الخميس 2017/07/13

آخر تحديث: 14:42 (بيروت)

هدنة الجنوب السوري.. جيدة حالياً لإسرائيل

الخميس 2017/07/13
هدنة الجنوب السوري.. جيدة حالياً لإسرائيل
قوات اسرائيلية في الجولان السوري المحتل (Getty - أرشيف)
increase حجم الخط decrease
تكاد الصحف الإسرائيلية على اختلاف ألوانها ومرجعياتها ألا تخلو من المقالات التحليلية اليومية التي تغوص في قراءة اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب السوري الذي تم التوصل إليه بين موسكو وواشنطن.

وتخلص معظم التحليلات إلى نتيجة مفادها أنه "كان يفترض أن تكون اسرائيل لاعباً اكبر في هذا الإتفاق"، وأن الأمور لم تمر كما تريد باتجاه فصل الجزء الخاضع لسيطرتها من الجولان عن ذلك المتبقي لسوريا، عبر اقامة منطقة فاصلة يحرسها الإسرائيليون.

ويقول الكاتب في صحيفة "معاريف" بن كاسبيت، إن اسرائيل كانت تأمل أن تكون الاردن قد تبنت المواقف الاسرائيلية في ما يخص المناطق الآمنة، ومسألة إقامة شريط أمني على امتداد الحدود، غير أنها لم تفعل، رغم أن ذلك كان طموحاً إسرائيلياً تم طرحه خلال المحادثات التي جمعتها بالولايات المتحدة الأميركية وروسيا حول مناطق "تخفيف التوتر"، وصولاً إلى الإعلان عنه بالتزامن مع قمة العشرين التي انعقدت في "هامبورغ" بألمانيا.

الكاتب والخبير الأمني يوسي ميلمان، لم يختلف كثيراً بمقالاته اليومية في "معاريف" في الإقرار بأن اتفاق وقف اطلاق النار جرى بما لا تشتهي اسرائيل كاملاً، لأنها لا تريد أن يكون للنظام السوري سلطة على المناطق القريبة من الحدود، الأمر الذي سيضمن الحيلولة دون الوجود الايراني والقوات الموالية مثل حزب الله قرب الحدود.

وكي يتكرس ذلك، سعت تل أبيب أن يحقق الاتفاق مشروعها المتمثل بإيجاد كيانات هي على خلاف مع السلطة المركزية في العاصمة دمشق، لتستثمر الصراع المستمر من أجل تكريس الشريط الأمني في العمق السوري وعلى مسافة ثلاثين كيلومتراً. لكن ميلمان يستطرد ويقول إن "تفاصيل كل الاتفاق كانت اسرائيل في صورته أولاً بأول حتى لحظة الاعلان، وأن موسكو أكدت تفهمها للحاجات الأمنية الإسرائيلية وستضمن ذلك بنفسها".

وكانت "معاريف" قد نشرت مقالة أخرى حول الموضوع عينه، أشارت إلى أن الإتفاق سيؤدي في النهاية إلى سيطرة أكبر لـ"إيران وحزب الله على الدولة السورية". وقالت عضو لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست كسانيا سيباتلوفا -في مقالة لها في الصحيفة- إنه رغم أن إسرائيل لم تكن جزءا من هذا الاتفاق فإنها اطلعت على كل تفاصيله، ويبدو أنه بعد أن تحقق لها ما أرادت تنفست الصعداء، لكن المشكلة تكمن في أن هذا الاتفاق ما زالت توجد فيه ثغرات عديدة، أهمها أن احتمالات استقرار وقف إطلاق النار خلال مدة زمنية طويلة ليست مرتفعة.

وتتساءل الخبيرة الإسرائيلية في الشؤون العربية التي عملت محللة في الصحافة الإسرائيلية للقضايا الشرق أوسطية "هل من سينشر قواته في درعا والقنيطرة سيتمكن في نهاية المطاف من منع تسلل قوات إيرانية أو وحدات لحزب الله إليها؟ لأن هذه القوات تسيطر منذ اليوم في الدولة السورية على ما يبعد فقط ثلاثة كيلومترات عن الحدود مع إسرائيل".

وترى سيباتلوفا (عضو حزب المعسكر الصهيوني المعارض) أن القوى الكبرى في المنطقة -بما فيها روسيا وإيران وتركيا- اتفقت على تقسيم سوريا، وقبلت فكرة أن تكون هناك أربع مناطق لـ"تخفيف التوتر"، وهي إدلب، الغوطة الشرقية، حمص، درعا والقنيطرة، ولكن يبدو أنه في هذه المناطق بالذات سيتمكن نظام الأسد من إضعاف المعارضين وقطع الطريق عليهم، وأخيرا السيطرة على معظم الأراضي السورية.

وأشارت سيباتلوفا إلى أنه "لا أحد يعلم حتى اللحظة من سيتكفل بحراسة هذه المناطق التي سيشملها اتفاق وقف النار، فقد رفضت إسرائيل عرضا روسيا بهذا الشأن، وفي الوقت ذاته لم يعجب موسكو العرض لنشر قوات أميركية في جنوب سوريا، وبجانب ذلك رفض النظام السوري أن تكون قوات الأمم المتحدة مسؤولة عن تنفيذ الاتفاق".

ومما رصدته "المدن" في الاعلام الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، يمكن الاستنتاج أنه من ناحية اسرائيل فإنها لا تعارض الاتفاق الروسي-الاميركي لأنه يخدم مصالحها في المدى القريب، لكون وقف اطلاق النار يمنع تسلسل الاحداث التي أدت مؤخراً إلى نوع من التصعيد بسبب سقوط قذائف على الجزء المحتل من الجولان.

بيد أن الاتفاق المذكور لا يلبي المطالب والشروط الاسرائيلية في الوقت ذاته، والتي على رأسها ابعاد القوات الايرانية عن الحدود الاردنية والإسرائيلية، وأن يكون هناك نوع من المراقبة الأميركية، إضافة إلى عدم عودة القوات السورية للمسافات التي كانت عليها قبل اندلاع الأزمة.

وأقر وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان، خلال اجتماعٍ مع صحافيين اسرائيليين قبل نحو اسبوع، بعدم تلبية الاتفاق لطموحات اسرائيل، عندما قال "نعلم أننا لا نستطيع فرض رغباتنا على الساحة السورية ولكننا نعمل في حدود ما نستطيع فعله. واسرائيل لا تعارض الاتفاق لأنه جيد ولكن ليس بهذه الشروط. القوات الايرانية وحزب الله لم يتم ابعادها وبقي الوضع على ما هو عليه". وأضاف "وقف إطلاق (النار) الحالي يخدم المصالح الاسرائيلية، لكن لا نعرف كيف سيكون الحال في المديين المتوسط والبعيد".

كلام ليبرمان والمواقف الاسرائيلية يفتح الاحتمال على احتمال أن تسعى إسرائيل إلى فرض شروطها في المرحلة المقبلة، وعندما تحين الفرصة ويصبخ المناخ مواتياً، الأمر الذي يعني أنه لا يمكن لحلفاء روسيا أن يتغنوا بهذا الاتفاق بصفته انتصاراً لموسكو على الإدارة الأميركية أو إسرائيل، لأن الأمر لم ينتهِ بعد، على الأقل بالنسبة لحكومة تل أبيب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها