الأربعاء 2017/08/16

آخر تحديث: 13:35 (بيروت)

سوريون من عرسال إلى الرحيبة.. رحلة الشرق والغرب

الأربعاء 2017/08/16
سوريون من عرسال إلى الرحيبة.. رحلة الشرق والغرب
Getty ©
increase حجم الخط decrease
انقضى يوم كامل على وصول اللاجئين السوريين من جرود بلدة عرسال اللبنانية، إلى بلدة الرحيبة السورية في القلمون الشرقي، بعد سفر طويل ومتعب وأكثر من تأجيل وتلويح بإنهاء الاتفاق الذي أدى إلى عودتهم من المخيمات.

حافلات اللاجئين في عرسال من "سرايا أهل الشام" والمدنيين المرافقين، كانت قد عبرت بلدة فليطا، ليل الإثنين/الثلاثاء بعد توقف لأربع ساعات، لينتهي بذلك فصل من حكاية معقدة، تشبه حكايا جبال القلمون، التي عبر أهلها من غربها إلى شرقها. الرحلة الأخيرة من القلمون الغربي إلى الشرقي، جاءت بعدما كانت عرسال وجرودها محطة أولئك المُهجّرين بعد سيطرة قوات النظام ومليشيا "حزب الله" على مدينة يبرود في آذار/مارس 2014، معقل المعارضة الرئيس حينها في القلمون.


(المصدر: LM)

الناطق باسم "سرايا أهل الشام" عمر الشيخ، قال لـ"المدن": "كانت رحلة متعبة استغرقت ما يقارب 14 ساعة، نتيجة المعوقات الكثيرة والتدقيق الكبير من قبل حزب الله والنظام السوري، خاصة على الحواجز التي نصبتها قوات النظام على الطريق والتي فتشت المهجرين لأكثر من مرة على الطريق". ووصل 900 شخص من جرود عرسال اللبنانية إلى القلمون الشرقي، بعد خوف من انتهاك قوات النظام للاتفاق الذي لم تكن راضية عنه تماماً، بعدما رفض اللاجئون الانتقال بعيداً نحو إدلب في الشمال السوري، بل توجهوا إلى بلدات القلمون التي تقع تحت سيطرة المعارضة.

وتشكلت "سرايا أهل الشام" في أيلول/سبتمبر 2015 بعد توحد أغلب فصائل القلمون الغربي، كخطوة لتوحيد الجهود بعد خروجهم من يبرود، ولزيادة التنسيق في المعارك ضد "حزب الله" في جرود القلمون.

من جهته، مدير المكتب الاعلامي لـ"مجلس القيادة الثوري لمدينة جيرود" أبوخالد، قال لـ"المدن"، إن "جميع الفعاليات الثورية والمدنية في الرحيبة والقلمون الشرقي استعدت لاستقبال إخوانهم المهجّرين وجهزت مدارس متعددة لاستقبالهم في الليلة الأولى إلى حين ترتيب توزيعهم على المنازل بين بلدات القلمون الشرقي بشكل أفضل".

على الرغم من مساعي إفراغ منطقة القلمون من المعارضة بشكل كامل، إلا أن "سرايا أهل الشام" نجحت بتفادي أوضاع أسوأ، فظلوا قريبين من بلداتهم، كما استطاعوا الحفاظ على وحدتهم وتنظيمهم. أحد مقاتلي "السرايا" قال لـ"المدن": "مازلنا على بعد كيلومترات من بلداتنا في القلمون الغربي، لم نخسر إذاً معركتنا"، في حين تحدثت مصادر عن عروض قدمت خلال التفاوض من قبل النظام إلى "السرايا" للقتال إلى جانبه، ولو بطريقة غير مباشرة كانت ستضمن لهم تنفيذ شروطهم، وهو أمر كان مرفوضاً تماماً بالنسبة لـ"سرايا أهل الشام".

"حزب الله" كان قد عطل الاتفاق مراراً مُصرّاً على أن تكون المغادرة ضمن حافلات من دون السلاح، على عكس ما تم الاتفاق عليه في المفاوضات الأولى، إذ نص الاتفاق، الذي كانت الحكومة اللبنانية طرفاً فيه ممثلة بالأمن العام اللبناني، على خروج عناصر "سرايا أهل الشام" والمدنيين المرافقين لهم بسياراتهم الخاصة. أما مصير من بقي من اللاجئين في بلدة عرسال فسيكون وفق التفاهمات التي يتم التوصل إليها مع "حزب الله"، وسط تخوفات على مستقبلهم في المنطقة، إذا يسعى الحزب إلى إفراغها من اللاجئين السوريين، في سبيل تأمين سلسلة الجبال الحيوية بالنسبة له، على طريق إمداده من إيران إلى لبنان.

فصائل القلمون الشرقي من جهتها تنظر إلى الأمر على أنه تعزيز لقدراتها. "مقاتلو سرايا أهل الشام سيكونون مكسباً جديداً لقوات المعارضة في القلمون الشرقي" كما قال هاني أبوالوليد، من "وكالة سمارت" والمقرب من "تجمع أحمد العبدو". وحتى من دون سلاحهم الثقيل، سيشكل مقاتلو "سرايا أهل الشام" إضافة مهمة لفصائل المعارضة في منطقة محاصرة عسكرياً، وتخضع منذ مدة لابتزاز النظام وروسيا لتوقيع اتفاق مصالحة.

المدنيون الذين انتقلوا مع مقاتلي "السرايا"، ضمن الاتفاق، تم توزيع نصفهم على بيوت قدّمها أهالي بلدات القلمون الشرقي، وسيتم توزيع النصف الآخر خلال الأيام المقبلة بحسب مصدر من مجلس بلدة الرحيبة. وينظر اللاجئون إلى أوضاعهم الجديدة بتفاؤل، فهي أفضل من سابقتها في الجرود ومحيط عرسال. وفي حين لم تعرض أي منظمة إنسانية المساعدة في استيعابهم، استطاعت الفعاليات الأهلية في القلمون الشرقي أن تؤمن كامل الاحتياجات الأساسية حتى الآن.

رحلة يأمل اللاجئون ألا تكون الأخيرة، فبلداتهم القريبة، فليطا وعسال الورد، التي تقع تحت سيطرة قوات النظام و"حزب الله"، لا زالت تنتظرهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها