الخميس 2017/06/22

آخر تحديث: 12:08 (بيروت)

ماذا ينتظر القلمون الشرقي، ولماذا الصراع عليه؟

الخميس 2017/06/22
ماذا ينتظر القلمون الشرقي، ولماذا الصراع عليه؟
تمكن أهمية منطقة القلمون في كونها ترتبط ببادية الشام وبادية تدمر وبادية السويداء الشرقية (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أتمت قوات النظام والمليشيات الموالية، أحد أهم أهدافها في منطقة القلمون الشرقي والبادية السورية: محاصرة القلمون الشرقي، بشكل كامل، وإبعاد المعارضة عن حلم فكّ الحصار عن القلمون الشرقي والغوطة الشرقية. وجاء ذلك عقب سيطرة قوات النظام على مفاتيح المنطقة من ناحية أوتوستراد دمشق–بغداد في مثلثي ظاظا والسبع بيار، منتصف أيار/مايو، قبل أن تستكمل مشروعها في عمليات استهدفت، الثلاثاء والأربعاء، الجانب الآخر من القلمون الشرقي: تل دكوة وبير قصب وسلسلة تلال صغيرة محاذية. وأصبحت بذلك منطقة القلمون الشرقي، مُحاصرة بالكامل من قبل قوات النظام والمليشيات.

وتسعى قوات النظام إلى فرض حصار خانق على القلمون الشرقي، وأهم مدنه الضمير وجيرود والرحيبة، وعزلها عن بعضها، بغية إرغام السكان على الدخول في مفاوضات و"مصالحات" تنتهي بالتهجير القسري وإجلاء المعارضة إلى الشمال السوري على غرار ما حدث في بلدات داريا والزبداني ومضايا ووادي بردى وغيرها في ريف دمشق.


(المصدر: LM)

ظاظا والسبع أبيار، التي سيطرت عليها مليشيات النظام بين 16 و22 أيار/مايو، كانت تعتبر خط إمداد قوات المعارضة إلى القلمون الشرقي. في حين تتميز دكوة وبير قصب التي سيطرت عليها قوات النظام والمليشيات المساندة لها، الثلاثاء والأربعاء، بتحصين عالٍ، وتُعد إستراتيجية في المنطقة. إذ تتميز نقاط دكوة وبير قصب بموقع يكشف مطار الضمير، أحد أهم مطارات قوات النظام والذي تتواجد فيه مواقع للخبراء الروس والإيرانيين. كما أن المعارضة في دكوة وبير قصب كان يمكنها استهداف مطاري بلي والسين. وتعد دكوة وبير قصب، الباب الرئيس لكسر الحصار عن مدن القلمون خاصة الضمير التي تعد في الوقت نفسه مدخلاً إلى عدرا ومنها إلى الغوطة الشرقية. لذا، فقد كان لا بد من هجوم عسكري مكثف لقوات النظام مدعومة بالمليشيات الطائفية وسلاح الجو الروسي لتأمين المنطقة لاستكمال المشروع وتأمين مواقع الخبراء الروس.

وتكمن أهمية منطقة القلمون في كونها ترتبط ببادية الشام وبادية تدمر وبادية السويداء الشرقية، فضلاً عن أهميتها الثانوية كبوابة للوصول إلى المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، عبر الطريق الدولي دمشق-بغداد، وعموم المنطقة الشرقية من سوريا. وكانت فصائل المعارضة السورية في البادية السورية قد أطلقت معركة "الأرض لنا" نهاية أيار/مايو للتصدي لقوات النظام، التي استفادت من اتفاق "مناطق تخفيف التوتر" المنجز في أستانة، للزج بقواتها على جبهات البادية مع المعارضة التي تقاتل "الدولة الإسلامية".

قوات النظام وبعد تشديد حصارها على القلمون الشرقي، ستسعى إلى ضمه للمناطق التي استولت عليها في محيط العاصمة من خلال "الهدن" و"المصالحات" والتهجير القسري. وبذلك لم يبقَ بيد قوات المعارضة حتى اللحظة سوى جنوب دمشق، والغوطة الشرقية، والقلمون الشرقي. وتشكل هذه المواقع خطراً كبيراً على العاصمة دمشق، من وجهة نظر النظام.

مصدر عسكري معارض، قال لـ"المدن"، إن النظام اختار القلمون الشرقي عوضاً عن الغوطة الشرقية وجنوبي دمشق، للبدء بحملته، نظراً لأهمية المنطقة التي تؤمن الطريق الرباعي: طهران-بغداد-دمشق-جنوب لبنان، بالإضافة إلى تأمين المصالح الإيرانية في حماية مناجم الفوسفات في البادية السورية، وإبعاد المعارضة عنها. وكانت المليشيات الإيرانية وقوات النظام قد سيطرت على مناجم فوسفات خنيفيس والشرقية والصوانة جنوب شرقي تدمر، بعد انسحاب تنظيم "الدولة الإسلامية" منها، في نهاية أيار/مايو.

وأكد المصدر العسكري، أن النظام كان يتخوف بشكل كبير من كسر الحصار عن القلمون الشرقي، لذلك عجّل من عملياته العسكرية في المنطقة، خشية تشكيل المعارضة لقوة عسكرية كبيرة على مساحة جغرافية واسعة، خاصة بعدما رفضت فصائل المعارضة في القلمون الشرقي عروضاً سابقة لـ"المصالحة". وأشار المصدر إلى أن فصائل المعارضة كانت تخطط لفك الحصار عن القلمون الشرقي، والتوجه من بعدها إلى الغوطة الشرقية وفك الحصار عنها. وهذا ما كان يخشاه النظام، لذلك اعتبر القلمون الشرقية الأولوية لمعاركه، خاصة أن غالبية الفصائل المعارضة هناك تتلقى دعماً دولياً وسلاحاً نوعياً كراجمات الصواريخ والقواعد الحرارية وغيرها من السلاح الثقيل.

كل تلك الأسباب دفعت بالنظام وإيران للزج بكل قوتهما العسكرية، بتغطية من الطيران الروسي، لمنع فك الحصار عن القلمون الشرقي، وحماية مصالحهم في المنطقة. كما سعى النظام وحلفاؤه إلى شراء ذمم بعض الوجهاء في المنطقة، عبر توفير بعض الخدمات، وتخويفهم من الحرب القادمة، وفق مصدر "المدن".

فصائل المعارضة السورية، أكدت أنها لن تنسحب من القلمون الشرقي. قائد "قوات أحمد العبدو" النقيب أحمد تامر، وجّه رسائل من البادية السورية، أكد فيها أنه لن يترك القلمون الشرقي في حربه مع النظام، وأن قواته جاهزة لحماية المدنيين، ولن يرضخوا لأي مطلب للنظام.

ومع ازدياد حدة الصراع في المنطقة بين كافة الأطراف، لا سيما بين قوات النظام والمليشيات الإيرانية من جهة، و"التحالف" الدولي والولايات المتحدة من جهة أخرى، بعد تقدم قوات النظام شمالي قاعدة التنف والاقتراب من الحدود العراقية، تخشى قوات النظام من توسيع الولايات المتحدة لدعمها العسكري لفصائل المعارضة بحيث تشمل الجبهات ضد النظام في البادية لإجبار قواته على الإنسحاب إلى حدود المناطق الآمنة التي رسمها "التحالف الدولي".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها