الخميس 2017/06/08

آخر تحديث: 18:34 (بيروت)

الأزمة الخليجية من الوجهة الروسية:زلزال كبير..بين الأخوة

الخميس 2017/06/08
الأزمة الخليجية من الوجهة الروسية:زلزال كبير..بين الأخوة
Spa ©
increase حجم الخط decrease

حفلت الصحف الروسية، خلال الأيام الماضية، بالتعليقات على "الزلزال السياسي-الدبلوماسي في العالم العربي"، كما وصفت صحيفة "كومرسانت" قيام عدد من الدول العربية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر بأنه يشبه مقاطعة مصر من قبل الدول العربية، بعد التوقيع على معاهدات كامب ديفيد عام 1979، لكن إذا كان قد تم في ذلك الحين عزل أكبر دولة في العالم العربي، فإن ما يجري اليوم هو عزل قطر، الدولة الأكثر نفوذاً، على الرغم من صغر مقاييسها، بحسب "كومرسانت".

ولجأت الصحف والمواقع الروسية إلى عدد كبير من المتخصصين الروس في الشؤون العربية، الذين لم يتنبأ أحد منهم "بهذا الإنشقاق في العالم السني على خط السعوديين وقطر"، على حد قول كونستناتين سيمونوف في مقالته المنشورة في "كومرسانت" تحت عنوان "في هذه المنطقة يمكن أن تبرز أكثر الصراعات والتحالفات المفاجئة". وقد اختلفت تقييمات هؤلاء المتخصصين "للزلزال" اختلافاً شديداً بين من شبهه بـ"زلزال عام 1979"، وبين "حدث راهن بين الأخوة" سرعان ما سيجد حله "من دون الحاجة إلى تدخل خارجي"، على حد قول فيتالي نعومكين، رئيس معهد الإستشراق الروسي، والمستشار السياسي للمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.

رئيس مركز تحليل صراعات الشرق الأوسط في معهد أميركا وكندا الروسي ألكسندر شوميلين، قال لـ"المدن"، إنه يتفق كلياً مع استنتاج نعومكين بأن بلدان الخليج وقطر سوف تتمكن من تجاوز الصراع الراهن سريعاً، ولن يبلغ الوضع بينها مرحلة الصراع العسكري، بل سوف يجد "حله أخوياً، ويزول كلياً".

وخالف شوميلين الرأي القائل إن ما يحدث نتيجة لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط. فقد اتخذ ترامب خلال زيارته موقفاً متشدداً من إيران، وموقفاً حازماً في مساندة جميع بلدان الخليج في وقوفها ضد إيران. ومنح هذا الأمر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ثقة وقوة سياسية ومعنوية كبيرة، واعتمدت الدولتان نهجاً حاسماً متشدداً، لاسيما وأن قطر قدمت لهما الحجة، عندما دعت إلى التعايش بسلام مع إيران.

واعتبر شوملين أن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في أن تقوم دول الخليج بالتنسيق بينها، كما كان الحال دائماً، وأن تقف معاً ضد العدو المشترك إيران، وأن تخفض التناقضات في ما بينها إلى الصفر.

ورأى شوملين أن مقارنة الأحداث الحالية مع مقاطعة مصر عام 1979، هي مقارنة صحيحة، لأنه الإجراءات المتخذة بحق قطر حالياً تشبه الإجراءات التي اتخذت مع مصر، وشدد على أن "هذا العقاب" لا ينبغي أن يطول على الدوحة، وعلى قطر أن تتخذ قراراً بالتسوية، وهي اتخذت مثل هذا القرار بالفعل. وأضاف إن على الدوحة أن تعلن بوضوح وحزم ضد من تقف، وأن تصرح بأنها ضد "الدولة الإسلامية" وتنظيم "القاعدة"، وبأن هذا الموقف هو موقف مبدئي واستراتيجي، وأن قطر تنتمي إلى أسرة دول الخليج العربية.

ولفت شوملين إلى أن الكويت وعُمان ستتمكنان من تسوية هذا الصراع، لأن الخيارات الأخرى غير مقبولة بالنسبة لقطر. واعتبر أن على السعودية والإمارات أيضاً أن تفتح كوة في الجدار لعودة قطر، وليس دفعها إلى الذهاب أبعد مما ذهبت إليه، ونوّه إلى أن العرب بمقدورهم حل هذا الخلاف بأنفسهم من دون تدخل خارجي، سواء كان من قبل واشنطن أو روسيا، وغيرهما، واعتبر أن الأميركيين سوف يساعدون للوصول إلى تسوية "لأن ذلك في صالحهم".

من جهته، قال ألكسي مالاشنكو، المتخصص بشؤون الإسلام في القفقاز وآسيا الوسطى، عضو مجلس الخبراء في وكالة أنباء "نوفوستي" الروسية ومدير مؤسسة حوار الحضارات الروسية، لـ"المدن"، إن الصراع كان مفاجئاً ومعداً له.

وبحسب مالاشنكو، ثمة سببان للصراع؛ الأول وهو سبب نفسي محض، يتمثل في انزعاج الجميع من قطر، فهي دولة صغرى تطمح إلى لعب دور الدولة العظمى في المنطقة، إن لم يكن في العالم الإسلامي ككل، بينما تحيط بها دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وسواها من الدول العربية الكبرى التي تزعجها قطر. أما السبب الثاني، وهوالأهم برأيه، يتمثل في أن "قطر تمد الجماعات الأصولية بالمال، وهذا الأمر لا يعجب بتاتاً الدول المحيطة بها. لكن قطر تفعل ما تريده".

واعتبر مالاشنكو أن ما يحصل الآن أمر طبيعي كلياً، لكن "الأمر الأهم من ذلك ولا نعرفه، هو كيف سينتهي عليه الصراع. فهم قد يتفقون، وقد لا يتفقون. والمشكلة الأخيرة هنا هي مشكلة العلاقة مع إيران.. مشكلة العلاقة بين إيران والسعودية"، لأن إيران والسعودية تدعمان جهات متقاتلة في سوريا، وفي ظل هذا الواقع تدعو قطر إلى ضرورة تحسين العلاقات مع إيران، وهذا ما يزعج السعوديين وحلفائهم. ولذلك "فالوضع الراهن كان متوقعاً، وما أتحدث عنه ليس بجديد وليس مستغرباً، بل يدور منذ خمس سنوات، تقريباً، وعلى قطر أن تفكر في طريقة للخروج من هذا الوضع".

ويضيف مالاشنكو، أنه يوافق نعومكين بأن دول الخليج ستتمكن من حل الأزمة سريعاً، ومن دون تدخل خارجي، ولكنه تساءل "كيف ينبغي أن نفهم كلمة سريعاً هنا؟ هل يعني ذلك غداً أو بعد سنة أو سنتين؟"، وبالتالي، فهو يعتبر أن حلاً "سريعاً" لا وجود له هنا، وذلك بسبب العامل الإيراني. ولو لم يكن العامل الإيراني موجوداً، لما كان هناك نزاع في الأساس.

من ذلك، يرى مالاشينكو أن وجود وسيط ما ضروري "وسيط لبق، شديد الذكاء والحذر"، لأنه لا يتصور "كيف ستتخلى قطر عما تقوله بضرورة تحسين العلاقات مع إيران. إن النقطة الرئيسية في الوضع الراهن هي إيران".

ويرفض مالاشينكو التكهّن، إن كان بوسع الكويت ومسقط النجاح بالوساطة، لكنه يعتبر أن بوسع ترامب، بعد فترة زمنية معينة، لعب دور الوسيط في الازمة، لأن الأميركيين معنيون بإقامة "الناتو العربي"، ومن المؤكد أن إطالة أمد الأزمة سيجعل من الصعب على دول الخليج تذليل الخلاف من دون وسيط.


وحول إمكان أن تلعب روسيا دور الوسيط، وتأكيد بعض الصحف الروسية أن قطر سوف تلجأ إلى روسيا في بحثها عن حلفاء جدد، وأن الصراع يخدم موسكو، لأنه يتسبب في رفع أسعار النفط، قال مالاشنكو إن روسيا يجب أن تكون متأكدة من النجاح في القيام بدور الوساطة، وأن أسعار النفط، إذا ما ارتفعت، فذلك سيكون لفترة وجيزة جداً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها