الخميس 2017/09/28

آخر تحديث: 07:50 (بيروت)

روسيا: الخيانة قتلت الجنرال الأعرج أسابوف في دير الزور

الخميس 2017/09/28
روسيا: الخيانة قتلت الجنرال الأعرج أسابوف في دير الزور
أسابوف هو الجنرال الأول، الذي تفقده روسيا على خط جبهة القتال المباشر (انترنت)
increase حجم الخط decrease

تدفن روسيا جنرالها وكبير مستشاريها العسكريين في سوريا فاليري أسابوف، الذي قتل في دير الزور بقذيفة هاون استهدفت مقره مباشرة، في وقت لم تبخل الصحف والمواقع الإخبارية الروسية بالنعوت على الجنرال القتيل. فإذا به "الجنرال الأسطوري" و"القائد الفذ" و"سليل سوفوروف"، القائد الروسي الشهير، الذي قطع جبال الألب لقمع الثورة في سويسرا العام 1790.

وأسابوف هو الجنرال الأول، الذي تفقده روسيا على خط جبهة القتال المباشر، بعد حرب أفغانستان، التي فقدت فيها ثلاثة جنرالات، أحدهم كان نائب كبير المستشارين الروس في أفغانستان. أما الجنرالات الكثيرون، الذين فقدتهم روسيا في تسعينات القرن الماضي، فقد ماتوا، بحسب صحيفة الكرملين "فزغلياد"، إما انتحاراً، أو في حوادث مميتة، أو إثر مرض، لكنها لم تفقد جنرالاً واحداً في المعركة مباشرة، حتى خلال حروب الشيشان، التي أصيب خلالها أسابوف إصابة بليغة، بقي من بعدها طيلة حياته "االجنرال الأعرج".


سارعت روسيا بعد إعلان مقتل الجنرال أسابوف، إلى اتهام الولايات المتحدة بالتسبب بمقتله "بسياستها المزدوجة"، ولم تلتفت إلى ما نشرته "التايمز"، من أن تسريب معلومات عن موقع الرجل، قد يكون وراء اغتياله. لكن وكالة "نوفوستي" عادت، الثلاثاء، وأكدت مقولة خبر "التايمز"، إذ نقلت عن مصدر في الأجهزة الأمنية السورية قوله، إن نتائج التحقيقات الأولية في مقتل أسابوف "تشير إلى تسريب معلومات بشأن موقعه إلى الجهة التي قامت بالقصف". كما أكد المقولة عينها أيضاً فرانتس كلينتسييفتش، نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الإتحاد، الذي صرح في اليوم عينه، أن مقتل أسابوف في سوريا أصبح ممكناً بفعل الخيانة، وأن البحث جار عن الخونة، وسوف يجدونهم في القريب العاجل.


ونقلت "نوفوستي" عن بافل سالين، مدير مركز أبحاث البوليتولوجيا في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، قوله إنه لا يستبعد وجود خيانة فعلاً "لأن الوضع في سوريا غامض، بما في ذلك بالنسة لأولئك الذين يحاربون شكلياً إلى جانب الحكومة. وأعتقد أن التسريب يمكن أن يكون قد حصل فعلياً. لكنه لم يكن من جانب الإختصاصيين الروس، ومن المستبعد، بالتأكيد، أن يكون قد حصل من جانب الأميركيين، لأن الأميركيين لا يملكون مثل هذه المعلومات العملانية". وتنقل الوكالة عنه قوله، إن واشنطن غير معنية في معالجة الوضع في سوريا، وليس على روسيا أن تنتظر منها المساعدة في الحرب مع الإرهابيين. فالأميركيون حين يئسوا من إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، اعتمدوا تكتيك "عدم العرقلة، قدر الممكن، لكن عدم المساعدة في التسوية اللاحقة للوضع".


وتعتبر صحيفة "فزغلياد" أنه سيكون من الصعب جداً على هيئة مكافحة التجسس السورية العثور على قتلة الجنرال أسابوف. وتقول إن استخدام هذه الهيئة لكلمة "خيانة" بالذات، يشير إلى أنها تقصد أحداً ما سورياً. وترى الصحيفة، أن موقف الجانب السوري سوف ينطلق، كما يبدو، من أن مقتل أسابوف هو نتيجة أعمال مخطط لها، تستند إلى معلومات عن تنقلاته وأماكن تواجده. وتشير إلى أن القضية تتولاها في سوريا "إدارة الأمن العام"، وليس "المخابرات"، مما يشير إلى الطابع الداخلي للتحقيقات، على حد قولها.


لكن ذلك لن يغير شيئاً، من حيث المبدأ، في تقييم طبيعة مقتل الجنرال الروسي؛ برأي الصحيفة، فقد كان متواجداً في الموقع الذي كان يتطلبه الوضع القتالي، حيث كان الخطر على حياته كبيراً جداً، حتى من دون الخيانة. وما يثير الشكوك هو الإصابة الدقيقة جداً بقذيفة واحدة لمقر القيادة، الذي كان يوجد فيه الجنرال أسابوف. وترى مكافحة الجاسوسية السورية، أن الجهاديين كانوا يعلمون تماماً، أن الجنرال الروسي سوف يتواجد في هذا المكان وفي هذا الوقت بالذات. وقد تمكنوا من ضبط قصف الهاون بواسطة طائرة بدون طيار، مع العلم أن الأمر شديد الصعوبة تقنياً. والصعوبة تكمن في مميزات الهاون التقنية، كسلاح، على رأي الصحيفة.


وتتساءل الصحيفة: من بالذات وكيف تمكن من إيصال المعلومة للمقاتلين عن تواجد الجنرال الروسي. وتقول إن ثمة أجوبة عديدة على هذا التساؤل. وأول هذه الإجابات، هو أن الحرب السورية، التي بدأت حرباً أهلية، لا تزال تحمل عناصر تناقضات داخلية كثيرة، بما فيها عناصر ثأرية، وليس قناعات سياسية. وبعد استعادة هذه المناطق الشاسعة من الأراضي بسرعة، بقي فيها الكثير من الناس المتعاطفين مع المقاتلين. وليس من الممكن واقعياً "غربلة" هذه الحشود خلال أيام معدودة.


وتقول الصحيفة، إن مسألة "الغربلة والتنظيف" هذه قد تولاها بعد حلب إما المقاتلون المحليون أو"الشبيحة"، مما إثار موجة احتجاج هستيرية لدى المدافعين الأجانب عن حقوق الإنسان. وتعين إثر ذلك، وقف نشاط الشبيحة والميليشيات والفلسطينيين وحزب الله عن القيام بهذه المهمة، وتولتها الشرطة العسكرية الروسية جزئياً.


وإذا كانت مسألة "الغربلة" هذه قد حُلت في وسط سوريا وجنوبها، برأي الصحيفة، فإن المناطق المحاذية لجبهات القتال بقي الحبل على غاربه فيها، مما يحمل على التشكيك في كل شخص تقريباً. والمعلومات عن تحركات المستشار العسكري الروسي يملكها عدد وافر من الناس ليس من الضباط السوريين المنخرطين في تخطيط العمليات فقط، بل ومن مرافقيهم ومن الجنود حولهم وعشرات من السكان المحليين، مما يرفع العدد إلى المئتي شخص. ونظام السرية، من حيث المبدأ، ينبغي أن تهتم به مكافحة الجاسوسية السورية، التي ليس لديها لا القوة الكافية، ولا الأفراد، ولا الوقت. وليس بوسع مكافحة الجاسوسية الروسية أن تؤثر في هذا الوضع بأي شكل من الأشكال.


وترى الصحيفة، أنه سوف يتعين على مكافحة الجاسوسية السورية إنفاق الكثير من الوقت والقوى لتحديد المصدر الفعلي لتسرب المعلومات عن تحركات الجنرال أسابوف. وفي تنظيم التسريب، من المحتمل العثور على آثار بلدان ثالثة ما، متطورة تقنياً، كما من المحتمل أن تكون الفوضى والإهمال هما وراء ذلك.


وتختم الصحيفة مقالتها بما يشبه التحذير، من أن مشاركة الضباط الروس في تخطيط عمليات الجيش السوري، ليست سراً، ومحاولة اقتلاعهم مأخوذة بالحسبان أيضاً. أما الهجوم على الجنرال أسابوف فقد كان متعجلاً جداً، مما يشير إلى الطبيعة المحلية لإعداده، أكثر مما يشير إلى التخطيط الطويل له. ومن هنا ينبغي البحث، كما يبدو، وليس من مكان آخر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها