الإثنين 2017/07/24

آخر تحديث: 18:16 (بيروت)

كيف ولماذا خرجت "سرايا أهل الشام" من معركة الجرود؟

الإثنين 2017/07/24
كيف ولماذا خرجت "سرايا أهل الشام" من معركة الجرود؟
تفاوض "داعش" بشكل مباشر مع "الحزب"، في حين كان تفاوض "النصرة" و"السرايا" بشكل غير مباشر (وكالة خطوة)
increase حجم الخط decrease
علمت "المدن" أن "سرايا أهل الشام" التابعة للجيش الحر في القلمون الغربي انسحبت من مواقع التماس مع "حزب الله" في جرود عرسال، بانتظار تنفيذ "حزب الله" والنظام السوري لبنود اتفاق تم التوصل إليه، ويقضي بخروج "السرايا" نحو القلمون الشرقي أو الجنوب السوري. "حزب الله" عاد وأخل بالاتفاق، والأمور ما زالت غير واضحة حتى اللحظة، بحسب مصادر "المدن".

وكان "حزب الله" قد أعلن، فجر الجمعة، بدء عملية عسكرية في جرود عرسال والقلمون في منطقة الحدود اللبنانية السورية، والتي تضم آلاف اللاجئين السوريين، وذلك بحجة طرد الفصائل المسلحة المتواجدة في المنطقة. وأكد حينها "الإعلام الحربي المركزي" التابع للحزب بدء عملية "التطهير" في جرود عرسال والقلمون لمحاربة "الإرهابيين". وبدأ الحزب الهجوم من محورين باتجاهات متعددة لكل محور، الأول: من بلدة فليطة السورية باتجاه جردها في القلمون الغربي، والثاني: من جرود السلسلة الشرقية للبنان الواقعة جنوبي جرد عرسال باتجاه شمال وشرق جرد عرسال.

وقالت مصادر "المدن" إن "حزب الله" ضرب بعرض الحائط، عملية للجيش اللبناني، كانت متوقعة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". وتابع المصدر، أنه عقب التوصل إلى اتفاق بين الجيش اللبناني و"سرايا أهل الشام" (تجمعهم نقاط اتصال سابقة وتنسيق في عمليات ضد تنظيم داعش)، أعلن "حزب الله" عن عمليته العسكرية. وأوضح المصدر، أن الاتفاق بين الجيش اللبناني و"السرايا" كان قد وصل إلى مرحلة "حاسمة" من إثبات قدرتهم على "محاربة الإرهاب" سوية.

وانبثقت "سرايا أهل الشام" من اندماج فصائل تابعة للمعارضة السورية في منطقة القلمون الغربي في نهاية أيلول/سبتمبر 2015، وهي ما تبقى من الفصائل المسلحة التي كانت تسيطر على القلمون قبل معركة يبرود.

وأشار المصدر، إلى أن عملية "حزب الله" لم تكن مفاجئة، فبعد انسحاب "سرايا أهل الشام" من "مفاوضات 3+1"، في الفترة ما بين 14 و16 تموز/يوليو، عُلّقت المفاوضات التي تهدف إلى عملية "مصالحة شاملة"، وتتضمن خروج "سرايا أهل الشام" و"جبهة النصرة" إلى مناطق المعارضة، و"داعش" إلى مناطق التنظيم في العمق السوري. وتفاوض "داعش" بشكل مباشر مع "الحزب"، في حين كان تفاوض "النصرة" و"السرايا" بشكل غير مباشر، عبر وسطاء، مع "الحزب". وسبق ذلك، تفاوض مباشر بين "الحزب" و"داعش" بخصوص تبادل جثث.

وشارك في مفاوضات "3+1"؛ "تحرير الشام" و"سرايا أهل الشام" و"داعش"، بالإضافة إلى "حزب الله". "السرايا" انسحبت بعدما رُفضت شروطها للخروج من المنطقة من قبل "حزب الله"، والتي تتضمن: الخروج بسلاحها الثقيل إلى شمال ريف دمشق؛ القلمون والبادية. ورفض "الحزب" ذلك، مشترطاً بقاءها بعد إجراء "المصالحة"، بل وقتالها إلى جانبه ضد "داعش". وتابع المصدر، أن انسحاب "السرايا" أفشل عملية "المصالحة" التي اشترط فيها "حزب الله" أن تكون "ثلاثية أو لا تكون"، بالإضافة إلى رفض "الحزب" مطالب "داعش" و"النصرة" بإخراج السلاح الثقيل.

في تلك "المفاوضات المبدئية" تغيرت شروط "حزب الله"، من "المصالحة الشاملة" وخروج الأطراف الثلاثة من دون سلاحها الثقيل من القلمون الغربي وجرود عرسال، إلى ضرورة بقاء "سرايا أهل الشام" والقتال إلى جانبه في المعركة ضد "النصرة" و"داعش"، إذ عاد "حزب الله" وطرح أن تكون "سرايا أهل الشام" حليفة له في حربه، لا طرفاً ضده، كما حاولت قوات النظام تقديم عروض متعددة لـ"السرايا"، وطالبتها بالحياد و"المصالحة ذات الشرط الواحد": القتال في صفوفها. وهو فعلياً ما أراده "حزب الله"، أي أن تكون "السرايا" إلى جانبه في عمليته ضد "تحرير الشام" و"الدولة الإسلامية" في جرود القلمون وعرسال.

وأكدت مصادر، أن "سرايا أهل الشام" انسحبت من المفاوضات قبل عملية "حزب الله"، بأيام، رافضة أي دور تنسيقي مع "حزب الله" وقوات النظام. 

وتهدف "سرايا أهل الشام" التي تعد نواة الجيش السوري الحر في منطقة القلمون الغربي، إلى إيجاد أرضية مشتركة مع الجهات الرسمية اللبنانية، بعدما نجحت في ذلك سابقاً، ووصل تنسيقها مع الجيش اللبناني إلى مستويات عليا في قيادة العمليات. وأشار المصدر أن "السرايا" ركزت على أهداف متعددة؛ أبرزها احترام سيادة لبنان والمحافظة على أمن اللاجئين السوريين في عرسال.

من جهة ثانية، أكد مصدر عسكري معارض، لـ"المدن"، أن "سرايا أهل الشام" اشترطت على "هيئة تحرير الشام" في المنطقة فك ارتباطها الكلي مع تنظيمها الأم (هيئة تحرير الشام) في الشمال السوري، وتشكيل "كيان ثوري يتبنى قيم ومبادئ الثورة للمواجهة في أي خطر مقبل"، إلا أن "الهيئة" رفضت ذلك.

وأضاف المصدر العسكري، أن "السرايا" ناقشت اتفاقاً يقضي بخروجها إلى إحدى مناطق الجنوب السوري، بكامل عدتها، لكن من دون الحصول على موافقة نهائية. وحدث ذلك خلال مفاوضات جرت بين "السرايا" و"حزب الله"، في 20 تموز/يوليو، طلبت فيه "السرايا" من "الحزب" عدم التعرض لمواقعها خلال عمليته التي قرر اطلاقها في 21 تموز. وأبلغ "الحزب" السرايا بموافقته على شروطها المسبقة في المفاوضات السابقة، على أن يخرج مقاتلوها إلى الجنوب السوري أو إلى شمالي دمشق، بكامل سلاحهم، وبرفقة عائلاتهم، مقابل أن تُحيّد "السرايا" نفسها عن جولة القتال الراهنة، والابتعاد عن خطوط التماس مع "حزب الله".

وعلمت "المدن" أن "السرايا" وافقت على شروط "الحزب" وانسحبت من خطوط التماس في جرود عرسال. وبعد مضي 48 ساعة أخلّ "حزب الله" باتفاقه مع "السرايا" وسيطر على مناطقها في وادي حميد، وجمّد الاتفاق. ونقلت وسائل إعلام معارضة عن لاجئين سوريين في عرسال قولهم، إن "الحزب" فتح النار، الإثنين، بشكل مباشر، على اللاجئين المدنيين في منطقة وادي حميد، ما تسبب في سقوط عدد من الجرحى، مع عدم امكانية نقل المصابين باتجاه عرسال.

وأشار المصدر إلى وجود محاولات روسية داعمة لاتفاق يقضي بخروج "السرايا" مع عتادها نحو الجنوب السوري، لكن قوات النظام و"حزب الله" ما زالوا يرفضون ذلك، بل يريدون أن تكون "السرايا" جزءاً من عملياتهم. الروس، بحسب مصادر "المدن"، عبروا عن عدم قدرتهم على الضغط على "الحزب" والمليشيات الإيرانية، خصوصاً بعد سلسة ضغوط سابقة رافقت هدنات سابقة. فـ"الحزب" يعتبر الحدود اللبنانية/السورية منطقة نفوذ خاصة له.

ويسعى "حزب الله"، عبر كمائن مفاوضاته، الى حشر "سرايا أهل الشام" في زاوية، للقبول بمقترحاته وبتسوية يفرضها كما يهوى، لا سيما عقب انتهاء عمليته ضد "جبهة النصرة"، ورغم تعداد قوات "سرايا أهل الشام" الذي يبلغ نحو 800 مقاتل من ذوي الخبرة القتالية في السلسلة الجبلية الحدودية. وهذا ما نجح فيه. ولو دخل في حرب شملت الأطراف نفسها، من دون سياسته الخبيثة، ربما كان الأمر اختلف ولربما حصد خسائر أكبر.


من جهته، قال القائد العام لـ"تحرير الشام" في القلمون الغربي، جمال حسين زينية، المعروف بـ"أبو مالك التلي"، إن "الهيئة" لم تبدأ بالاعتداء على أحد، وأنها حاولت تحييد لبنان عن الصراع الدائر في سوريا. وحمّل زينية "حزب الله" مسؤولية ما يجري، مؤكداً أن الحزب هو من زج بلبنان في هذه "المعمعة"، نافياً إغلاق باب التفاوض.


ونقلت "وكالة إباء" التابعة لـ"تحرير الشام" عن زينية، قوله إن "هذه هي الحملة الأشرس على الإطلاق، لكن بفضل الله، ثم طبيعة الأرض الجغرافية التي تجعلنا نستنزفهم استنزافاً شديداً يؤلمهم بعون الله". واضاف: "لدينا مبادئ في ثورتنا أهمها في هذه المرحلة إزاحة النظام المجرم وكل من سانده، ولم نبدأ بالاعتداء على أحد".


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها