الجمعة 2017/07/21

آخر تحديث: 12:38 (بيروت)

اشتباك روسي إيراني في درعا؟

الجمعة 2017/07/21
اشتباك روسي إيراني في درعا؟
اشتباكات عنيفة في بلدة نامر شرقي درعا، بين مليشيا عراقية مدعومة من إيران وقوات النظام (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تقترب الهدنة في الجنوب السوري من دخول أسبوعها الثالث وسط التزام جميع اﻷطراف بها. ولم تُسجل خلال اﻷيام الماضية ومنذ إعلانها في 9 تموز/يوليو أي طلعات جوية لطيران النظام ولا الطيران الروسي، واقتصرت الخروق على قصف مدفعي استهدف أحياء مدينة درعا الخاضعة لسيطرة المعارضة وبعض قرى منطقة اللجاة القريبة من الطريق الدولي دمشق-عمان.

وكان "إتفاق عمان" بين روسيا وأميركا وفصائل المعارضة، بمباركة أردنية، قد قضى بوقف شامل ﻹطلاق النار جنوبي البلاد، ووقف فوري لكامل اﻷعمال العسكرية التي يقوم بها النظام وفصائل المعارضة. إلا أن بنود الإتفاق، ما زالت طي الكتمان على الرغم من بعض التسريبات غير الرسمية لمجريات اﻹجتماعات.

وعلمت "المدن" من مصادر خاصة أن هناك نقاطاً لم يتم الإتفاق عليها بعد، وأبرزها مطلب قادة "الجبهة الجنوبية" أن تشمل الهدنة غوطة دمشق الشرقية ووقف اﻷعمال العسكرية التي يشنها النظام عليها. وبحسب المصادر فإن سبب الرفض الروسي-اﻷميركي هو الاقتتال الداخلي بين "جيش اﻹسلام" من جهة، و"هيئة تحرير الشام" و"فيلق الرحمن" من جهة ثانية. وعن الطلب الروسي بفتح معبر نصيب الحدودي مع اﻷردن، تحت حماية فصائل المعارضة، بإدارة مدنيّة من قبل موظفين يتبعون للنظام ورفع العلم السوري في المعبر، فقد أوضحت المصادر رفض المعارضة لهذا الطلب.

وكانت اﻹجتماعات التي عقدتها المعارضة في العاصمة الأردنية، قبل أيام، مع المبعوث اﻷميركي إلى سوريا مايكل راتني، قد ناقشت آلية مراقبة وقف إطلاق النار والتزام المعارضة والنظام بها وتفعيل دور الشرطة المدنية لحماية اﻷمن.

وكانت اشتباكات عنيفة باﻷسلحة الخفيفة والمتوسطة قد استمرت ﻷكثر من ساعتين، ليل الخميس/الجمعة، في بلدة نامر شرقي درعا، بين مليشيا عراقية مدعومة من إيران وقوات النظام، ما تسبب في تعطيل الحركة على الطريق الدولي دمشق-درعا. وبحسب مصادر "المدن" فإن سبب الاقتتال هو محاولة قوات النظام إخراج تلك المليشيا من البلدة التي تسيطر عليها منذ أكثر من 3 سنوات. وإذا صحت تلك الأنباء، فهي تأتي ضمن اتفاق عمان الذي ينص على إبعاد المليشيات الإيرانية وحزب الله عن حدود الأردن الشمالية، بضمانة روسية.

ولا تبعد نامر عن الحدود اﻷردنية أكثر من 25 كيلومتراً، وبالتالي فإن الاتفاق يُلزمُ الروس والنظام بإبعاد المليشيات عنها. وربما تكون الاشتباكات في نامر هي خطوة أولى قد تمتد إلى بلدة قرفا المجاورة. ونقل ناشطون أنباء عن تدخل ميلشيا حزب الله، الموجودة في بلدة قرفا، إلى جانب المليشيا العراقية في نامر.

وجاء ذلك بالتزامن مع وصول قوات روسية إلى مدينة الصنمين، شمالي درعا، وإلى منطقة مثلث الموت الواقعة بين محافظات ريف دمشق ودرعا والقنيطرة. وقتل عدد من قوات النظام بالإضافة الى إصابة عدد من المقاتلين الروس، قبل أيام، إثر انفجار لغم أرضي بسيارتهم أثناء تجولهم في منطقة عين عفا، بالقرب من بلدة دير العدس في ريف درعا الشمالي. ويبدو أن زيارات القوات الروسية للمنطقة الجنوبية تأتي ضمن مراقبة الهدنة وتحديد نقاط تواجد قوات النظام تمهيداً للبدء بإنشاء حواجز وقوات فصل بين الطرفين.

الهدنة ستحقق للأردن أحد أهم أهدافه؛ إبعاد شبح حزب الله والمليشيات اﻹيرانية عن حدوده الشمالية، وهذا ما التزمت به روسيا. إلا أن المعبر مع سوريا، وهو مطلب روسي، هو المشكلة التي يحاول اﻷردن إيجاد حلّ لها لضمان مصالحه اﻹقتصادية إيضاً، وهو ما يمكن أن يحدث قريباً إذا ما تم اﻹتفاق مع فصائل المعارضة على بعض النقاط الشائكة.

قادة عسكريون معارضون اعتبروا أن الهدنة في حال شملت كامل التراب السوري من شأنها أن تكون نقطة البداية لحل سياسي يرضي جميع اﻷطراف، بصيغة لا غالب ولا مغلوب، ولكن في حال اقتصرت الهدنة على الجنوب السوري فستكون هشة لا تختلف عن سابقاتها، وربما تكون بداية تقسيم للأرض السورية. وهذا ما رفضته المعارضة خلال اجتماعاتها في العاصمة الأردنية، مؤكدة التزامها بوحدة التراب السوري، اﻷمر الذي قد يترتب عليه عودة المعارك وانتهاء اتفاق الهدنة.

ناشطون في الجنوب رحبوا بالهدنة، آملين أن تختلف عن سابقاتها في التزام النظام وحلفائه وعدم محاولتهم التقدم وقضم مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة كما حدث سابقاً. المدنيون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام التي شملتها الهدنة وجدوا فيها متنفساً لهم، إذ عادت بعض العائلات من المُهجّرين إلى مناطقها التي تعتبر خط جبهة في أحياء مدينة درعا وبعض القرى في منطقة مثلث الموت، في حين ينوي النظام إعادة بعض اﻷهالي لبلداتهم إذا ما استمرت الهدنة، لاسيما الشيخ مسكين في ريف درعا اﻷوسط وكفرناسج وديرالعدس في مثلث الموت، ما يعني إنهاء معاناة أكثر من 50 ألف مدني نازح داخلياً.

وعلى الرغم من الهدوء الذي ينعم به الأهالي في المناطق المحررة إلا أن ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار السلع والمواد الأساسية، بدأ يظهر بعد ارتفاع أسعار المحروقات نتيجة سيطرة المليشيات الإيرانية على ريف السويداء الشرقي، وانقطاع إمداد الجنوب السوري بالمحروقات (المازوت الأنباري) القادمة من مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية". وكان ذلك الطريق، المار عبر السويداء الخاضعة لسيطرة النظام، يؤمن ما يزيد على 60 في المئة من احتياجات درعا من المحروقات والمازوت "الداعشي/الأنباري". ويعود ذلك إلى أن ريف السويداء الشرقي كان يُعتبر منطقة للتبادل التجاري بين مليشيات محلية موالية للنظام وتنظيم "داعش" عبر وسطاء من أبناء المنطقة. ويُعتقد أن تلك الخطوة تأتي في سياق الحرب الباردة بين مليشيات إيران والنظام، بغرض قطع موارد مليشيات النظام المالية والتي كانت تعتمد على المازوت الأنباري.

النظام بدوره بدأ بالترويج لـ"المصالحات الوطنية"، وكانت الحواجز التابعة لقواته قد ألزمت كل من يدخل إلى المناطق الخارجة عن سيطرته بتوزيع منشورات تتضمن عبارات عن ضرورة "تسليم السلاح" وضرورة "المصالحات التي تضمن أمن وسلامة المواطنين".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها