الأحد 2017/07/09

آخر تحديث: 13:16 (بيروت)

لقاء بوتين ترامب لم يكن تاريخياً

الأحد 2017/07/09
لقاء بوتين ترامب لم يكن تاريخياً
Getty ©
increase حجم الخط decrease
عشية اجتماع قمة العشرين في هامبورغ، نشر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقالة في إحدى الصحف الألمانية أشاد فيها بمجموعة العشرين، وقال إن "فعاليتها لا تتراجع في إدارة العالم، حتى في ظل تنامي الشكوك والمخاطر الجيوبوليتيكية". وعلى الرغم من أن المقالة تقع في ألف كلمة، إلا أنها لم تأتِ على ذكر سوريا ولا على اللقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كانت تنتظره روسيا منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وإن كانت تتظاهر بعدم تعجل انعقاده.


لكن، وعلى الرغم من مقالة بوتين وإشادته بإجتماع هامبورغ، إلا أن أجهزة الإعلام الروسية لم توله اهتماماً يذكر، بل وخصصت وكالة "نوفوستي" مقالة سخرت فيها من اللقاء، وصورت بوتين بأنه قد نسي تماماً أمره وموعده. ولم يكن اللقاء يعني أجهزة إعلام الكرملين سوى بمقدار ما يشكل مناسبة للقاء مع الرئيس الأميركي على هامشه.

وبغض النظر عن النتائج، التي أسفر عنها لقاء ترامب-بوتين وتقييم إيجابيتها أو سلبيتها من قبل الخبراء الروس والأميركيين، إلا أن اللقاء بذاته كان أهم من النتائج بالنسبة للكرملين وأجهزة إعلامه. والحذر، الذي تميزت به مقاربة أجهزة الإعلام الروسية لهذا اللقاء، حلت مكانه، بعد انعقاده، موجة عارمة من الترحيب، تميزت بمتابعة أدق التفاصيل والإطناب في تفسيرها وتحليلها.


صحيفة الكرملين "فزغلياد"، رأت أنه "حتى مدة اللقاء بين ترامب وبوتين تقول الكثير". وقالت، إنه بغض النظر عن المقاومة الجدية للقاء وتعدد الأحجار المخفية تحت الماء، إلا أن لقاء فلاديمير بوتين ودونالد ترامب قد حصل. وينبغي إعطاء الرئيس الأميركي ما يستحق من التقدير، إذ إنه لم يسمح لخصومه السياسيين بأن يفرضوا عليه النموذج، الذي يرغبون به في السلوك خلال المحادثات مع الزعيم الروسي.

وتهتف الصحيفة قائلة "لقاء فلاديمر بوتين ودونالد ترامب الأول على هامش قمة العشرين الكبار في هامبورغ قد حصل". وأشارت إلى أن الإعداد لهذا اللقاء قد جرى في جو من التوتر، لدرجة أنه، حتى اللحظة الأخيرة لم تكن هناك ثقة مئة بالمئة، أن الرئيسين سوف يلتقيان. وذكرت الصحيفة بالرسالة التي وجهها عشية اللقاء عدد من اعضاء الكونغرس إلى ترامب، يطلبون منه عدم إعادة الأبنية العائدة للسفارة الروسية في واشنطن، والتي صادرها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما نهاية عام 2016.

ونقلت وكالة "نوفوستي" عن أحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما قوله، إن الإتفاق الذي تم بين الرئيسين الأميركي والروسي حول وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا يشير "في حده الأدنى، إلى أن الولايات المتحدة قد اعترفت وأدركت، أن روسيا حاسمة في عدم التراجع عن المواقع التي أحرزتها في سوريا، وأنها سوف تدافع عنها. وأصبح من الواضح أن ترامب يعترف بنوايا روسيا الجدية في هذا البلد، وأنه يريد أن يكون مشاركاً مع روسيا في حل المشاكل في سوريا". كما رأى الرجل أن اللقاء "هو بداية طريق تفاوضي طويل بين بوتين وترامب حول مختلف القضايا".

وتشارك أجهزة الإعلام الروسية الأخرى إعلام الكرملين في تقدير إيجابية طول مدة اللقاء، إلا أنها لا تشاركها في التفاؤل بنتائجه. فقد نقلت صحيفة "فيدوموستي" المعروفة برصانتها عن مدير مركز "كارنيغي" الأميركي في موسكو ديمتري ترينين قوله، بأن طول مدة اللقاء أمر إيجابي بالطبع، لكن لا يمكننا "قول أي شيء حول نتائج اللقاء. فالهدنة في جنوب سوريا ليست بين القوى الموالية للولايات المتحدة وروسيا، بل هي بين الأطراف السوريين.. والصراع بين روسيا وأميركا له أهمية جذرية، إذ أنه صراع حول النظام العالمي، وغير قابل للحل بسرعة وسهولة".

ونقلت الصحيفة عن المسؤول السابق عن الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي الأميركي والبرفسور في جامعة "جورج تاون" تشارلز كوبتشان قوله، إنه حتى لو كان بوتين وترامب قد نجحا في لقائهما الأول إلا أن ما ينتظر إنجازه "كثير جداً". فليس من السهل "إيجاد مصالح مشتركة بين الطرفين في سوريا، ولن يكون من الأسهل إيجاد حل للنزاع في أوكرانيا". ويرى أن التحقيق في تدخل روسيا في الإنتخابات الأميركية سوف يزيد من صعوبة عملهما المشترك.

أما نائب مدير معهد "كينان" في واشنطن، المتخصص في شؤون روسيا وأوكرانيا والدول السوفياتية السابقة، وليم بوميرانس فيقول، إن اللقاء من وجهة نظر بوتين "هو نجاح قد تحقق، لأنه يضعه مع الرئيس الأميركي في مرتبة واحدة". ويقول بوميرانس "تذكروا، كيف استقبلوا بوتين في مؤتمر G20 في بريسبين في أوستراليا منذ ثلاث سنوات، فقد كان هناك معزولاً! والأمر سواء، في الحقيقة، بالنسبة لترامب، فهو لا يعرف، على كلٍ، ماذا جرى هناك في بريسبين".


ويقول موقع "غازيتا"، إنه "ينبغي اتخاذ موقف حذر من جميع النتائج"، التي تمخض عنها اللقاء، وينقل عن أحد خبراء المجلس الروسي للشؤون الخارجية قوله، إن التوقعات التي تحدث عنها الكرملين في إقامة تواصل مباشر مع البيت الأبيض وتسوية العلاقات "قد تحققت كلياً. لكن ليس هناك من اختراقات، عملياً، على قوله، وجميع الموضوعات التي تمت مناقشتها، وتلك التي تم التوصل إلى اتفاق حولها كانت حصيلة اللقاءات بين لافروف وتيلرسون في شهر أيار/مايو الماضي".

أما صحيفة "كومرسانت" المستقلة فقد نقلت عن الخبير في مركز "كارنيغي" في موسكو أندريه كاليسنيكوف قوله، إن الرئيسين قد انتظرا طويلاً اللقاء المباشر، ولذلك "أطالا في الحديث بينهما". وقال بأنه لم يكن يتوقع أي نتائج براغماتية، لأن من الخطأ مقارنة اللقاء بلقاءات غورباتشوف وريغان، أو بريجنيف ونيكسون، فقد كانت هناك "محادثات جدية وحقيقية، جرى الإعداد لها بعمل دؤوب من الخبراء. أما هنا فالأمر مرتجل تقريباً، وما حصل هو تواصل عاطفي، أكثر مما هو تواصل عقلاني".

كما نقلت الصحيفة عينها عن ألكسي مالاشنكو، عضو المجلس العلمي في مركز "كارنيغي" قوله حول الإتفاق بشأن منطقة خفض التوتر في جنوب سوريا، إن هناك أطرافاً أخرى، غير ترامب وبوتين، "هناك تركيا وإيران وسواهما". وهو لا يرى في ما جرى بين الرئيسين "ما هو ليس متوقعاً، بل هو ليس حدثاً تاريخياً".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها