الأربعاء 2017/06/28

آخر تحديث: 11:30 (بيروت)

عفرين: "وحدات الحماية" متخوفة من تدخل عسكري تركي

الأربعاء 2017/06/28
عفرين: "وحدات الحماية" متخوفة من تدخل عسكري تركي
تركيا تعمل على تسليط الضوء على المعركة قبل بدايتها (Getty)
increase حجم الخط decrease
استهدفت المدفعية التركية، ليل الثلاثاء/الأربعاء، مواقع "وحدات حماية الشعب" الكردية في جبل برصايا والشيخ عيسى ومرعناز وتل رفعت وسد الشهباء، شرقي عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي. التصعيد جاء بعد هدوء نسبي دام لثلاثة أيام، خلال فترة عيد الفطر. وتزامن القصف مع دخول تعزيزات عسكرية تركية جديدة تمركزت جنوبي وغربي إعزاز، شملت مدرعات ودبابات، وعربات عسكرية ثقيلة.

"الوحدات"، وعلى غير عادتها، لم تردّ على القصف التركي بمحاولات تسلل وإشغال أو حتى بقصف التجمعات السكانية التي تسيطر عليها المعارضة والقريبة من خطوط القتال، واكتفت باستهداف مواقع المعارضة المُسلحة المتقدمة بالهاون والرشاشات الثقيلة، في كافة المحاور من غربي إعزاز إلى جنوب شرقي مارع.

مصدر خاص من ريف عفرين، أكد لـ"المدن"، أن "وحدات الحماية" والمليشيات الرديفة معها في "قوات سوريا الديموقراطية"، متخوفة للغاية من خوض المعركة، بعدما أحست بأن الغطاء قد رُفع عنها. ويقول المصدر إن "وحدات الحماية" لن تقاوم في حال فشلت في حشد دعم الحلفاء لمنع المعركة، لأنها تدرك مدى حجم الخسارة في حال قررت البقاء والتصدي.

وتعيش "وحدات الحماية" حالة ترقب في ريف حلب، منذ منتصف حزيران/يونيو، مع استمرار دخول التعزيزات العسكرية التركية. وقد بدأت تتخوف فعلياً من احتمال انطلاق عملية عسكرية واسعة للجيش التركي وفصائل معارضة ضد معاقلها في كانتون عفرين. ومن الممكن ألا تستثني العملية المرتقبة عفرين، وربما تشمل كامل مناطق ريف حلب التي تسيطر عليها الوحدات من برصايا شمال غربي إعزاز وصولاً إلى بلدة عبلة جنوب شرقي مارع. ما يعني فتح جبهة مع "الوحدات" يزيد طولها عن 35 كيلومتراً. وهذا هو مصدر خوف "وحدات الحماية"، في الوقت الحالي، والذي منعها للمرة الأولى من استهداف التجمعات السكنية للمعارضة بالقصف العشوائي.


(المصدر: LM)

وفي الوقت ذاته، دفعت المعارضة المسلحة بتعزيزات إضافية إلى منطقة دير سمعان بالقرب من مدينة دارة عزة في ريف حلب الشمالي الغربي، وهي خط اشتباك مع "الوحدات" جنوب غربي عفرين. وبدأت المعارضة تحصين مواقعها في جبهات دارة عزة، منذ أن تعرضت لهجوم عنيف شنته "الوحدات" مطلع حزيران/يونيو، خلّف أكثر من 40 قتيلاً في صفوف المعارضة.  و من المحتمل أن تهاجم المعارضة في تلك المحاور ريف عفرين، بالتزامن مع تحرك المحاور الرئيسية للعملية العسكرية التركية المفترضة شرقي عفرين، من مناطق "درع الفرات" سابقاً.

أرتال القوات التركية التي تواصل دخولها إلى مناطق ريف حلب الشمالي، إلى الآن، لا تبدو كافية لخوض معركة واسعة تشمل عفرين أيضاً كما يشاع في وسائل الإعلام، خاصة التركية منها، والتي بدأت الترويج لاقتراب المعركة. وتصدر هاشتاغ #Afrin في تركيا، الثلاثاء، موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تناول فيه المغردون الأتراك أهداف العملية، واقتراب موعدها، وتداولوا صوراً للأرتال العسكرية التركية القادمة إلى سوريا خلال الأيام الماضية.

القائد العسكري في غرفة عمليات "أهل الديار" التابعة للمعارضة في ريف حلب النقيب محمد أبو إبراهيم، قال لـ"المدن": "لم تنسق معنا أي جهة حتى الآن، وأهل الديار ماضية في تنفيذ عملياتها العسكرية النوعية ضد مليشيا الوحدات، وفي الوقت ذاته نحن على استعداد للتعاون مع أي فصيل عسكري ثوري، أو القوات التركية لتحرير أرضنا في تل رفعت ومحيطها في ريف حلب الشمالي".

المعارضة في ريف حلب، نفت علمها بالتحضيرات التركية لخوض معركة مع "الوحدات"، وأكدت لـ"المدن"، أنها لا تمتلك تفاصيل أكثر من تلك التي يتم تداولها عبر وسائل الإعلام المحلية والتركية. ويتهرب قادة المعارضة العسكرية من الإدلاء بتصريحات حول التطورات المتسارعة على جبهات "الوحدات" في ريف حلب والتعزيزات العسكرية التركية المستمرة. على الرغم من أن حجم التعزيزات التركية قد تجاوز المطلوب لتأمين القواعد التركية في ريف حلب، كما أشيع في بداية الأمر. وإلى الآن، ما تزال الأخبار المتداولة غير رسمية إن كان من جهة المعارضة التي تراقب بصمت، أو من قبل الجيش التركي الذي لم يصدر عنه أي تصريح رسمي، يؤكد فيه نيته بدء المعركة بالفعل.

الناشط الإعلامي عبداللطيف نورس، قال لـ"المدن"، إن المعركة ضد "وحدات الحماية" وشيكة، والتعزيزات الأخيرة للجيش التركي التي دخلت الأراضي السورية في ريف حلب، خلال الساعات ال24 الماضية، كانت الأكبر، وشملت بالإضافة للمدرعات والدبابات جرافات عسكرية، وآليات تحصين وكاسحات ألغام. وأضاف أن تركيا تعمل على تسليط الضوء على المعركة قبل بدايتها، في وسائل الإعلام التركية ومواقع التواصل، لإبراز أهميتها بالنسبة للأمن القومي التركي، وذلك يصب في مصلحة التعبئة الشعبية الداعمة لقرارات الحكومة.

وعن وجهة المعركة، أكد نورس، أنها تستهدف بالدرجة الأولى المنطقة الحدودية شمال وشرق وغرب عفرين، بعمق يتجاوز 10 كيلومترات. ولتحقيق هذا الهدف لا بد من التحرك من محاور متعددة من داخل الأراضي السورية، انطلاقاً من مواقع المعارضة شمالي وغربي إعزاز، ومن خارجها انطلاقاً من الحدود التركية شمالي عفرين. كذلك ستعوّل القوات التركية على المعارضة في المحاور الشرقية، في المنطقة الواقعة بين مارع وإعزاز، لشن هجمات برية بالتزامن مع التقدم في المحاور الأخرى.

وعزا نورس تسارع التطورات في جبهات ريف حلب مع "الوحدات" إلى التغيّر الذي طرأ على العلاقات بين "الوحدات" والنظام وروسيا، حليفي "الوحدات" في عفرين. وقد ظهرت تبعات  ذلك في إغلاق طريق عفرين-حلب أكثر من مرة، من قبل النظام خلال الأيام الماضية، واعتقال مليشيات شيعية في نبّل لعناصر من "الوحدات" كانوا في طريقهم إلى عفرين قادمين من حلب. وقد ضمنت تركيا موافقة روسيا، بسبب توتر العلاقة على خلفية تطورات المعركة في الرقة وريفها، وانحياز "الوحدات" الواضح للحلف الأميركي على حساب سياسة التوازن المحسوب التي كانت تبعها في ما قبل بين مختلف القوى المتحالفة معها. الاشتباك بين النظام و"الوحدات في ريف الرقة مؤخراً، واسقاط "التحالف الدولي" لمقاتلة سورية قصفت مواقع "الوحدات" بالقرب من الرصافة، صبّ الزيت فوق النار.

التفاهم التركي-الروسي كان قد نجح في تجميد جبهات المعارضة والنظام، في أكثر من نقطة تماس، في ريف حلب، على مدى الشهور القليلة الماضية. وتلك الجبهات شبه هادئة على عكس جبهات المعارضة مع "الوحدات". ويُعتقد أن هذا النجاح سوف يغري النظام والمعارضة، ليكررا التجربة في باقي مناطق ريف حلب، إذا ما طُردت "الوحدات" منها. وبذلك ينتهي دور "الوحدات" في عزل مناطق سيطرة المعارضة عن مناطق سيطرة النظام، في ريف حلب، منعاً للمواجهة العسكرية التي كانت روسيا وتركيا تتخوفان منها.

في الغالب، لن تشمل المعركة كامل منطقة عفرين التي تأوي أكثر من 300 ألف مدني، بل ستعمل على محاصرتها. وبالطبع لن يكون الضوء الأخضر الروسي بلا مقابل، وربما سيكون التفاهم حول إدلب، الحلقة المقبلة، في مرحلة لاحقة. وفي كل حال، فالمعركة لم تبدأ بعد، وحدوثها قد لا يكون أمراً محسوماً. وهناك من يتحدث عن أن ما يجري هو في إطار الحرب النفسية لتخويف "الوحدات" وتأمين مناطق ريف حلب التي تنتشر فيها القوات التركية.

وتعوّل "الوحدات" الآن على دور أميركي يمنع طردها من منطقة عفرين على الأقل. وعلى الأرجح، لن تتدخل واشنطن في عفرين لحساب "الوحدات" كما تدخلت في تل أبيض لمنع دخول الجيش التركي. فمن مصلحة واشنطن تمرير بعض المصالح التركية في الوقت الراهن، بعد قرار تسليح "الوحدات" في معركة الرقة. كذلك، فلا مصلحة لواشنطن في منطقة عفرين، التي تركتها لروسيا، كمنطقة نفوذ. وفي الوقت ذاته، يمكن لواشنطن أن تستفيد من العنصر البشري الكبير لـ"وحدات الحماية" المتمركز في عفرين، في حال طردها من المنطقة، في معارك في الرقة والبادية السورية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها