصل الذي يستنزف المعارضة المسلحة.

مليشيات النظام التي سيطرت على الرهجان وعدد من القرى المحيطة بها في ريف حماة الشمالي الشرقي، قبل أيام قليلة، أوقفت عملياتها العسكرية في هذا المحور، وبدأت تهيأ لمحاصرة المنطقة وعزلها، عبر العمل على التقاء محوري التقدم؛ من الشرق من ريف حلب الجنوبي، ومحور ريف ادلب الجنوبي المتجه إلى الشمال الشرقي نحو أبو ظهور. واستفادت المليشيات من المعارك التي شنها تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريفي حماة الشمالي الشرقي وريف ادلب الجنوبي الشرقي، والتي تهدف لتوسيع السيطرة في المنطقة على حساب المعارضة و"تحرير الشام". التنظيم سيطر على مزيد من القرى في ريفي حماة وادلب، ويحاول حصار المعارضة و"تحرير الشام" وعزل عشرات القرى المتبقية جنوباً والتي تتوزع ادارياً على  أرياف حماة الشمالي الشرقي وادلب الجنوبي وحلب الجنوبي، من خلال وصل رأس الحربة المتقدم في ريف ادلب عند قرية مليحة كبيرة بمناطق سيطرة المليشيات عند قرية أم خان.

الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها مليشيات النظام في صفوفها وعتادها في جبهات ريف ادلب لن تمنعها من مواصلة تقدمها، وقضم وعزل مزيد من المناطق شرقي السكة وصولاً إلى مشارف أبو ظهور الذي ستصبح السيطرة عليه تحصيل حاصل في حال الانتهاء من السيطرة على كامل المناطق شرقي السكة.

وربما تعتقد المعارضة أن المناطق الداخلية شرقي سكة الحجاز، وهي مناطق تنتشر فيها "تحرير الشام" بشكل أكبر من باقي الفصائل، باتت شبه محاصرة، ويتعاون النظام والتنظيم فيها بشكل متواصل، والمعارك فيها ستكون عبثية واستنزافاً لا جدوى منه، والأفضل لها أن تشغل كامل جبهات الغرب ضد مواقع المليشيات في محورها المتقدم في ريفي ادلب وحماة. وهي جبهات تتمتع فيها المعارضة بأفضلية وجود، وسيطرة، على "تحرير الشام".

السيناريو المحتمل حدوثه أيضاً هو أن فصائل المعارضة في غرفتي عمليات "رد الطغيان" و"إن الله على نصرهم لقدير"، لم يعد لها مصلحة في المناطق شرقي سكة الحجاز، ومعاركها الآن هي فقط لوقف زحف المليشيات غربي السكة، واستعادة السيطرة على القرى والبلدات التي تقدمت فيها المليشيات في المنطقة الغربية في ريفي سنجار وأبو دالي. إن صح هذا السيناريو الذي ستتضح معالمه خلال الأيام القليلة القادمة فإن أمام "تحرير الشام" معركة طويلة في المناطق الداخلية شرقي السكة، على جبهتي التنظيم والنظام، في حال قررت البقاء والمحاولة لاستعادة ما خسرته.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها