الجمعة 2017/09/08

آخر تحديث: 12:20 (بيروت)

"الإخوان المسلمون"و"الزنكي"..وكواليس تشكيل "الجيش الوطني"

الجمعة 2017/09/08
"الإخوان المسلمون"و"الزنكي"..وكواليس تشكيل "الجيش الوطني"
مبادرة "الجيش الوطني" أشبه بغرفة عمليات تقودها "هيئة أركان" تحظى بثقة الحلفاء (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تبدو المبادرة الأخيرة التي أطلقتها المعارضة لتشكيل "جيش وطني" مختلفة عن سابقاتها من جانب سرعة تجاوب الفصائل معها، والمباحثات والاتصالات المكثفة التي أجريت بعدها بين رئيس الحكومة السورية المؤقتة جواد أبو حطب، وقادة الفصائل في منطقة "درع الفرات" في ريف حلب، ومناطق سورية أخرى. وتثبت تلك التطورات أن المشروع يراد له الخروج إلى النور، بغض النظر عن التفاصيل الفنية والإجراءات التنظيمية ونظام تقاسم الحصص، والتي عادة ما تسبب تعطيل مشاريع كهذه.

أبو حطب، بدأ جولته من مارع في ريف حلب الشمالي، منتصف آب/أغسطس، حاملاً معه المبادرة، والتقى بـ"كتلة النصر" التي تُشكّلُ "فرقة الصفوة" إحدى دعائمها في المنطقة، وحصل على دعم "الفرقة" للمضي قدماً في المشروع.

مصدر معارض أكد لـ"المدن" أن البداية في تشكيل "جيش وطني"، التي بدأ رئيس الحكومة العمل عليها، كان مقترحاً قدمته إحدى فصائل المعارضة البارزة، بداية تموز/يوليو 2017، لكنه لم يخرج إلى النور، وبقي في إطار ضيق، بسبب غياب الظروف الملائمة. فعلياً، لم يرَ "أصدقاء المعارضة" حينها أن الوقت مناسب للعمل بالمشروع المقترح. وأضاف المصدر: "رئيس الحكومة المؤقتة جواد أبو حطب، هو واجهة المشروع باعتباره شخصية وطنية توافقية بعيدة عن التجاذبات، ولا ينتمي لأي من التيارات، ولديه حماسة كبيرة لإنجاز المشروع الذي يعتبره فرصة تاريخية للثورة في ظرفها الراهن الذي تعيشه، وفي وجوده مصلحة كبيرة لضم طيف واسع من فصائل المعارضة المسلحة"، لكنه أشار إلى وجود فصائل تشكك في المبادرة و"تعتبرها مشروعاً أخوانياً يهدف للهيمنة على المعارضة، ويعمل لأجندات خاصة بالإخوان المسلمين".

فكرة إنشاء "جيش وطني" ظهرت للإعلام في 30 آب/أغسطس، بعد أن أعلن "المجلس الإسلامي السوري" تبنيه للمبادرة. لا بل تم اعتبار المبادرة مقترحاً خاصاً بـ"المجلس". وتلى إعلان "الإسلامي السوري" سيل من بيانات التأييد التي أصدرتها فصائل المعارضة المسلحة المؤيدة للمشروع، والتي زاد عددها عن أربعين فصيلاً.

ومنذ بداية أيلول، كثّف أبو حطب من زياراته لفصائل المعارضة المسلحة في منطقة "درع الفرات"، وعاد لزيارة مارع في ريف حلب الشمالي، حيث صلّى العيد في مسجدها الكبير وتجول في المدينة وزار بعض مواقع "لواء المعتصم" الذي استضافه. لقاءات رئيس الحكومة شملت مختلف الفصائل في المنطقة، والتي تنقسم إلى ثلاث كتل عسكرية؛ "كتلة الشامية" و"كتلة النصر" و"كتلة السلطان مراد". وحصل أبو حطب على موافقات شفهية وأخرى عبر بيانات منفردة، مهدت لاجتماع الإثنين 4 أيلول/أغسطس، في مبنى "الحكومة المؤقتة" في غازي عينتاب، والذي تمخض عنه تسمية أبو حطب وزيراً للدفاع.

وأبو حطب، ليس الوحيد في حشد الدعم لمبادرة "الجيش الوطني"، التي تدعمها تركيا، ففي أثناء زياراته المكوكية للفصائل في ريف حلب، كانت شخصيات دينية معارضة محسوبة على "الإخوان المسلمين" تزور إدلب وريف حلب الغربي. وأبرز هذه الشخصيات الشيخ حسن الدغيم، الذي ظهر في تظاهرة شهدتها بلدة عينجارة غربي حلب في 25 آب/أغسطس. ومن المؤكد أن الدغيم قد التقى قيادة "حركة نور الدين الزنكي" وبعض قيادات فصائل المعارضة غربي حلب وأطلعهم على المشروع، وأين وصل العمل فيه. الدغيم كان قد دخل المنطقة، بحسب تصريحات منسوبة له، بعدما تلقى دعوة من قبل قيادة "هيئة تحرير الشام" بقصد الحوار.

زيارات الشيخ حسن الدغيم، وفريق من شخصيات تعمل على ترويج مشروع "الجيش الوطني"، لم تقتصر على إدلب وريف حلب الغربي، بل شملت منطقة "درع الفرات" في ريف حلب خلال اليومين الماضيين. والتقى الفريق بعدد من قيادات فصائل المعارضة في المنطقة، وتم التباحث في آليات إنجاح المشروع، ونقل الفريق للحاضرين قائمة الأهداف التي يُمكن أن يحققها المشروع.

فصائل المعارضة في ريف حلب بدت وكأنها ليست بحاجة للكثير من الشرح وكل هذه الزيارات، ولا الدخول في التفاصيل الدقيقة، فهي أيدت المشروع من دون تردد. وتختلف الأهداف بين فصيل وآخر. فالفصائل الفقيرة التي لا تمتلك موارد مالية محلية أو خارجية، والمهددة بالزوال، وافقت بحماسة إذ تأملت أن يكون مشروع "الجيش الوطني" إعادة إنعاش لها تحديداً إذا ما كان الهدف الرئيسي للمشروع هو عمل عسكري كبير أشبه بـ"درع الفرات" في إدلب.

أما الفصائل المسلحة الكبيرة والتي لديها مصادر دعم مستمرة؛ من خلال المعابر الرسمية وغير الرسمية ومرافقة الشحنات التجارية العابرة للمنطقة بالإضافة إلى مصادر دعم خارجية، فقد تم اعتبارها من الركائز الأساسية للمشروع، إذ لديها ما يقارب نصف العدد والعتاد في المنطقة، ومن مصلحتها الاجتماع تحت مظلة عسكرية واحدة. وليس ضرورياً بالنسبة لتلك الفصائل الكبيرة أن يكون "الجيش الوطني" مطابقاً لما تم الإعلان عنه من حيث تفاصيل الانصهار الكلي للفصائل، إذ يكفيها الحد الأدنى من التعاون وتشكيل محور متماسك تمهيداً للمعركة القادمة.

مصدر مطلع أوضح لـ"المدن" أن مبادرة "الجيش الوطني" أشبه بغرفة عمليات تقودها "هيئة أركان" تحظى بثقة الحلفاء لبدء مرحلة جديدة من الدعم العسكري لأهداف محددة سلفاً. والهدف الحالي للمشروع ينحصر في التقريب بين فصائل المعارضة المسلحة و"حركة نور الدين الزنكي" بعد فترة طويلة من القطيعة على خلفية انضمامها إلى "هيئة تحرير الشام" قبل العودة والانفصال عنها في تموز/يوليو. ومن ثم سيتم العمل على الخطوات اللاحقة، بما فيها التحضير لمعركة إدلب ضد "هيئة تحرير الشام".

المشهد يعود بنا إلى مطلع العام 2014 حينما شُكِّلَ "جيش المجاهدين" لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية"، في وقت قياسي، وكانت "حركة نور الدين الزنكي" آنذاك القوة الأبرز في الجيش، وتسلمت كامل الدعم المالي الذي قُدِّمَ لقتال التنظيم.

ومنذ مطلع أيلول/سبتمبر صعّدت "حركة نور الدين الزنكي" من لهجتها ضد "هيئة تحرير الشام"، وبدأ مكتبها الإعلامي على غير العادة بضخ مواد إعلامية مناوئة لـ"الهيئة". كذلك تغيرت لهجة مُنظّري فصائل المعارضة المسلحة في وسائل التواصل الاجتماعي تجاه "الزنكي" خلال الفترة الماضية، في ما بدا وكأنه تمهيد لعودة "الحركة" إلى أحضان الفصائل بعد الطلاق السابق بينهم. وينتهي بذلك التداخل الحرج الذي أحدثته "الحركة" بانضمامها لـ"الهيئة"، لتصبح الساحة في الشمال السوري منقسمة بشكل واضح بين معسكرين؛ "الهيئة" وتوابعها من "القاعدة"، وأصحاب "الجيش الوطني" بقيادة "الإخوان المسلمين".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها