الثلاثاء 2017/06/13

آخر تحديث: 12:42 (بيروت)

النقل والكهرباء: صور جديدة للفوضى في إدلب

الثلاثاء 2017/06/13
النقل والكهرباء: صور جديدة للفوضى في إدلب
خلاف بين "أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام" على تشكيل "مؤسسة الكهرباء" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أصدرت مجالس محلية في محافظة إدلب، قراراً بتشكيل مديرية النقل البري، بهدف تسجيل المركبات والآليات العامة والخاصة، وسط تحفظات كثيرة وانتقادات واجهت القرار، في حين ما تزال الكهرباء الشغل الشاغل للأهالي بعد عودة التيار الكهربائي لأيام قبل قطعه نتيجة خلافات فصائلية.

تخبط الحالة الإدارية في إدلب بلغ ذروته إثر خلاف بين "أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام" على تشكيل "مؤسسة الكهرباء"، قبل يومين. "الهيئة العامة للخدمات" التابعة لـ"أحرار الشام" أصدرت بياناً اتهمت فيه "هيئة تحرير الشام" بسرقة اسم الشركة والاستيلاء عليها، بدل أن تكون مؤسسة مدنية غير مرتبطة بجهات عسكرية.

حالة التصعيد وصلت ذروتها على تقسيم الكهرباء وعائداتها، بعدما قامت "الهيئة العامة للخدمات" التابعة لـ"أحرار الشام" بقطع التيار الكهربائي رداً على قطع "مؤسسة الكهرباء" التابعة لـ"تحرير الشام" التيار الكهربائي عن مدن سراقب ومعرتمصرين وقرى جبل الزاوية، وعدم السماح للمشافي ومحطات ضخ المياه باستخدام الكهرباء بالمجان.

"هيئة إدارة الخدمات" كانت قد حددت سعر الأمبير الواحد بمبلغ 1000 ليرة سورية، وذكرت أن التكاليف لا تتعدى 700 ليرة، أما باقي المبلغ فهو مخصص لأعمال الصيانة. في حين حددت "مؤسسة الكهرباء" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" سعر الأمبير بـ2500 ليرة، وأصرّت على جباية المستحقات من محطات ضح المياه والمشافي، وذلك وفق البيان "رقم 101" الذي أصدرته "مؤسسة الكهرباء".

نائب رئيس "هيئة إدارة الخدمات" أبو خليل، قال لـ"المدن"، إن "الهيئة العامة للخدمات دعت ممثلي إدارة الخدمات المدنية في تحرير الشام لاجتماع، والخروج برؤية متكاملة لوضع الكهرباء في المناطق المحررة من دون استجابة. ما دفع هيئة الخدمات لقطع التيار الكهربائي حتى استجابة تحرير الشام للعمل المشترك، ولتخفيض الأسعار عن الأهالي، وتقديم الكهرباء لمراكز الخدمات والمجالس المحلية والمشافي بالمجان".

وفي الوقت ذاته، تعيش محافظة إدلب حالةً من الفوضى المرورية، بسبب الانتشار الكبير للسيارات وانخفاض أسعارها، إذ يمكن شراء سيارة سياحية بمبلغ 2000 دولار أميركي، ومعظم هذه السيارات أوروبية لا تحمل لوحات تعريفية، نتيجة دخولها من معبر باب الهوى قادمةً من دول أوروبا إلى تركيا، ومنها إلى سوق سرمدا؛ وهو أكبر أسواق السيارات في الشمال. ويزيد من الأزمة وجود أنواع من السيارات تسمى محلياً بـ"لفة الرسن"، وهي مجهولة المصدر، وليس لها أوراق ملكية، ويمكن أن تكون مسروقة. وحتى السيارات معروفة المصدر والتي تحمل أوراقاً رسمية من وزارة النقل التابعة للنظام، تمت إزالة لوحاتها أسوة بباقي المركبات، فضلاً عن السيارات وعربات "بيك آب" التي تعود ملكيتها للفصائل العسكرية.

قرار تشكيل المديرية بحسب رئيس "مجلس مدينة إدلب" إسماعيل عنداني، هو حالة تنظيمية، بإعطاء لوحات مرورية خاصة تصدر عن المديرية للعربات في المناطق المحررة، فمعظم المركبات لا تحمل لوحات مرورية أو أوراق تثبت ملكيتها، إضافة الى وجود سيارات تحمل لوحات مزورة، وتفرض المخاطر المحتملة في إدلب من حوادث مرورية أو حوادث سرقة تنظيم أمور المركبات. عنداني قال لـ"المدن"، إن "غايتنا مراقبة المركبات كهدف أولي والتعرف عليها في حال تعرضت للسرقة أو الحوادث المرورية، وتم إصدار لائحة تعريفية بتكلفة ترسيم السيارات وهي بين 2000 ليرة سورية للدراجات النارية (سعر صرف الدولار 530 ليرة سورية)، وحتى 20 ألفاً للمركبات التي يزيد وزنها عن 8 طن. وهذه التكاليف رمزية تغطي تكاليف اللوحات والدفتر والورقيات، وما تبقى من الرسوم ستعود للمجالس المحلية، وهذه المبالغ قليلة إذا ما قورنت برسوم التسجيل في مناطق النظام والبالغة حوالي 60 ألف ليرة".

وفي ما يخص السيارات التابعة للفصائل العسكرية، أشار عنداني إلى عدم وجود آلية واضحة إلى الآن، ويمكن في المستقبل تحديد آلية لذلك، وستعتمد المديرية على الفصائل العسكرية وقواتها الأمنية في مدينة إدلب، ومن الشرطة الحرة، والشرطة الإسلامية، في تطبيق قرارات المديرية وتنفيذ المخالفات.

وأعطت المديرية مهلة 3 شهور لأصحاب المركبات والعربات والدراجات النارية والمركبات الزراعية، ابتداءً من مطلع حزيران/يونيو وحتى أيلول/سبتمبر. وفي حال عدم الالتزام سيتعرض أصحاب المركبات للمساءلة القانونية، وإجراءات قانونية بحق المتخلفين عن التسجيل، من دون توضيح تلك الإجراءات.

وعقب صدور قرار تشكيل "مديرية النقل البري" لترسيم المركبات، سادت حالة من الاستهجان في المحافظة، بعضها رفض قرار تشكيل المديرية، والبعض الآخر تناول مشكلات المركبات في إدلب.

نائب وزير "الإدارة المحلية" في الحكومة السورية المؤقتة المحامي أحمد قسوم، قال لـ"المدن"، إن "تشكيل مديرية النقل على هذا النحو غير قانوني، فلا يجب تشكيلها من مجلس مدينة. واقتراح تشكيلها يرفع من مجلس محافظة إدلب إلى وزارة الخدمات، التي تدرس المشروع، وبناءً على الدراسة يتم تشكيل المديرية". وأوضح قسوم، أن مجلس مدينة إدلب ومجالس مدن معرة النعمان وأريحا وخان شيخون، هي من أعلنت تشكيل المديرية من دون الرجوع لمجلس محافظة إدلب أو الحكومة السورية المؤقتة. وهذه المجالس هي وحدات إدارية، "لدينا في محافظة إدلب 160 وحدة إدارية، والجسم المسؤول عنها إدارياً وقانونياً هو مجلس المحافظة" بحسب قسوم.

بدوره رفض مجلس محافظة إدلب تشكيل مديرية نقل في المحافظة من دون أخطاره بالأمر، باعتباره السلطة المحلية الأعلى. رئيس المكتب القانوني في مجلس المحافظة، المحامي فراس المنديل، قال لـ"المدن"، إن قرار إنشاء مديرية النقل بعيداً عن هذه المظلة هو "خطوة غير محسوبة العواقب، خاصة في مسألة الإيرادات، وما ستفرضه من صراعات مستقبلية ومحاصصات". وأوضح المنديل أنه وطيلة الأعوام السابقة "حاولنا تحييد المؤسسات عن العسكرية، وبناء مؤسسات بحسب الاحتياجات، لذلك بدأنا بمديرية الصحة والتربية، والآن مديريتي السجل المدني والزراعة"، وأشار إلى حالة الفوضى التي ستشمل وضع المركبات، "فكيف يمكن تطبيق هذا القرار في مدينة إدلب ولا يطبق في جسر الشغور أو سراقب أو حارم؟ وكيف سيكون حكم المركبات في هذه المناطق التي لم تشارك مجالسها في قرار تشكيل المديرية؟ فضلاً عن عدم وجود قوة تنفيذية مهمتها تطبيق المخالفات".

استمرار التخبط الإداري في إدلب، سببه قد يعود إلى سيطرة بعض الفصائل العسكرية على بعض المديريات، وتهميش المؤسسات المدنية والمجالس المحلية، ورفض الفصائل تسليم الشؤون المدنية لهيئات مدنية منتخبة، وتخبط بعض الهيئات المدنية وغياب التنسيق والمتابعة للوصول إلى مؤسسات تقدم الخدمات لقرابة 3 ملايين شخص يعيشون في محافظة إدلب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها