السبت 2017/06/03

آخر تحديث: 16:07 (بيروت)

حين عاد مهجّرو حلب إلى ضواحيها

السبت 2017/06/03
حين عاد مهجّرو حلب إلى ضواحيها
خسرت فصائل الجيش الحر الحلبية بعد التهجير ما يقارب ربع مقاتليها، جراء الترك واعتزال القتال (المدن)
increase حجم الخط decrease
التهجير القسري لسكان أحياء مدينة حلب الشرقية، دفع آلاف العائلات إلى إدلب وريفها، قبل أن تعود غالبيتها إلى الضواحي والقرى على مشارف مدينة حلب، رغم أنها لا تُعتبرُ مناطق آمنة نظراً لاستمرار العمليات العسكرية فيها كنقاط تماس مع قوات النظام وحلفائه.

ويتوزع مُهجّرو حلب على إدلب وريف حلب الغربي؛ بنسبة 60 في المئة في محيط حلب، و20 في المئة في مخيمات اللجوء، مقابل 20 في المئة منهم فقط في إدلب. وعلى الرغم من وجود جمعيات تكفلت بتأمين منازل للمهجرين، لما يقارب السنة، إلا أن 80 في المئة من المهجّرين يقطنون على نفقتهم الخاصة في منازل مستأجرة.


(المصدر: المدن)

الحصار الخانق الذي فرضته مليشيات النظام على حلب الشرقية منذ منتصف العام 2016، حشر ما بين 65 إلى 80 ألف شخص ضمن مساحة كيلومترات معدودة، قبل أن يُهجّروا منها قسراً نهاية العام 2016، بعد هجوم بري كاسح لمليشيات النظام بدعم جوي روسي، أفرغ حلب الشرقية من سكانها. وتختلف تقديرات أعداد النازحين بحسب المنظمات الإنسانية المختلفة، بسبب نزوح أعداد كبيرة من السكان ضمن فترة زمنية قصيرة. بالإضافة إلى وجود مئات آلاف المُهجّرين من ريف حلب، نتيجة العمليات العسكرية.

ويبلغ عدد المقاتلين المهجّرين مع فصائلهم، من حلب الشرقية، ما يقارب ثلث العدد الكلي من المُهجرين. وأبرز الفصائل التي أخلت الأحياء الشرقية؛ "تجمع فاستقم كما أمرت" و"حركة نور الدين الزنكي" و"حركة أحرار الشام" و"الجبهة الشامية" و"فيلق الرحمن" و"جبهة فتح الشام" و"جيش الإسلام" و"جيش المجاهدين"، وكتائب صغيرة مثل "فجر الشام" و"ابو عمارة" و"ثوار الشام".

وانضمت غالبية منتسبي "تجمع فاستقم كما أمرت" إلى "حركة أحرار الشام" في ريف حلب الغربي، بهدف حماية أسلحتهم وذخائرهم من مخاطر الاقتتال الداخلي، عقب اشتباكات داخلية مع "نور الدين الزنكي" و"أبو عمارة" في فترة الحصار. وانضم "تجمع فاستقم" و"جيش الإسلام" إلى "الأحرار" بعد هجوم "جبهة فتح الشام" و"نور الدين الزنكي" عليهما، في كانون الثاني/يناير 2017. وبعد ذلك انضمت "نور الدين زنكي" و"ثوار الشام" إلى "جبهة فتح الشام" وشكلوا "هيئة تحرير الشام".

"أحرار الشام" العاملة سابقاً في حلب انضمت إلى "الأحرار" في إدلب، أما "الجبهة الشامية" فغادرت إلى مناطق سيطرة "درع الفرات" بسبب تمركز قيادتها هناك. مقاتلو "جيش المجاهدين" كانوا ضحية الاقتتال الداخلي، ما أدى إلى حلّ الجيش بشكل شبه تام.

ومعظم الفصائل الحلبية، بعد انضمامها إلى تحالفات أوسع كـ"أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام"، تمركزت على الجبهات مع النظام في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية وريف حلب الغربي. "كتائب ابو عمارة" فضّلت النزول بشكل مباشر إلى نقاط التماس ضد قوات النظام في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية، من دون الانصهار مع أي فصيل آخر.

وخسرت فصائل الجيش الحر الحلبية بعد التهجير ما يقارب ربع مقاتليها، جراء الترك واعتزال القتال، بعد خيبة الأمل التي رافقت تهجيرهم القسري، وصعوبات الانتقال من حرب شوارع إلى جبهات واسعة تتطلب آليات ومعدات مختلفة. ذلك، عدا عن انشغال المقاتلين بتأمين منازل لعوائلهم وذويهم. البعض ترك السلاح وغادر نحو تركيا، ومنها إلى أوروبا، في حين استمرت الغالبية بالقتال ضمن الظروف الجديدة، منذ بداية عملية التهجير في معبر الراموسة، إلى معارك ريف حماة الشمالي الأخيرة.

وتكتسب المؤسسات المدنية للنازحين الحلبيين، أهمية لا يمكن اخفاؤها. منظمة "بنيان" ذات الفروع المتعددة، استمرت بعملها بعد النزوح، لأنها اسست مكتباً لها في مدينة إدلب قبل التهجير القسري بـ6 شهور. وتحول مكتب إدلب إلى مركز نشاط "بنيان"، مع أن مقرها الرئيس يتواجد في غازي عنتاب وينشط فيه "مكتب آجاد التقني" التابع لها. وتتواجد مكاتب لـ"بنيان" أيضاً في صوران أعزاز في ريف حلب الشمالي، بالاضافة إلى مكاتب في منطقة حزانو.

وأهم نشاطات "بنيان" الحالية، هي الجانب التعليمي تحت مسمى "مؤسسة قبس" التي تعمل في صوران اعزاز، وتملك ثلاث مدارس من أصل 5 للتعليم الحر في مدينة إدلب. ويضم مكتب "شباب ساعد" عدداً من الإداريين العاملين في مجال المشاريع، وينشط في حزانو وريف حلب الشمالي مع "مؤسسة افكار" المختصة بدراسة المشاريع. وعمل "شباب ساعد" مؤخراً على مشروع تمديد شبكة مياه في الأتارب. وتضم "منظمة بنيان" أيضاً "مؤسسة نور" التعليمية في مجال تعليم أحكام القرآن الكريم، وتنشط في الريف الشمالي.

"صحيفة حبر" بدورها، كانت قد أسست أيضاً مكتباً لها في إدلب قبيل التهجير، وتحول إلى مركز نشاطها، وعملت من خلاله على تنظيم دورات تدريب في الصحافة والإعلام ضن جامعة ادلب، مع تأهيل كوادر في الصحافة، وانشاء مخبر إعلامي للتدريب العملي. واستمرت الصحيفة بتقديم إعدادها الشهرية، مع دراسة توسيع اعمالها لتشمل ملحقاً ثقافياً يُطلق عليه "معز الادباء"، مع تنظيم كادر لإصدار "مجلة بحوث" لا تزال قيد الإنشاء. مشروع "براعم حبر" يهدف لانتقاء الأطفال المتميزين وتعزيز مواهبهم. وتتميز أيضاً "صحيفة حبر" بإصدارها مجلة "حائط" الشهرية المعلقة ضمن جامعة ادلب، ونسخة إلكترونية منها، تُنظم من قبل كادرها الطلابي في جامعة ادلب.

"مؤسسة ارتقاء" افتتحت مركز التدريب والتأهيل "معهد الريادة" لتأهيل كوادر تعليمية وادارية في ادلب. ومنظمة "فسحة أمل" العاملة في مجال كفالة الأيتام، تنشط في ادلب، وكذلك "منظمة تكافل" تعمل في بلدة الدانا في المجال الإغاثي والتنموي.

مدنيو حلب المُهجّرين توصف أحوالهم المعيشة بـ"الصعبة"، بسبب عدم وجود فرص عمل كافية لهم، وعدم وجود شواغر للكفاءات العلمية، رغم مرور شهور على تهجيرهم. ولا زال المدنيون يؤسسون أعمالهم، ويتنقلون بين المنازل المستأجرة، بحثاً عن التكلفة الأقل، بعدما غادر ما يقارب ثلثهم نحو تركيا، وتوزعوا لاحقاً إلى الدول المحيطة بها.


(المصدر: المدن)

وعقب التهجير استقرت أعداد من العوائل في مناطق مختلفة من إدلب وريفها، مبتعدة عن نقاط التماس والجبهات. وجمع "مخيم بدلها" في منطقة أطمه بالقرب من دير حسان، نحو 250 عائلة. ويضم المخيم مسجداً، ويتألف من تجمع أبنية طابقية في كل طابق 16 عشر شقة، ولكل منها خدمات خاصة بها. "مخيم بدلها" من أفضل مخيمات الأيواء ويتبع لـ"هيئة شام الإنسانية". وسبق أن عيّنت إدارة المخيم 20 مندوباً قبيل التهجير، لانتقاء قاطنيه من فئات معينة، بغية عدم ضياع قدراتهم وتأمين استقرار لهم، أملاً في ادارة شؤون بقية المهجرين.

وتُطبق على قاطني "بدلها" شروط خاصة، كضرورة طلب إذن من ادارته بشأن استقبال الضيوف. ومن المقرر أن يتوسّع المخيم إلى 16 بناءً بدلاً من اربعة. المهجرون في "بدلها" لم يعيشوا الاستقرار المطلوب لضعف المحال الغذائية فيه، ولضعف خدمات الإنترنت والاتصالات، وعدم وجود مدرسة، رغم حصولهم على الكهرباء  لساعتين يومياً.

وعاد جزء كبير من مُهجّري حلب للانتشار في الريف الحلبي المحرر، وتضم أورم والمزارع المحيطة بها نحو 500 عائلة. كما ينتشر المهجرون في كفرناها وريف المهندسين وريف قرطبة ودارة عزة، التي تحتوي على مزارع وأبنية، مملوكة بشكل مسبق من أهل حلب.


(المصدر: المدن)

وتنتشر نحو 150 عائلة في التوامه في منطقة جبلية بين بلدتي الدانا وترمانين. وتجمع مدرسة ضمن الأتارب عدداً من المهجرين. وغالبية المُهجّرين قسراً إلى الدانا وسرمدا وكللى وحزانو، من الطبقة المتوسطة، لأن ايجارات منازلها مرتفعة، عدا عن أنها لا تتعرض لحملات قصف مستمرة.

بعض مناطق ريف حلب الغربي غير آمنة للسكن بشكل نهائي، لكونها مناطق تماس وعمليات عسكرية؛ من حدود الراشدين إلى بيانون بعمق 30 كيلومتراً، مع مناطق عندان وحيان وحريتان وكفر حمرا. وتحاذي تلك المناطق مواقع سيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية وكذلك قوات النظام. منطقة الليرمون بدورها لا تعد آمنه، وكذلك ضهرة عبد ربو المطلة على نبل والزهراء الشيعيتين. كذلك الأمر بالنسبة لمحيط اورم، إذ تعتبر منطقة الزربة أحد خطوط الجبهة بعدما كانت بمثابة عاصمة ريف حلب الغربي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها