الأربعاء 2017/07/26

آخر تحديث: 14:21 (بيروت)

ترامب يصف أفعال الأسد بالفظيعة...والمحاسبة قد تستغرق مئة عام

الأربعاء 2017/07/26
ترامب يصف أفعال الأسد بالفظيعة...والمحاسبة قد تستغرق مئة عام
ما يحدث في جنيف أو أستانة لم يتطرق لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (Getty)
increase حجم الخط decrease
على الرغم من قول الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، إنه ليس "معجباً بالأسد... ما فعله ببلاده والإنسانية فظيع..وما قام به في سوريا سيدفع ثمنه والامور التي حصلت ضد الانسانية كان لا يجب ان يسكت عنها اوباما.. لن أدع الاسد يفلت من الحساب"، إلا أن قراره بايقاف تمويل وكالة المخابرات المركزية الأميركية لفصائل المعارضة المسلحة المناهضة لنظام الأسد، لا يوحي باتخاذ الولايات المتحدة لخطوات عملية لتنحية الأسد.

قرار ترامب بوقف تمويل برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية، احتفت به حكومة النظام في دمشق، وقال وزير "المصالحة الوطنية" علي حيدر، في مقابلة مع "وكالة رويترز"، إن القرار هو "بداية" حل الأزمة السورية المستمرة منذ ست سنوات. وأضاف حيدر أن "خفض الدعم وإغلاق الحدود ووقف السماح للجسور الجوية بنقل المقاتلين إلى داخل سوريا... كل هذه الإجراءات هي بداية حل الأزمة السورية ومن دون ذلك لا حل".

من جهة أخرى، كتب إيموجين فولكس، مقالاً في شبكة "بي بي سي" بعنوان: "هل يفلت مجرمو الحرب في سوريا من العقاب؟"، جاء فيه أن محققي "لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا" عملوا على جمع معلومات عن جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب محتملة خلال النزاع. وأعد المحققون 13 تقريراً، يضم كل منها أدلة مروعة عن تدمير قرى، وحرق محاصيل، وتسميم آبار، وتعذيب، واغتصاب، وحصار بهدف التجويع، وقصف جماعي للمدنيين، علاوة على ما لم يمكن تصوره قبل عقد من الزمان، وهو استخدام الأسلحة الكيماوية.

وقالت "اللجنة" إنه لا يوجد شك في أن جرائم الحرب قد ارتُكبت من قِبل جميع أطراف الصراع. وطالب كل تقرير بتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم لـ"المساءلة"، إذ أنه لا ينبغي السماح لأي شخص بارتكاب مثل هذه الأعمال المروعة والإفلات من العقاب.

وتقول كارلا ديل بونتي، عضو اللجنة، إن "هذا سيكون فضيحة لا يمكن تصديقها"، ووصفت الانتهاكات في سوريا بأنها أسوأ ما شاهدته على الإطلاق. وأضافت: "لكن لا شيء يحدث، ولا نسمع سوى الكلام فقط".

ورغم أن لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا ليس لديها السلطة التي تمكنها من مقاضاة مجرمي الحرب، فإنها تملك عددا هائلا من الأدلة، وقائمة سرية من الأسماء، التي يُعتقد أنها تشمل شخصيات بارزة في أعلى المناصب في الحكومة والجيش في سوريا.

ولتقديم هؤلاء الأفراد (بما في ذلك الرئيس الأسد، بحسب ديل بونتي) إلى المحاكمة، يتعين على مجلس الأمن الدولي إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وطوال فترة النزاع السوري، انقسم مجلس الأمن بشأن هذه الأزمة، إذ تقاوم روسيا والصين بشكل خاص ما تعتقدان أنه تدخل غير ضروري في مشاكل سوريا.

ومع ذلك، يبدو أن الأمم المتحدة، في عهد الأمين العام الجديد أنطونيو غوتيريس، تعمل على إظهار قوتها، إذ أنشأت هيئة جديدة تسمى "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة لمحاسبة مجرمي الحرب في سوريا"، للعمل على فحص الأدلة وإعداد القضايا وإحالتها إلى أي محكمة يمكن أن يكون لها اختصاص قضائي. وبدأت بعض الدول الأوروبية بالفعل فتح بعض الحالات.

ويترأس هذه الآلية الجديدة قاضية فرنسية لديها خبرات كبيرة، وهي كاترين مارشي أويل، التي عملت في محكمة يوغوسلافيا السابقة، والمحاكم الاستثنائية في كمبوديا، التي حاكمت الخمير الحمر. ويقول مدير مؤسسة "سيفيتاس ماكسيما" السويسرية التي تعمل على ضمان تحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، آلان فيرنر: "هذا يعطيني أملا في أن شيئا ما يتحرك". وأضاف: "لم أكن أعتقد أن هذه الهيئة ستنشأ أصلا وهذا دليل على أن الأمم المتحدة جادة".

وما يحدث في جنيف أو أستانة لم يتطرق كثيرا لمساءلة مرتكبي هذا العدد الهائل من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ومن غير الواضح ما إذا كانت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي أُنشئت حديثا سيكون لها دور في عملية السلام. فهل يمكن أن يكون السبب في ذلك هو عدم حماس القادة (من جميع أطراف الصراع السوري) للتوصل إلى اتفاق سلام، إذ يعتقدون أنهم سيُحالون بعده للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب؟

إن الفكرة القائلة بأن تحقيق السلام، أو على الأقل غياب الحرب، ينبغي أن تكون لها الأولوية قبل تحقيق العدالة تشهد كثيرا من التقدم خلال المفاوضات الديبلوماسية الصعبة.

ويشير البعض أيضا إلى أن محاكم جرائم الحرب يمكن أن تزرع بذور الخلاف في المستقبل، لا سيما إذا كان الضحايا من مجموعة عرقية، ومرتكبي الجرائم من مجموعة عرقية أخرى.
ويرى المفوض السامي لحقوق الانسان، زيد رعد الحسين، أن التوصل لسلام دائم يُعد عملية معقدة. لكنه يصر على ضرورة أن يخضع من تسببوا في معاناة السوريين لمحاكمة رسمية. وقال: "في سوريا، لن يكون هناك سلام أبدا إذا لم تضعوا الضحايا في قلب جهودكم". وأضاف: "يمكنكم التوصل إلى اتفاق يُصاغ بدقة شديدة، لكن إذا لم يشعر الضحايا بالعدالة، فلن يكون له أية قيمة، ولن يكون من ورائه أي طائل. يجب أن تكون هناك مساءلة، ويجب أن يقدم مرتكبو الجرائم إلى العدالة". ومع ذلك، يرى الحسين أن المقاضاة ليست سوى جزء واحد من العملية. ويقول: "وبشكل أساسى، لن يكون لدينا سلام دائم ما لم نتعامل مع القضايا العالقة". وهذا يعني، حسب قوله، أن يعترف جميع أطراف الصراع بسلوكهم وأن يظهروا "ندمهم" على ما فعلوا.

ويرى آلان فيرنر أنه في ظل حجم الفظائع المرتكبة في سوريا "من الصعب جدا التفكير في أنه لن تكون هناك عدالة". لكنه يشير إلى أن عدد الجرائم "مذهل". لذا، من غير المرجح أن تكون العدالة سريعة. وأضاف أن "سوريا قد تستغرق أربعين عاما، وربما مئة عام، للتحقيق" في هذه الجرائم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها